أقدمت دولة الاحتلال ومرتكبة الإبادة الجماعية، إسرائيل، عبر طائراتها الحربية، على قصف قاعدة T-4 الجوية العسكرية في مدينة تدمر السورية، ما أدى إلى إخراجها عن الخدمة. وجاء هذا الهجوم بعد أن أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى أن تمركز تركيا في القاعدة يشكل تهديداً مباشراً لأمن إسرائيل. ويبدو جليًّا أن نتنياهو يشعر بقلق بالغ إزاء النفوذ التركي المتصاعد في سوريا، حتى بات يضعها في طليعة التهديدات الأمنية للكيان الصهيوني. وتُعدّ قاعدة T-4 الجوية ذات أهمية استراتيجية لتركيا وإسرائيل على حد سواء. فتمركز القوات التركية في هذه القاعدة من شأنه أن يُضعف من أنشطة الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة، لا سيما أن القاعدة تقع في قلب "ممر داوود"، الذي يُفترض أنه المخطط لإنشاء "الدولة الإسرائيلية الثانية" تحت مسمى "كردستان تدمر"، والذي سيوفر منفذاً مباشراً لها على البحر.
إن وجود تركيا في قاعدة T-4 الجوية يعني قطع الاتصال البري بين إسرائيل وتنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي، كما أن تركيا كانت تخطط لإنشاء أنظمة دفاع جوي في القاعدة يمكن أن تُغلق المجال الجوي السوري في وجه الطيران الإسرائيلي. ورغم أن بعض الخبراء الإسرائيليين يرون أن هذه الأنظمة لن تؤثر على قدرة "إسرائيل" في استهداف إيران، إلا أن إنشاء تركيا للقاعدة سيقود أيضاً إلى إنشاء خطوط لوجستية في مناطق أخرى في سوريا تربطها بالقاعدة التركية. وهذه الخطوة، التي تعني إنشاء قواعد فرعية في سوريا، ستعزز من نفوذ أنقرة في المنطقة.
وتبعد القاعدة الجوية عن القواعد الأمريكية قرابة 200 كيلومتر فقط، مما يتيح للجيش التركي مراقبة تحركات القوات الأمريكية عن كثب. كما أن المنطقة المحيطة بالقاعدة صحراوية بالكامل وينتشر فيها عدد من خلايا تنظيم داعش. وبالتالي، فإن التمركز التركي في هذا الموقع سيساهم في تسهيل عمليات مكافحة التنظيم الإرهابي بين الحدود التركية والسورية والعراقية والأردنية.
هل يمكن لتركيا أن تُحبط خطة إسرائيل لمنع إنشاء قواعد عسكرية تركية عبر نشر أنظمة دفاع جوي في المجال الجوي السوري الفارغ؟
تخلو الأجواء السورية حالياً من أي سيطرة فعلية. وفي السابق كانت روسيا تهيمن على المجال الجوي السوري، أما الآن فلا توجد قوة أخرى قادرة على بسط سيطرة جوية لصالح سوريا سوى تركيا. ولهذا فإن على تركيا أن تُسارع إلى إنشاء "بنية أمنية" لوقف الاعتداءات "الإسرائيلية" على سوريا. فالفراغ الجوي القائم اليوم بالغ الخطورة، وفي ظل هذه الظروف لا يمكن إرساء أي نظام في هذه المنطقة، وتستغل إسرائيل هذا الفراغ إلى أقصى حد في غاراتها الجوية المتكررة. ولبناء تفوق جوي رادع، فإن الوسيلة الأهم هي أنظمة الدفاع الجوي. فبمجرد إنشاء هذه الأنظمة، لن تتمكن أي طائرات مسيّرة أو صواريخ كروز أو وسائل طيران معادية من التحرك بحرية. أما موقف "إسرائيل"، فهو واضح: "لقد بادرنا بضربة استباقية لإفشال أي هيكل دفاعي قد تُقيمه تركيا في قاعدة T-4، لمنع أي تحرك في المجال الجوي ضدنا." وهذا يعني أن تل أبيب تدرك تماماً أهمية الفراغ الجوي السوري وتقوم بهذه الهجمات عن عمد. وتُهدد باستمرار هذه الضربات إذا لم تُتخذ تدابير عاجلة.
تركيا من جهتها، أرسلت أنظمة الدفاع الجوي S-400، وكذلك منظومات "حصار A" و"حصار O" المحلية إلى المنطقة، لسد هذا الفراغ الجوي. وإذا قررت أنقرة كذلك نشر النموذج الأولي لـ"القبة الفولاذية" التي تعمل عليها، فإنها ستتمكن من بسط سيطرتها الكاملة على المجال الجوي.
أكثر ما يخشاه الكيان الصهيوني المسيّرات وأنظمة الدفاع الجوي
تُعد قاعدة T-4 الجوية في حمص إحدى أهم القواعد العسكرية التي كان يستخدمها نظام الأسد الساقط لتنفيذ عملياته الجوية كما أنها كانت تُستخدم بكثافة من قِبل إيران وروسيا. وهي مجهزة بأنظمة مناسبة لإقلاع وهبوط الطائرات الحربية الضخمة. وتقع هذه القاعدة أيضاً شمال ما يُعرف بـ"ممر داوود"، ما يمنحها موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، سواء للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، أو لتحقيق مكاسب ميدانية في حال نشوب مواجهات جديدة. وتُعد منطقة تدمر من أكثر المناطق حساسية في سوريا، وقد تعرضت حماة وحمص وتدمر لهجمات مكثفة من الطائرات الإسرائيلية منذ 25 مارس. كما أقام الجيش الإسرائيلي مقراً لقيادته في تدمر. أما الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمدالشرع، فلا تملك القدرة بعد على إعادة تشغيل القواعد العسكرية المتبقية من نظام الأسد. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا لا تحتاج إلى إنشاء قواعد في مناطق مثل الجولان، أو دمشق، أو دير الزور، لأنها تعتمد في بنيتها العسكرية على النمط الصحراوي المتنقل، أي أنها قادرة على إنشاء قواعد مؤقتة في أي مكان. ومن ثم، فإن مساعي إسرائيل لقصف القواعد التركية الثابتة بلا جدوى.
تقرير لجنة "ناجل" بالكامل يدور حول تركيا
رغم أن تقرير لجنة ناجل أوضح التدابير التي ينبغي لإسرائيل اتخاذها في حالة التقاء جيشي تركيا وإسرائيل، فقد ذكر أيضاً الآلية التي تم إنشاؤها في حال حدوث مواجهة بين الجيشين.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة