يترقب العالم الانتخابات الأمريكية التي ستُجرى اليوم. وفقًا لعلاقاتها، تتمنى كل دولة إما أن يصبح دونالد ترامب أو كامالا هاريس رئيسًا للولايات المتحدة. في عام 2016، فوجئت دول العالم الغربي برئاسة ترامب دون استعداد كافٍ. أما الآن، فيبدو أن الدول الأوروبية الرائدة، وعلى رأسها ألمانيا، أكثر استعدادًا لاحتمال عودة ترامب إلى الرئاسة. شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا توترًا كبيرًا خلال فترة حكم ترامب. مطالبته الدول الأعضاء في الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي، ورفع الرسوم الجمركية، وانسحاب الولايات
يترقب العالم الانتخابات الأمريكية التي ستُجرى اليوم. وفقًا لعلاقاتها، تتمنى كل دولة إما أن يصبح دونالد ترامب أو كامالا هاريس رئيسًا للولايات المتحدة. في عام 2016، فوجئت دول العالم الغربي برئاسة ترامب دون استعداد كافٍ. أما الآن، فيبدو أن الدول الأوروبية الرائدة، وعلى رأسها ألمانيا، أكثر استعدادًا لاحتمال عودة ترامب إلى الرئاسة.
شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا توترًا كبيرًا خلال فترة حكم ترامب. مطالبته الدول الأعضاء في الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي، ورفع الرسوم الجمركية، وانسحاب الولايات المتحدة من "اتفاقية باريس للمناخ" كانت من أبرز العوامل التي زادت من التوتر مع أوروبا.
كما أن قرار ترامب بسحب الولايات المتحدة من "اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ" أضرّ بالعلاقات مع دول آسيا والمحيط الهادئ. هذه السياسات كانت تُعتبر تهديدًا للتناغم الذي يقوم عليه النظام العالمي القائم على القواعد الليبرالية المزعومة.
أما عن سياساته تجاه الصين، فإن بدء "الحروب التجارية" مع بكين فتح أبواب "حرب باردة" جديدة. من جهته، تولى جو بايدن دورًا تصالحيًا وأعلن عودة أمريكا إلى الغرب، وكان من أولى خطواته إعادة انضمام الولايات المتحدة إلى "اتفاقية باريس للمناخ". ومع ذلك، استمر بايدن في "الحروب التجارية" التي بدأها ترامب مع الصين.
تُعد روسيا والصين من أكثر الدول المتأثرة بالنتائج المحتملة للانتخابات الأمريكية، حيث تُجري موسكو وبكين حساباتهما حول تأثيرات النتائج المحتملة على العلاقات مع واشنطن.
مقارنة بفترة ترامب، انتهج بايدن سياسة أكثر تشددًا تجاه روسيا. فقد اعتبر بايدن أن الولايات المتحدة هي قائدة العالم الغربي، وأعلن أن العالم يشهد صراعًا وجوديًا بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية.
في هذا السياق، سعى بايدن إلى بناء تحالف عالمي ضد روسيا والصين. أما ترامب، فلم يكن لديه مثل هذه التصنيفات؛ فقد كان يرى أن السياسات العالمية والاتفاقيات الدفاعية والتجارية المتعددة تُضعف الولايات المتحدة وتُعزز من قوة الصين. ومن الواضح أن العالم الغربي لا يرغب برؤية ترامب في البيت الأبيض.
أما بالنسبة لبكين، فأعتقد أنها تفضل رؤية ترامب في البيت الأبيض باعتباره الخيار الأقل ضررًا بدلاً من كامالا هاريس التي يُعتقد أنها ستواصل سياسة بايدن تجاه الصين.
فقد أكد بايدن مرارًا أن الولايات المتحدة ستدافع عسكريًا عن تايوان في حال قيام الصين بمحاولة غزوها. وفي كل مرة كانت إدارة البيت الأبيض تسعى لتصحيح هذه التصريحات بحجة أنها أسيء فهمها، مشددة على التزام الولايات المتحدة بسياسة "الصين الواحدة". ومع ذلك، لا ترى بكين أن تصريحات بايدن مجرد زلات لسان.
داخل الولايات المتحدة، هناك توافق بين الحزبين على ضرورة وقف الصعود الاقتصادي والعسكري للصين وضمان ألا تتفوق على الولايات المتحدة في أي مجال. الاختلاف بين الحزبين يتمثل في الأسلوب والوسائل فقط. يشعر الصينيون بالقلق من النهج الأيديولوجي الذي يتبعه الليبراليون العالميون في تعاملهم مع الصين وسعيهم لتشكيل تحالف دولي في هذا السياق. ويبرر الليبراليون المتشددون المنافسة بين الصين والولايات المتحدة على أنها صراع بين نظامين، نموذجين، وقيم مختلفة، وهو ما تعتبره بكين وصفًا أكثر خطورة.
الصين قد تعتقد في ترامب خصمًا صاخبًا لكنه أكثر قابلية للسيطرة. معارضة ترامب للسياسات العالمية قد تؤدي إلى حدوث تصدعات في التحالفات ضد الصين، ما قد يكون له تأثير إيجابي على علاقات بكين مع العالم الغربي ودول منطقة آسيا-المحيط الهادئ. ولا تعتقد بكين أن ترامب قد يجازف بالتصعيد مع الصين بسبب تايوان. ومن وجهة نظر بكين، فإن احتمالية التفاوض مع ترامب أعلى من احتمالية التفاوض مع هاريس.
كما ترى الصين أن توصل ترامب إلى اتفاق مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا قد يساهم في تحسين سياسة الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية. ومع ذلك، فإن القضية الأهم التي تثير قلق بكين، رغم أنها تتجنب التفكير فيها، هي احتمال أن يؤثر اتفاق بين بوتين وترامب سلبًا على العلاقات الروسية الصينية. حاليًا، لا يعتبر الصينيون هذا السيناريو مرجحًا.
خلال فترة الحرب الباردة، وتحديدًا في أوائل السبعينيات، قام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بخطوة غير متوقعة عندما زار بكين وأطلق حوارًا بين الولايات المتحدة والصين، مما أسهم لاحقًا في دمج الصين ضمن النظام العالمي. اليوم، هناك بعض النخب في السياسة الخارجية الأمريكية التي تدعو إلى التوصل لاتفاق مع روسيا لعزل الصين. ويعتقد هؤلاء أن الاتفاق مع الصين في الماضي كان قد حدّ من نفوذ الاتحاد السوفيتي الإقليمي، في حين أن الاتفاق مع روسيا الآن قد يضعف النفوذ العالمي للصين.
تقوم بكين بحسابات دقيقة لتحديد أي من المرشحين هو الأقل ضررًا لمصالحها. وقد ترى الصين أن رئاسة ترامب ستكون خيارًا أقل ضررًا للصين مقارنةً بكامالا هاريس.