
- المسن أبو علاء للأناضول: الخيمة امتلأت بمياه الأمطار - محمد الجاروشة للأناضول: غرقنا في مياه الأمطار نحتاج حلول - صابر قواس الذي تعاني طفلته من السرطان قال للأناضول إن خيمتهم انهارت وتكسرت بفعل الأمطار
لم تصمد خيام قطاع غزة الهشة أمام أولى قطرات المطر؛ إذ تمزق بعضها خلال دقائق، بينما غمرت المياه أرضياتها، تاركة العائلات في العراء بلا أي غطاء.
وفي لحظات، تحولت الأقمشة البالية التي تشكل مسكنهم الوحيد إلى برك من الطين تحاصر أقدام الأطفال وتبتل فوق رؤوس الأمهات اللواتي يحاولن عبثا حماية ما تبقى من الفراش.
معركة جديدة
وبينما كانت السماء تمطر بغزارة، وجد الآلاف من النازحين أنفسهم يخوضون معركة جديدة مع المطر، كما خاضوا من قبل معركتهم مع التجويع والإبادة الإسرائيلية التي استمرت لعامين؛ يجففون ما يمكن إنقاذه من الأغطية، ويرفعون أطراف الخيام المتهالكة بعيدا عن مياه الأمطار المتسربة.
وأمام غياب أي بنية تحتية، انتشرت مشاهد الأهالي وهم يكدسون الحجارة والرمال لرفع فرش النوم عن الأرض، فيما كان آخرون يبحثون عن أي زاوية جافة يلجؤون إليها بعد تلك الأمطار.
وفي وقت سابق الجمعة، اجتاحت مياه الأمطار الناتجة عن المنخفض الجوي مئات خيام النازحين ومراكز الإيواء، ما زاد من تفاقم الوضع الإنساني المأساوي المتراكم جراء عامين من حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين.
ويأتي ذلك بينما تحشر العائلات في مساحة ضيقة خلف ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، بعدما منعتهم إسرائيل من العودة إلى منازلهم التي دمرتها خلال الإبادة.
ويشكل "الخط الأصفر" حدا فاصلا بين مناطق ما زال الجيش الإسرائيلي يسيطر عليها وأخرى انسحب منها بموجب وقف إطلاق النار الساري منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما يستهدف الجنود الفلسطينيين الذين يقتربون من هذا الخط دون أن يتجاوزوه أو الاقتراب منه.
ويعيش النازحون واقعا مأساويا بسبب انعدام مقومات الحياة وصعوبة الوصول إلى مستلزمات أساسية ونقص تقديم الخدمات الحيوية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي.
ويتخذ معظم هؤلاء النازحين من الخيام التالفة مأوى لهم، فيما قدر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، أن نسبة الخيام التي لم تعد صالحة للإقامة في القطاع بلغت نحو 93 بالمئة، بواقع 125 ألف خيمة من أصل 135 ألفا.
خيام غارقة
وسط هذا الواقع القاسي، لا يعرف المسن الفلسطيني أبو علاء، ما الذي يمكن فعله بعد أن غرقت خيمته، عقب تدمير منزله في شمال قطاع غزة، الذي يمنعه الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه.
وقال أبو علاء، للأناضول: "الخيمة والفراش امتلآ بمياه الأمطار"، موضحا أنه بات بحاجة لخيمة ومأوى بعد فقدان منزله وعدم وجود أي مكان يلجأ إليه.
ولا يختلف حال محمد الجاروشة عن سابقه، إذ يعاني من وضع مالي صعب، ولا يملك المال لشراء النايلون لتغطية خيمته القماشية التي امتلأت بالمياه مع أول منخفض جوي يضرب غزة هذا العام.
وقال الجاروشة للأناضول: "غرقنا في مياه الأمطار، نحتاج حلول، عشنا حرب إبادة، والآن نعيش حربا جديدة".
وأضاف: "لا أحد ينظر إلينا في ظل الوضع المأساوي الذي نعيشه".
مأساة المرض والخيام المنهارة
أما الفلسطيني صابر قواس، الذي تعاني طفلته البالغة من العمر عامين من السرطان، فقال إن خيمتهم انهارت وتكسرت بفعل الأمطار.
وأضاف قواس، للأناضول، أنه يعيش حاليا في الشارع ولا يملك المال لشراء خيمة جديدة أو أي جهة تقدم له المساعدة.
ورغم انتهاء الحرب بسريان اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إلا أن واقع المعيشة لفلسطينيي غزة لم يشهد تحسنا في ظل القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني من الاتفاق.
وعلى مدار نحو عامين من الإبادة تضررت عشرات آلاف الخيام بفعل القصف الإسرائيلي الذي أصابها بشكل مباشر أو استهدف محيطها، فيما اهترأ بعضها بسبب عوامل الطبيعة من حرارة الشمس المرتفعة صيفا والرياح شتاء.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق النار، حرب إبادة جماعية بدأتها إسرائيل في 8 أكتوبر 2023، واستمرت لعامين، وخلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف جريح، ودمارا هائلا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية، بخسائر أولية قدرت بـ 70 مليار دولار.






