الحكم بالإعدام

08:3723/11/2025, الأحد
تحديث: 23/11/2025, الأحد
طه كلينتش

حُكم على رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة، الشيخة حسينة (78 عاماً)، بالإعدام من قبل محكمة ذات سلطة استثنائية في العاصمة دكا، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بعد إصدارها أوامر لقوات الأمن بقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي جرت العام الماضي. إن القضية المرفوعة ضد الشيخة حسينة و45 شخصية رفيعة المستوى من نظامها، والتي لجأت إلى الهند بعد استقالتها من منصبها في 5 أغسطس 2024، بُنيت على لائحة اتهام شاملة تتكون من 14 مجلداً و10 آلاف صفحة. ولضمان شفافية المحاكمة، بُثت الجلسات على الهواء مباشرة،وعُرضت العديد

حُكم على رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة، الشيخة حسينة (78 عاماً)، بالإعدام من قبل محكمة ذات سلطة استثنائية في العاصمة دكا، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بعد إصدارها أوامر لقوات الأمن بقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي جرت العام الماضي.

إن القضية المرفوعة ضد الشيخة حسينة و45 شخصية رفيعة المستوى من نظامها، والتي لجأت إلى الهند بعد استقالتها من منصبها في 5 أغسطس 2024، بُنيت على لائحة اتهام شاملة تتكون من 14 مجلداً و10 آلاف صفحة. ولضمان شفافية المحاكمة، بُثت الجلسات على الهواء مباشرة،وعُرضت العديد من الأفلام والوثائقيات طوال فترة المحاكمة، كما استمعت المحكمة إلى شهادات أكثر من 80 شاهدًا، من بينهم متظاهرون وأطباء وأكاديميون أصيبوا في الحوادث.

ووجّهت المحكمة للشيخة حسينة خمس تهم رئيسية: 1) قيادة عمليات القتل الجماعي للمتظاهرين، 2) إصدار أوامر باستخدام أسلحة وآليات فتاكة جوًا وبرًا، 3) تصفية شخصيات معارضة بارزة، 4) إخفاء جثث القتلى، 5) التنسيق الشخصي لملاحقة وقتل المتظاهرين في مناطق معينة. وثبتت إدانة الشيخة حسينة في التهمة الثانية وحُكم عليها بالإعدام.

كانت الأولوية القصوى للحكومة الانتقالية بقيادة الخبير الاقتصادي محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل والعالمي الشهير، والذي تولى منصب رئيس الوزراء مؤقتاً لحين إجراء الانتخابات العامة المنتظرة في فبراير 2026، هي محاكمة حسينة وإعادتها إلى البلاد وتنفيذ العقوبة. وبهذا القرار، تحقق الهدف الأول على أجندة الحكومة المؤقتة جزئياً.

ومن اللافت أن المحكمة التي أصدرت حكم الإعدام بحق الشيخة حسينة، قد أُسست عام 2010 على يد حسينة نفسها للقضاء على معارضيها السياسيين. وكانت المحكمة تركز بشكل خاص على الصراعات الداخلية التي اندلعت إبان حصول بنغلاديش على استقلالها عام 1971، حيث أصدرت أحكامًا بالإعدام بحق العديد من أعضاء حزب الجماعة الإسلامية الذين دعموا الوحدة مع باكستان في ذلك الوقت، واليوم وقعت نفس المحكمة القرار الذي سيقود مؤسستها إلى حبل المشنقة.

وتطالب الحكومة الانتقالية البنغلاديشية بتسليم الشيخة حسينة بموجب "اتفاقية تسليم المجرمين المتبادل" الموقعة بين بنغلاديش والهند عام 2013. ولكن في ظل الظروف الحالية، يبدو أن تسليم إدارة دلهي لحسينة إلى بنغلاديش صعب الموقعة، بل مستحيل. فمنذ تأسيس بنغلاديش، لم يغب شبح الهند عن هذا البلد. كما أن الشيخة حسينة ربطت مصالحها الشخصية ومستقبلها بالدعم الهندي، وهو ما يجعل لجوءها إلى هناك نتيجة طبيعية لعلاقات متجذرة على مدى عقود. وهذا ليس مفاجئًا، فالأمور أخذت منحنى خاطئا منذ البداية.

ففي صيف عام 1947، قسم البريطانيون شبه القارة الهندية إلى دولتين مستقلتين باسم الهند وباكستان. ولكن باكستان انقسمت إلى باكستان الشرقية وباكستان الغربية، ويفصل بينهما أكثر من 2000 كيلومتر من الهند. وقد قامت الهند باستفزاز باكستان الشرقية باستمرار وتحريضها ضد الغرب، وقدمت دعماً نشطاً لتمرد القوميين البنغاليين عام 1971، وبعد الصراعات الدامية نفصلت بنغلاديش الحالية فعليًا عن باكستان وأعلنت استقلالها.

والشيخة حسينة، التي تنتمي إلى أيديولوجية علمانية يسارية، هي ابنة الشيخ مجيب الرحمن، الزعيم المؤسس لبنغلاديش. وبعد مقتل والدها ومعظم أفراد عائلتها خلال الانقلاب العسكري عام 1975، انخرطت حسينة في السياسة، وارتبطت حياتها السياسية بصراعها ضد خالدة ضياء، زوجة الجنرال ضياء الرحمن، زعيم الحزب القومي البنغلاديشي. وقد شلت هذه المرحلة التي عُرفت في تاريخ البلاد باسم "صراع البيجوم"، الحياةَ السياسية في بنغلاديش منذ سبعينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا. واتسمت فترة حكم خالدة ضياء، التي تولت منصب رئيسة الوزراء مرتين بين عامي 1991-1996 و 2001-2006، بالفساد والمخالفات. لكن الشيخة حسينة تجاوزت منافستها بمراحل خلال فترتي رئاستها للوزراء (1996-2001 و 2009-2024).

واستقبل معارضو الشيخة حسينة في بنغلاديش حكم الإعدام الصادر بحق حسينة بفرح عرم، ولا تزال الحتفالات تقام في الشوارع. ولكن السؤال الأساسي لا يزال مطروحاً: هل ستزول العيوب الهيكلية في البلاد بإعدام حسينة؟ الجميع يتفق على أن الإجابة هي "لا".

#الحكم بالإعدام
#بنغلاديش
#الهند
#الشيخة حسينة