في الذكرى التاسعة لإحباط محاولة تنظيم "غولن" الإرهابي لإشعال حرب أهلية وتقسيم تركيا إلى معسكرات متناحرة في 15 يوليو 2016، والتي أُفشلت بفضل التعاون الوثيق بين الدولة والشعب، أستذكر بكل امتنان وتقدير 252 شهيدًا ارتقوا دفاعًا عن الوطن، إلى جانب آلاف الجرحى والمصابين الذين أصيبوا دفاعًا عن وطننا وأمتنا. ومن بين هؤلاء الأبطال يبرز اسم البطل تروغوت أصلان رئيس دائرة مكافحة الإرهاب آنذاك، أحد أبرز الشهود الأحياء على تلك الليلة السوداء. فقد وقع في قبضة الجنود الانقلابيين التابعين لتنظيم "غولن" الإرهابي داخل قيادة الدرك العامة ليلة الانقلاب، بينما جرى إعدام حارسه الشخصي حسن جولهان أمام ناظريه. أما أصلان، فقد تعرّض لإصابة بالغة إثر رصاصة في الرأس أطلقها عليه ضباط الانقلاب، لكنه نجا من الموت بأعجوبة بعد سلسلة من العمليات الجراحية استمرت لخمسة أشهر. وقد أكد لاحقًا أنه أُدرج على قائمة الاغتيالات التي أعدّها التنظيم، بسبب تقرير استخباراتي أعدّه سابقًا عن أنشطة التنظيم. فكيف تطورت الأحداث؟
أدلى تورغوت أصلان الرئيس السابق لدائرة مكافحة الإرهاب وأحد ناجي محاولة الانقلاب، بتصريحات صادمة حول تلك الليلة المشؤومة:
أوضح تورغوت مدير الأمن من الدرجة الأولى ورئيس دائرة مكافحة الإرهاب آنذاك، أنه توجه برفقة حارسه الشخصي حسن جولهان إلى مقر قيادة الدرك العامة في أنقرة للاستفسار عن التحركات العسكرية غير الاعتيادية التي كانت تشهدها العاصمة في تلك الليلة. لكنهما وقعا في قبضة الضباط الانقلابيين، بقيادة العقيد أركان أوكتم أحد مدبري الانقلاب الموالين لتنظيم غولن الإرهابي. وقد تم تكبيل أصلان وغولهان واقتيادهما إلى داخل المبنى، وهناك جرى إعدام الحارس غولهان بإطلاق رصاصة مباشرة على رأسه، بينما أُصيب أصلان إصابة بالغة الخطورة. وبعد أن أمضى شهورًا في العمليات الطبية والعلاج المكثف، نجا بأعجوبة من الموت، وأصبح شاهدا على فظائع تلك الليلة.
وفي حديثه عن مقاومته للإرهاب، أكّد أصلان أنه واجه التنظيمات الإرهابية بلا تردد أو خوف، واستعرض جزءًا مما جرى في مقر قيادة الطيران تلك الليلة.
"الانقلابيون المنتمون إلى تنظيم غولن الإرهابي أعدوموا حارسي الشخصي برصاصة في رأسه"
وفي حديثه عن ما جرى داخل مبنى قيادة الدرك، قال أصلان: "ذهبت تلك الليلة إلى قيادة الدرك العامة. وما إن دخل العقيد أركان أوكتم أحد مدبري الانقلاب حتى بادر إلى احتجازي رهينة. فقيّد يديَّ ويدي حارسي الشخصي، حسن غولهان. طلبتُ الماء فرفض، وطلبت الذهاب الحمام فقال لي: ‘سأرسلك إلى مكان لن تحتاج فيه إلى الذهاب إلى الحمام بعد اليوم’. فسألته: هل تتقاضى راتبك من دول أجنبية؟".
قلت له: "إن الجمهورية التركية هي من تدفع لك راتبك". أطلقوا النار على رأس حارسي وقتلوه. ثم أطلقوا النار على رأسي أنا أيضًا، وتركوني هناك ظانين أنني مت، وعندما عثروا علي، كنت أُردد الشهادتين. ثم نُقلت إلى المستشفى، وخضعت لأربع عمليات جراحية في الدماغ، ودخلتُ في غيبوبة لعدة أشهر. وعندما استفقت، كان أول ما سألت عنه هو: "هل نجح فتح الله غولن؟" وعندما أُبلغت بأنه فشل، تنفّست الصعداء."
