زهران ممداني: رئيس مسلم في عاصمة الصهيونية.. المسلمون والمهاجرون والفقراء يردون على "الإبادة" من الولايات المتحدة.. أمريكا تواجه "خوفين" معاً.. هل سيغادر اليهود نيويورك؟ كل شيء جاهز لمؤامرة إسرائيل!

08:086/11/2025, الخميس
تحديث: 24/11/2025, الإثنين
إبراهيم قراغول

زهران ممداني… مسلم شيعي من أصل هندي مهاجر إلى أوغندا، يبلغ من العمر 34 عاماً. فاز في الانتخابات بحصوله على أكثر من خمسين بالمئة من الأصوات وأصبح عمدة نيويورك. تهديدات ترامب بـ"قطع أموال نيويورك"، واستثمارات اللوبي اليهودي بملايين الدولارات لمنع فوزه، واستبعاد النظام القائم، كل ذلك لم ينجح. الحملات الانتخابية البسيطة والعادية التي قد تبدو للبعض متواضعة، لكنها اتسمت بالصدق والشفافية، أثرت في الجماهير. الناخبون من المهاجرين، المسلمين، الفقراء والسود – أكثر الفئات استبعاداً من النظام – هم من اختاروه.

زهران ممداني… مسلم شيعي من أصل هندي مهاجر إلى أوغندا، يبلغ من العمر 34 عاماً. فاز في الانتخابات بحصوله على أكثر من خمسين بالمئة من الأصوات وأصبح عمدة نيويورك.

تهديدات ترامب بـ"قطع أموال نيويورك"، واستثمارات اللوبي اليهودي بملايين الدولارات لمنع فوزه، واستبعاد النظام القائم، كل ذلك لم ينجح.


الحملات الانتخابية البسيطة والعادية التي قد تبدو للبعض متواضعة، لكنها اتسمت بالصدق والشفافية، أثرت في الجماهير. الناخبون من المهاجرين، المسلمين، الفقراء والسود – أكثر الفئات استبعاداً من النظام – هم من اختاروه.


هل سقطت عاصمة الصهيونية؟

أم أن الولايات المتحدة واجهت مخاوفها؟


في عاصمة المال العالمية، وفي قلب الصهيونية في الولايات المتحدة، فشلت الأموال والنخبوية واللوبيات القوية. ممداني أسقط "غطرسة أمريكا" على الأرض وأظهر للعالم انتصاراً حاسماً.


بدأ خطابه بالقول: "أنا مسلم، أنا اشتراكي، ولن أعتذر عن ذلك"، ثم خاطب ترامب قائلاً: "أعرف أنك تسمعني، افتح الصوت الآن".


واجه الولايات المتحدة – التي دمّرت العالم لعقود من خلال ربط الإسلام بالإرهاب، وقتلت الملايين ودمرت عشرات الدول – بمخاوفها وهوسها بالإسلاموفوبيا.


كيف سيذهب نتنياهو إلى فندق لندن؟


واجه ممداني الجرائم المشتركة لإسرائيل والولايات المتحدة في غزة، واليمين المتطرف الإسرائيلي، والتيار النيوكوني الأمريكي. خطاباته ومواقفه المناهضة للإبادة الجماعية جذبت الجماهير وأظهرت أن هذه القضية يمكن أن تتحول إلى هوية انتخابية جماعية في الولايات المتحدة.


وقال: "إذا وطأت قدم نتنياهو نيويورك فسوف يُعتقل"، وذلك أمام فندق لندن، الذي كان نتنياهو يختاره للإقامة في كل زيارة للأمم المتحدة.


فهل سيستطيع نتنياهو زيارة نيويورك العام القادم؟ هل سيقيم في فندق لندن؟ كيف ستكون المناقشات بين الحكومة الفيدرالية وبلدية نيويورك حول ذلك؟


هل سيغادر اليهود نيويورك؟


ماذا يعني نيويورك، عاصمة الصهيونية، للإسرائيليين بعد الآن؟ هل ستظل مدينة صالحة للعيش لهم؟ هل ستتسامح الجماهير التي اختارت ممداني معهم؟ وهل ستنتقل آثار الإبادة الجماعية من صناديق الاقتراع إلى الشوارع؟


بينما تحدى ممداني الإسلاموفوبيا بكونه "مسلماً"، تحدى سياسات ترامب المعادية للمهاجرين بكونه "نيويورك مدينة المهاجرين". بنى علاقات مع جميع الفئات، وابتعد فقط عن الصهيونية.


عودة الديمقراطيين أم إشارة مختلفة؟


في تركيا، ستُفسر هذه الأحداث فوراً على أنها "عودة الديمقراطيين" أو "انتقام من ترامب". لكن، برأيي، هناك ما يتجاوز التنافس التقليدي بين الجمهوريين والديمقراطيين.


لم يتحدَ أحد الصهيونية بهذا الشكل من قبل في تاريخ الولايات المتحدة. لم يتحدَ أحد نيويورك، "مدينة اليهود"، بهذا الشكل. ولم يقل أحد من قبل: "إذا جاء رئيس وزراء إسرائيل، سيتم اعتقاله".


وكل ذلك حدث في زمن كانت فيه السلطات تضرب من ينتقد إسرائيل بسبب الإبادة الجماعية، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين. إسرائيل كانت تابوّاً مقدساً في الولايات المتحدة.


هل من الممكن لغة سياسية جديدة في أمريكا وأوروبا؟


الناخبون في أمريكا وأوروبا يبحثون عن لغة سياسية جديدة تتجاوز الأنماط التقليدية. المظاهرات الضخمة في المدن الأوروبية خلال الإبادة الجماعية أظهرت حساسية عامة غير مسبوقة، وهي مؤشر على هذا البحث الجديد.


حوّل ممداني لغة المعارضة الجديدة إلى تحدٍ للنظام المتعصب الأمريكي-الأوروبي، مستهدفاً إدارة إسرائيل التي تغذي الإبادة الجماعية، وبالتالي استقطب الجماهير.


لماذا يحدث هذا في الغرب وليس في الدول الإسلامية؟


لماذا لا تحدث هذه الردود الجماهيرية في الدول الإسلامية بنفس القدر؟ هل هو مجرد مسألة ضمير؟ أثناء غزو العراق قُتل مليون شخص، ولم نر مظاهرات مماثلة. ولم نشهد ما حدث من اعتقالات وتعذيب في السجون، رغم فظاعته.


لأن الشوارع الغربية لم تكن تعج بهذا البحث سابقاً، لكنها أصبحت كذلك الآن. يمكن القول: "غزة غيّرت العالم"، والنتائج المبكرة لذلك بدأت تظهر في أمريكا وأوروبا.


تذكير بخيبة أمل أوباما


هل يمكن تفسير نجاح ممداني بأنه مشابه للبحث الأوروبي عن بدائل؟ إذا قرأناه كنجاح ديمقراطي، فسيكون هناك خيبة أمل مماثلة لما حدث مع أوباما.


بعد جورج بوش و"الصهيونيين المسيحيين" الذين أراقت دماء منطقتنا، تم تسويق باراك أوباما كأمل لأنه اسمه "حسين". ومع ذلك، خلال فترة أوباما، لم تتوقف الضربات على الدول المسلمة، وازدهرت تنظيمات مثل داعش، واستمرت الفوضى في منطقتنا.


إذا كان مجرد نموذج، فإن ممداني سينتهي


ممداني ليس رئيساً للولايات المتحدة، بل عمدة مدينة. انتخابه بعد الإبادة الجماعية مؤثر بلا شك، ورفضه للصهيونية وموقفه من الإبادة الجماعية يلهم الناس.


لكن في زمن تقوية السلطات المركزية، من المهم أن نراقب ما إذا كان هذا الفوز سيحدث جدلاً طويل الأمد داخل الولايات المتحدة، أو إذا كان مجرد نموذج لحظي.


النظر إلى الموقع أكثر من الاسم


لا يهم فقط من فاز، بل أين يقف في القضايا المهمة. لا ترغب أي دولة في استمرار مثل هؤلاء الأفراد المزعزين للاستقرار. العالم المليء بالاضطرابات لا يملك رفاهية مثل هذه الفانتازيات.


إذا تجاوزت الديمقراطية المظاهر والفانتازيا الليبرالية، وإذا تم رفع انتخاب ممداني كبادرة للبحث الجديد للجماهير، فسيؤدي إلى نقاشات جدية داخل الولايات المتحدة.


الموقف ضد الصهيونية يستحق الثناء


نحن نسعى لتعزيز رؤية مضادة للاحتلال والاستغلال والوصاية، وتركز على الإنسان. مهما حدث في الولايات المتحدة، نراقب منطقتنا وبلداننا.


ندعم كل ما يعزز القوة والتنمية، ونعارض كل ما يضر. هدفنا هو أن تنتقل النزاعات والاضطرابات التي سببها الغرب إلى داخل الولايات المتحدة نفسها، لتتحقق فائدة لنا.


تهيئة المناخ لمؤامرات إسرائيل


إذا استمر ممداني في موقفه ضد الصهيونية، فسيكون ذلك أول موقف قوي من نوعه في تاريخ الولايات المتحدة. وإذا أظهر هذا الموقف خلال قيادته السياسية، فقد يشكل خطاً ثورياً جديداً. أما إذا ضاعت الديمقراطية في الفوضى، فستختفي هذه الإمكانية.


لكن كل هذا يمكن مراقبته فقط "إذا لم يصب بمكروه"، إذ أن المناخ داخل الولايات المتحدة أصبح أكثر ملاءمة لمؤامرات إسرائيل من أي وقت مضى.

#زهران ممداني
#نيويورك
#ترامب
#الصهيوينة
#يهود نيويورك