
الناشطة روث هيربرت للأناضول: - هدفي لفت الأنظار إلى المعاناة الإنسانية في فلسطين وجمع الدعم المادي لصالح الخدمات الطبية للفلسطينيين - أردت في هذه الفترة الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني أن أقوم بعمل إيجابي يمنح الأمل ويعزز التضامن معه - لا يمكننا الوقوف متفرجين على تدمير حياة الناس وتهجيرهم من منازلهم علينا الاستمرار في الكفاح من أجل العدالة
منذ أكثر من ستة أشهر، تواصل الناشطة البريطانية روث هيربرت، السير من المملكة المتحدة إلى مدينة إسطنبول، في رحلة أطلقت عليها اسم "المسيرة الكبرى من أجل فلسطين"، بهدف جمع التبرعات لصالح مؤسسة الإغاثة الطبية للفلسطينيين (منظمة خيرية بريطانية غير حكومية).
وقالت هيربرت البالغة من العمر 52 عاما للأناضول، إنها انطلقت من منزلها في بلدة آرنسايد البريطانية في 2 مايو/ أيار 2025، وقطعت مسافة طويلة عبر بريطانيا وفرنسا وسويسرا وإيطاليا وسلوفينيا والجبل الأسود وألبانيا ومقدونيا الشمالية واليونان قبل أن تصل إلى مشارف إسطنبول.
وأضافت أنها ستختتم رحلتها غدا السبت 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري بعد أن جمعت حتى الآن نحو 50 ألف جنيه إسترليني (نحو 66 ألف دولار)، مبيّنة أن هدفها هو لفت الأنظار إلى المعاناة الإنسانية في فلسطين وجمع الدعم المادي لصالح الخدمات الطبية للفلسطينيين.
وحذرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أخيرا من تحديات كارثية تواجهها الطواقم الطبية جراء تفاقم أزمة نقص الأدوية والمستهلكات الطبية، بسبب حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة بدعم أمريكي على مدار عامين.
وأوقف اتفاق لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وحماس دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، إبادة جماعية ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 خلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بنحو 70 مليار دولار.
إلا أن إسرائيل ارتكبت العديد من الخروقات للاتفاق أدت إلى مقتل وإصابة مئات الفلسطينيين، كما أنها لا تزال تفرض قيودا على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
** فكرة لجمع التبرعات
وتحدثت هيربرت عن الدافع وراء رحلتها الطويلة قائلة: "ما دفعني لذلك هو رؤية معاناة الفلسطينيين ورغبتي في فعل شيء لأجلهم".
وأضافت أن المشاركة في التظاهرات ضد الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين "كانت أمرا معتادا، لكني شعرت أن ذلك غير كاف، وأردت دعم مؤسسة الإغاثة الطبية للفلسطينيين لذلك جاءت فكرة المسيرة كوسيلة لجمع التبرعات".
وأردفت هيربرت: "أردت في هذه الفترة الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني أن أقوم بعمل إيجابي يمنح الأمل ويعزز التضامن معه"، مشيرة إلى أنها خلال رحلتها عبر أوروبا التقت بالكثير من الأشخاص الذين يدعمون القضية الفلسطينية.
وقالت: "انطلقت بهدف تقديم شيء يمنح الأمل وسط الأحداث المروعة والخسائر المؤلمة في فلسطين".
وتابعت هيربرت: "المشاهد المروعة القادمة من غزة آلمت الإنسانية جمعاء".
ومضت قائلة: "أردت أن أحقق فائدة مزدوجة العناية الشخصية الصحية والنفسية والجسدية من خلال السير في الطبيعة، وفي الوقت نفسه أقدم دعما معنويا وماديا للفلسطينيين، والآن بعد مضي 6 أشهر ونصف، سأختتم رحلتي السبت في إسطنبول".
**دعم واسع من الأصدقاء والمجتمع
وأوضحت هيربرت أنها حظيت بدعم كبير من أصدقائها المؤيدين لفلسطين في لانكستر (شمال غرب إنجلترا)".
وأضافت: "منذ انطلاقي، قدّم لي الكثيرون المساعدة في التخطيط والتنظيم، خلال الرحلة أقمتُ في مخيمات عدة، ووجدت كرما وإنسانية لا توصف من الناس الذين التقيتهم".
وتابعت هيربرت: "في نهاية المطاف، الأمر بسيط، تضع قدمك أمام الأخرى وتواصل السير، أحيانا تختار مكانا عشوائيًا وتقرر أن تصل إليه"، مشيرة إلى أن الدعم الذي تلقته من بلدها "كان مذهلا".
** نحتاج إلى السلام والعدالة
ودعت الناشطة البريطانية إلى "استمرار النضال السلمي من أجل فلسطين"، مؤكدة أن "التحركات الفردية عندما تتجمع تحدث تأثيرا واسعا".
وأضافت: "حين يقوم كل فرد منا بفعل شيء، نصنع معا موجة كبيرة، ومع اتساعها ينضم مزيد من الناس، ويشعر الجميع أنهم ليسوا وحدهم، فالعالم كله يتفاعل بقوة مع ما يحدث في فلسطين".
وأردفت هيربرت: "ربما لا يعرف بعض الناس ماذا يمكنهم أن يفعلوا، لكن كل خطوة نتخذها توحد من يشاركوننا المشاعر نفسها حول العالم، وتشكل مجتمعا قويا (..) علينا أن نحافظ على الأمل ونواصل النضال، فكل مقاومة تحتاج إلى وقت وجهد واستمرارية".
وشددت على أن ما يجري في فلسطين يمثل اختبارا لإنسانية العالم، قائلة: "طريقة تعاملنا تجاه القضية الفلسطينية يظهر كيف سنؤثر في كوكبنا بأكمله".
وتابعت هيربرت: "لا يمكننا الوقوف متفرجين على تدمير حياة الناس وتهجيرهم من منازلهم، علينا الاستمرار في الكفاح من أجل العدالة، ولهذا أقول إننا بحاجة إلى السلام والعدالة من أجل فلسطين".
**تجربة إنسانية مؤثرة
وأعربت هيربرت عن اعتزازها بهذه التجربة "رغم صعوبتها الجسدية"، موضحة أنها قطعت مسافة مرهقة عبر 12 دولة، وشهدت العديد من مواقف الكرم، من تقديم الطعام المجاني إلى توفير أماكن الإقامة على طول الطريق.
وأضافت أنها باتت قريبة جدا من تحقيق هدفها بجمع 50 ألف جنيه إسترليني لصالح المؤسسة الإغاثية، مشيرة إلى أن العودة إلى المنزل ستكون تغيرا كبيرا بعد أكثر من ستة أشهر من السير اليومي.
وقالت هيربرت: "أستعد نفسيا لذلك، فالعودة ستكون صعبة قليلا، وأخطط أن تكون بالقطار لأرى المسافة التي قطعتها بالكامل، ثم سأتوجه إلى لندن للقاء عائلتي".
واختتمت الناشطة البريطانية حديثها بدعوة مؤثرة قائلة: "تحدثوا دوما من أجل فلسطين، ولا تصمتوا".