"كان اسمي مدرجا على قائمة الإعدام التي أعدها تنظيم غولن الإرهابي"
أوضح تروغوت أصلان، أنه أصبح هدفًا مباشراً للانقلابيين بعد إعداده تقريرًا أمنيًا عن أنشطة تنظيم "غولن" الإرهابي، الكيان الموازي للدولة. وقال: "طلب مني رئيس الوزراء آنذاك، رجب طيب أردوغان، إعداد تقرير حول التنظيم، فكتبت تقريرًا من 60 صفحة، وفي نهايته وصفت تنظيم "غولن" بأنه إرهابي. وبعد بدء حملة الاعتقالات بحق عناصر التنظيم، أُدرج اسمي على قائمة الإعدام لديهم. كانت لدي بعض التوقعات بشأن نواياهم، ولم أكن أتوقع أن يقدموا على محاولة انقلاب، لكن تبين أنهم كانوا يخططون لذلك. وعندما علموا أنني على دراية بتحضيراتهم، أقدموا على التنفيذ قبل الموعد المخطط له بأيام."
"عناصر التنظيم أطلقوا النار على سيارتي"
وتحدث "أصلان" أيضاً عن الهجمات التي تعرض لها، قائلاً: "اقترح عليّ رئيس فرع الاستخبارات آنذاك "إنجين دينج" توفير حماية لي، لكنني رفضت ذلك. بعدها أطلق عناصر "غولن" النار على سيارتي، فبدأت التنقل بسيارة مصفحة وبمرافقة أمنية. وفي إحدى المرات ذهبت لإجراء تحقيق في نصيبين بماردين، فحاول الإرهابيون اغتيالي، لكن الأسلحة التي كانوا يحملونها تعطلت، فلم يتمكنوا من إطلاق النار عليّ، كما اعترفوا بذلك لاحقاً."
لماذا سلم إرهابيو "بي كي كي" أسلحتهم عند المغارة التاريخية التي كانت بمثابة مقر للجيش العثماني في معركته ضد البريطانيين لتحرير مدينة الموصل، والتي تحمل أهمية كبيرة في تاريخ المخابرات التركية؟
بحسب ما نقله الكاتب والصحفي يلماز بيلغن: رغم أن تأسيس تنظيم "بي كي كي" جرى عام 1978 في قرية فِيس بولاية ديار بكر، إلا أن أول عملية إرهابية مسلّحة له وقعت عام 1984 في قضاء "إروه" بولاية سيرت، وبعد مضي 41 عامًا، أنهى التنظيم مسيرته فعليًا عبر إحراق أسلحته عند مغارة "جاسنا". وكان أول من أطلق الرصاص باسم التنظيم هو "محسوم كوركماز" الملقّب بـ"آغيت"، والذي قتل اثنين من جنودنا في العملية الأولى، ثم قُتل بعد ذلك بعامين في "غابار".
وبعد أنشطة التنظيم المبكرة في سوريا وسهل البقاع في لبنان، شكّلت التطورات التي تركزت في العراق في بداية تسعينيات القرن العشرين نقطة تحول مهمة لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي، حيث انتقل النشاط بعد عمليات "قوة المطرقة المتأهبة" وعمليات المواجهة على الخط الـ36 وغزو العراق إلى شمال البلاد. وفي أواخر عام 2010، فقد التنظيم الإرهابي قدرته على تنفيذ عمليات داخل تركيا، ليتخذ مؤخرا قرار حل التنظيم ضمن مشروع "تركيا بلا إرهاب". وقد لفتت تدابير الأمن الاستثنائية في موقع مراسم تسليم الأسلحة الأنظار، حيث نفذت الطائرات التركية المسيرة لمدة أربع وعشرين ساعة عمليات مسح متواصلة لكامل المنطقة تحسبًا لأي استفزازات محتملة. كما تبين أن الجهات المعنية، بما في ذلك الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، وحتى داخل صفوف التنظيم نفسه، لم يتم إبلاغ أحد سوى مجموعة ضيقة جدًا من المسؤولين بشأن منطقة تسليم الأسلحة، كإجراء احترازي ضد أي عمليات تخريبية.
وعلى صعيد آخر، تحظى مغارة "جاسنا" الواقعة على بُعد 20 كيلومترًا من قضاء دوكان، حيث جرت مراسم دفن الأسلحة بعد 41 عامًا من النشاط المسلح، بأهمية كبيرة في تاريخ المعارك التركية. فقد اختار الجيش العثماني بقيادة الضابط عزّ الدين أوزدمير، الذي كان يسعى إلى تحرير الموصل من الاحتلال البريطاني بعد عام 1921، مغارة "جاسنا" كمقر رئيسي له. ولا تزال آثار تلك الفترة باقية في المغارة التي استخدمها أوزدمير كمقر رئيسي خلال عملية "ريفاندوز" التي قادها في أبريل 1923.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة