المغرب بدون أضاحي العيد.. الدواعي والتداعيات

11:142/06/2025, الإثنين
الأناضول
المغرب بدون أضاحي العيد.. الدواعي والتداعيات
المغرب بدون أضاحي العيد.. الدواعي والتداعيات

* الملك محمد السادس أعلن في فبراير إلغاء ذبح الأضحية للعام الحالي نتيجة "تراجع كبير بأعداد الماشية" ** الخبير الاقتصادي المغربي زهير الخيار للأناضول: - كان لابد من اتخاذ هذا القرار وتنفيذه لإنقاذ البلاد من أزمة خانقة قد تمتد لعدة سنوات - سيحصل انخفاض في الطلب على الماشية لكن بائعي الأغنام سيتلقون دعما حكوميا - المستهلك مستفيد كونه يعاني مؤخرا من ضعف شديد في القدرة الشرائية بحكم الغلاء والتضخم

رغم إعلان ملك المغرب محمد السادس إلغاء ذبح الأضاحي للعام الحالي بسبب "التراجع الكبير في أعداد الماشية"، إلا أن النقاش بشأن القرار وتداعياته برز مجددا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك.

وفي فبراير/ شباط قال الملك برسالة وجهها للمواطنين، تلاها وزير الأوقاف أحمد التوفيق: "أخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء الشعب، لا سيما ذوي الدخل المحدود".

ودعا العاهل المغربي إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة، مبررا هذه الخطوة بما تواجهه البلاد من تحديات مناخية واقتصادية أدت إلى تراجع كبير في أعداد الماشية.

وفي الشهر ذاته، أعلن وزير الفلاحة أحمد البواري تراجع إجمالي القطيع الوطني من المواشي بـ 38 بالمئة مقارنة بـ2016، التي تم خلالها إجراء الإحصاء الوطني للقطاع الفلاحي.

وأصبح الجفاف - يضرب المغرب للعام السابع - أحد أهم التحديات التي تواجه قطاع الزراعة الذي يمثل عصب الناتج المحلي، باعتباره مصدرا رئيسا لدخل 40 بالمئة من اليد العاملة في البلاد، وفق إحصاءات وزارة الفلاحة.

** تداعيات متنوعة

زهير الخيار، الخبير الاقتصادي المغربي، قال للأناضول إن قرار إلغاء أضحية العيد له تداعيات اقتصادية واجتماعية ونفسية إيجابية.

وأضاف: "كان لابد من اتخاذ هذا القرار وتنفيذه، لأنه في حالة حصل العكس ستشهد البلاد أزمة خانقة على مستوى القطيع المغربي، وقد تمتد الأزمة إلى عدة سنوات".

ولفت الخيار إلى "ضرورة التفريق بين الآثار التي سيخلفها القرار على بائعي الأغنام والمستهلكين".

وبالنسبة لبائعي الأغنام، أوضح أن "انخفاضا سيحصل في الطلب على الأغنام خلال هذه الفترة مقارنة مع السنوات الماضية"، لكنهم لن يتضرروا بسبب الدعم المقدم لهم "خاصة وأن الأغنام سيتم الحفاظ عليها واستعمالها لتلبية الحاجيات اليومية للمواطنين".

وفيما يتعلق بالمستهلك، أشاد الخبير بقرار المنع، معتبرا أنه" كان في محله، كون المستهلك المغربي يعاني من ضعف شديد في القدرة الشرائية مؤخرا".

وأشار إلى أن القدرة الشرائية للكثير من المواطنين لن تمكنهم من اقتناء خروف العيد، بحكم "الغلاء والتضخم".

ولفت إلى أن "القرار يساهم في تنفيس ضغط القدرة الشرائية على المواطن، فهو لم يعد ملزما الآن باقتناء الأضحية، خاصة وأن المغاربة يحرصون على شراء الأضحية رغم ضعف الموارد المادية".

وأنفقت الأسر المغربية أكثر من 18 مليار درهم ( 1.8 مليار دولار) في عيد الأضحى لعام 2023، وفق المندوبية السامية للتخطيط، الأمر الذي ساهم بتحريك عجلة العديد من القطاعات، مثل المواشي والنقل والتجارة.

وبلغ معروض المواشي خلال عيد الأضحى في العام 2024 نحو 7.8 ملايين رأس، مقابل 6 ملايين طلب، فضلا عن تخصيص الحكومة دعما لمستوردي الأغنام.

** صمام أمان

الخبير الاقتصادي قال إن قرار إلغاء الأضحية يعد "صمام أمان" للمستهلك من جهة، وسيمكن من استرجاع قوة القطيع العام المقبل، من جهة ثانية.

وأشار إلى تداعيات اجتماعية ونفسية إيجابية للقرار، حيث لم يعد عدم ذبح خروف العيد أمرا مقلقا، بل مسألة عادية، مقارنة مع السنوات الماضية.

وتابع: "هناك أيضا انعكاسات نفسية أو ما يصطلح عليه اقتصاديا، العوامل النفسية للنمو، وهي أن المستهلك لن يتأثر بعدم امتلاكه لخروف العيد، وستكون حالته النفسية مرتاحة".

