احتدام الصراع حول إسرائيل داخل المعسكر الترامبي

10:534/11/2025, الثلاثاء
تحديث: 6/11/2025, الخميس
عبدالله مراد أوغلو

يكتسب «الصراع الداخلي» المتمحور حول «إسرائيل» داخل «المعسكر الترامبي» أبعادًا جديدة. فالشعار الحاكم لهذا المعسكر هو «أمريكا أولاً»، وهو شعار يشير إلى سياسة خارجية تتركّز فقط على خدمة المصالح الأمريكية. وكان ترامب قد وعد سابقًا بإخراج الولايات المتحدة من «الحروب التي لا تنتهي»، تلك التي تستنزف دماء الأمريكيين وأموالهم. وبحسب هذا المنطق، يجب أن تُسخّر أمريكا كل قوتها من أجل الأمريكيين فقط، وهو ما يُعبّر عنه أيضًا بشعار لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا "ماغا" لكن العقبة الأكبر أمام مبدأ «أمريكا أولاً» هي

يكتسب «الصراع الداخلي» المتمحور حول «إسرائيل» داخل «المعسكر الترامبي» أبعادًا جديدة. فالشعار الحاكم لهذا المعسكر هو «أمريكا أولاً»، وهو شعار يشير إلى سياسة خارجية تتركّز فقط على خدمة المصالح الأمريكية. وكان ترامب قد وعد سابقًا بإخراج الولايات المتحدة من «الحروب التي لا تنتهي»، تلك التي تستنزف دماء الأمريكيين وأموالهم. وبحسب هذا المنطق، يجب أن تُسخّر أمريكا كل قوتها من أجل الأمريكيين فقط، وهو ما يُعبّر عنه أيضًا بشعار لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا "ماغا"


لكن العقبة الأكبر أمام مبدأ «أمريكا أولاً» هي الدعم غير المشروط الذي تقدمه واشنطن لإسرائيل؛ إذ إن حروب الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا تخدم سوى مصالح إسرائيل. ومن هنا نشأ الانقسام داخل «معسكر ماغا»، فالكثير من أنصاره يرون أن «أمريكا أولاً» يجب أن تعني «أمريكا فقط»، ويبدون انزعاجًا متزايدًا من نفوذ إسرائيل داخل الولايات المتحدة. ولهذا السبب، يجد مشاهير من هذا التيار مثل تاكر كارلسون ومارجوري تايلور غرين أنفسهم في مواجهة مباشرة مع «اللوبي الإسرائيلي».


ولا يقتصر تراجع الدعم لإسرائيل على قاعدة الحزب الديمقراطي فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الجمهوريين الشباب. أما الجناح الرئيسي للحزب الجمهوري، المتمثل في «الصقور»، فيحاول صدّ هذه الموجة. فبالنسبة لهؤلاء، «إسرائيل أولاً» و«أمريكا أولاً» هما الشيء ذاته. ويعمل الجناح المؤيد لإسرائيل داخل الحزب على إسكات تيار ماغا باتهام أي انتقاد لإسرائيل بأنه «معاداة للسامية». لكن هذه المحاولات لا تنجح في كبح الشباب المحافظين، بل تزيد من احتدام الصراع؛ إذ يبدو أن السيوف قد سُلّت من أغمادها.


أما نائب الرئيس الأمريكي، جاي دي فانس ، الذي يُنظر إليه على أنه خليفة ترامب في قيادة حركة ماغا ، فيحاول الموازنة بين الطرفين. فهو لا يريد أن يفقد دعم من يؤكدون على التمييز بين «أمريكا أولاً» و«إسرائيل أولاً». وبما أن مستقبله السياسي مرتبط تمامًا بموجة ماغا، فإنه يتجنب الظهور بمظهر المؤيد المطلق لإسرائيل.


ومؤخرًا، شارك فانس في فعالية نظمها المحافظون الشباب الجمهوريون في جامعة ميسيسيبي، حيث سأله أحد الطلاب – وهو يرتدي قبعة MAGA – عن سبب تقديم مليارات الدولارات لإسرائيل التي «تمارس تطهيرًا عرقيًا في غزة». وقد أثارت إجابة فانس غضب الدوائر الصهيونية المقرّبة من إسرائيل. كما أشار بعض الطلاب إلى أن متطرفين يهودًا في إسرائيل يبصقون على المسيحيين المارة في الشوارع.


وفي رده على هؤلاء الطلاب المحافظين الذين شككوا في طبيعة العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، أكد فانس تمسكه بمبدأ ترامب «أمريكا أولاً»، مشددًا على أن التحالفات يجب أن تُبنى بما يخدم المصلحة الأمريكية فقط. كما نفى أن تكون لإسرائيل أي سلطة على ترامب، مدّعيًا أن ضغوط الأخير هي التي أجبرت نتنياهو على قبول وقف إطلاق النار في غزة. وقد اعتبرت الأوساط النيوكونية والصهيونية في واشنطن هذه التصريحات دليلًا إضافيًا على تنامي نزعة «معاداة اليهود» داخل قاعدة الحزب الجمهوري.


وفي المقابل، يشنّ النيوكونيون والصهاينة حملة لإبعاد أبرز منتقدي إسرائيل داخل حركة ماغا ، وعلى رأسهم الإعلامي تاكر كارلسون، عن الحزب الجمهوري. إلا أن كيفن روبرتس، رئيس مؤسسة «التراث» المحسوبة على المحافظين الترامبيين، دافع عن كارلسون، مؤكدًا أن انتقاد إسرائيل – طالما لم يتجاوز إلى معاداة السامية – يجب أن يُعد أمرًا مشروعًا وطبيعيًا. وأوضح روبرتس أن ولاءه يقتصر على «أمريكا والمسيح»، وأن دعم إسرائيل لا ينبغي أن يُعتبر واجبًا حين يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة.


غير أن مات بروكس، المدير التنفيذي لـ«الائتلاف اليهودي الجمهوري» الذي يمثل المتبرعين اليهود للحزب، قال إنهم سيعيدون تقييم علاقتهم مع مؤسسة «التراث» على ضوء تصريحات روبرتس. وفي الوقت نفسه، عبّر السيناتور الجمهوري تيد كروز، أحد أبرز داعمي إسرائيل في الكونغرس، عن قلقه من تصاعد ما وصفه بـ«المشاعر المعادية لإسرائيل» داخل القاعدة الجمهورية، خاصة في فعاليات «الصهاينة المسيحيين» و«الائتلاف اليهودي الجمهوري».

ويرى كروز أن تزايد العداء لإسرائيل داخل اليمين الأمريكي يُشكّل أزمة وجودية للحزب الجمهوري وللولايات المتحدة نفسها. كما انتقد بشدة تجاهل النواب الجمهوريين لهذا الاتجاه داخل القاعدة الشعبية. أما الصحف والمجلات الصهيونية في أمريكا فحذّرت من أن الحزب الجمهوري قد يفقد مكانته كملاذٍ آمنٍ للمؤيدين الأمريكيين لإسرائيل.


وفي خضم هذا كله، يلتزم دونالد ترامب الصمت حيال هذه المعركة المتصاعدة، وهو صمت لا يروق للأوساط الموالية لإسرائيل التي كانت تتوقع منه موقفًا أكثر وضوحًا وانحيازًا لصالحها.

#ترامب
#المعسكر الترامبي
#ماغا
#الدعم الأمريكي لإسرائيل