ووصف قرار الإلغاء بـ"الحكيم" لأنه "خفف على المواطنين عدة ضغوط من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والنفسية".

ولفت بيان سابق للمندوبية إلى أن "ممارسة شعيرة عيد الأضحى ما تزال سائدة في المجتمع المغربي، إذ إن 12.6 بالمئة فقط من الأسر المغربية لا تمارس هذه الشعيرة، خاصة الأسر المكونة من شخص واحد".

واعتبرت المندوبية أن "عيد الأضحى من أهم الأعياد الدينية بالنسبة للمغاربة، ولا يقتصر على أبعاده الروحية فقط، بل له تداعيات مالية كبيرة على الأسر".

وأوضحت أن نفقة أضحية عيد الأضحى، تمثل 30 بالمئة من إجمالي النفقات السنوية للأسر المخصصة اللحوم.

** تقوية القطيع

والأسبوع الماضي أعلن وزير الفلاحة إجراءات لدعم مربي الماشية وتحسين أوضاعهم، وإعادة تشكيل القطيع الوطني بشكل مستدام.

وخصصت الحكومة 300 مليون دولار تشمل إعادة جدولة ديون مربي المواشي، ودعم الأعلاف وتلقيح القطيع، إضافة إلى 320 مليون دولار عام 2026، مخصصة لدعم مالي موجهة للمربين الذين انخرطوا في الحفاظ على إناث الماشية لضمان استدامة القطيع الوطني.

ولفت إلى أنه "تم الحرص على أن تكون عملية إعادة تكوين القطيع ناجحة على جميع المستويات، بكل مهنية، ووفقا لمعايير موضوعية، وأن يوكل تأطير عملية تدبير الدعم إلى لجان تشرف عليها السلطات المحلية".

وأوضح الوزير أن من بين تلك الإجراءات إعادة جدولة ديون مربي الماشية، عبر التخفيف من تراكم ديون نحو 50 ألف مربي.

ومن بين الإجراءات، دعم الأعلاف من خلال تخفيض أسعاره، إضافة لإطلاق عملية ترقيم إناث الماشية ومواكبة إجراءات منع ذبح الإناث للحفاظ على القطيع الوطني، بهدف بلوغ أكثر من 8 ملايين رأس من إناث الأغنام والماعز حتى مايو/ أيار 2026.

كما سيتم بحلول التاريخ ذاته تقديم دعم مباشر للمربين بقيمة 40 دولار، عن كل رأس من الإناث التي تم ترقيمها ولم يتم ذبحها، وذلك لتعويضهم عن تكلفة الاستمرار في الحفاظ على القطيع.

** سؤال الحوكمة

وبحسب مراقبين وبعض أحزاب المعارضة، فإن تناقص عدد القطيع لا يعود فقط إلى الجفاف، بل إلى أمور أخرى تتعلق بالحوكمة، حيث لا يزال موضوع دعم مستوردي الأغنام خلال السنتين الأخيرتين يثير جدلا ما بين الحكومة والمعارضة.

واتهمت بعض أحزاب المعارضة جهات حكومية بإفشال إنشاء لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول استفادة بعض الشركات من دعم عمومي لاستيراد الأغنام خلال السنتين الماضيين، إلا أن هذا الدعم لم ينعكس على أسعار المواشي.

وفي أبريل/ نيسان، أعلنت وزارة الفلاحة أن دعم استيراد الأغنام استهدف 156 مستوردا بقيمة مالية بلغت 44 مليون دولار، من بينهم 61 مستوردا سنة 2023 و95 مستورد سنة 2024.

وبحسب بيان للوزارة، فإنه تم استيراد ما يناهز 875 ألف رأس من الأغنام موزعة على 386 ألف رأس عام 2023، و489 ألف رأس خلال عام 2024.

وأضاف البيان: "في ظل ارتفاع نسب التضخم عالميا وتوالي سنوات الجفاف، أقرت الحكومة منذ تنصيبها حزمة إجراءات تروم دعم القدرة الشرائية للمواطنين"، كما تم توكيل قضية إعادة تشكيل القطيع إلى وزارة الداخلية بدلا من الفلاحة.

وبخصوص الجفاف، أعلنت وزارة الماء والتجهيز قبل أيام، وصول السعة التخزينية لمياه السدود في البلاد إلى 40.1 بالمئة من قدرتها الاستيعابية، بعد الأمطار الأخيرة التي شهدتها مختلف المناطق.

ووفق بيانات الوزارة المنشورة على موقعها، فقد ارتفع المخزون المائي بالسدود إلى 6.728 مليارات متر مكعب، ما يعادل 40.1 بالمئة من إجمالي السعة التخزينية، حتى اليوم الاثنين.

ويعتمد المغرب منذ عقود على السدود ضمن استراتيجيته المائية لضمان تزويد السكان والزراعة بالمياه.

ويوجد في المملكة 149 سدا كبيرا، تساعد على تخزين الماء وسقي مساحات واسعة من الحقول، فضلا عن توفير الماء الصالح للشرب وتوليد الكهرباء.

#أضحية العيد
#المغرب
#عيد الأضحى