الإكسير السحري

08:0019/11/2025, الأربعاء
تحديث: 19/11/2025, الأربعاء
نيدرت إيرسانال

وفقا لما تمّ تداوله، خلال زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأخيرة إلى الولايات المتحدة، سأل الرئيس ترامب، مشيراً إلى التطورات في جنوب سوريا: "كيف ستحلون هذه المشكلة مع إسرائيل؟" فردّ الوزير فيدان قائلاً: "سياسات إسرائيل تعيق حل مشاكلكم ومشاكلنا على حد سواء" (انظر: "ما الذي جرى خلف الكواليس"، 15/11، هاندا فرات، حريت). فما هي مشاكلنا؟ يأتي في مقدمتها تنظيم "بي كي كي/واي بي جي/قسد". وحتى لو كان اندماجهم في الجيش السوري مثالياً، يبقى تطلعنا الأمثل أن نلمس "تحييده" على أرض الواقع. أما مشاكل

وفقا لما تمّ تداوله، خلال زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأخيرة إلى الولايات المتحدة، سأل الرئيس ترامب، مشيراً إلى التطورات في جنوب سوريا: "كيف ستحلون هذه المشكلة مع إسرائيل؟" فردّ الوزير فيدان قائلاً: "سياسات إسرائيل تعيق حل مشاكلكم ومشاكلنا على حد سواء" (انظر: "ما الذي جرى خلف الكواليس"، 15/11، هاندا فرات، حريت).

فما هي مشاكلنا؟ يأتي في مقدمتها تنظيم "بي كي كي/واي بي جي/قسد". وحتى لو كان اندماجهم في الجيش السوري مثالياً، يبقى تطلعنا الأمثل أن نلمس "تحييده" على أرض الواقع.

أما مشاكل الولايات المتحدة، فبالنظر إلى الشرق الأوسط ككل، يمكننا سرد العديد من القضايا، لكن جوهرها يتمحور حول أمن إسرائيل. صحيح، لكنها مجرد عنوان فرعي.

ونحن نعلم أن مشاكل تركيا والولايات المتحدة لا تنحصر في هذا النطاق. لذا، لو استبدلنا عنوان ملف الوزير فيدان من "المشاكل" إلى "الخطط"، فهل سنرى المستقبل بوضوح أكبر؟

وإذا كانت إسرائيل تعرقل خطط كل من الولايات المتحدة وتركيا، فما هي هذه الخطط، وهل هي متوافقة أصلًا؟

إذا نظرنا إلى الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي، نجد أن السعودية على أعتاب الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، وكانت كازاخستان أول من انضم، حيث أعلن ترامب أن أستانا ستنضم إلى الاتفاقيات، وهو ما حدث بالفعل.

ونعلم أن المخطط الرئيسي للولايات المتحدة للمنطقة يتمثل في اتفاقيات إبراهيم، وهي تأمل انضمام الجميع إليها، بما في ذلك تركيا.

وعلّق السفير التركي والممثل الخاص لسوريا، توم باراك، على زيارة الشرع إلى واشنطن عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا: "في الجلسة الحاسمة التي عقدناها مع روبيو، وفيدان، والشيباني، رسمنا معالم المرحلة التالية من إطار العمل الأمريكي التركي السوري. وهذا الإطار يشمل دمج قسد في الهيكل الاقتصادي والدفاعي والمدني لسوريا الجديدة، وإعادة تعريف العلاقات التركية السورية الإسرائيلية..."

هناك "إطار ومراحل"، مما يعني أن تسميتها "خطة" أمر صحيح..

ويضيف قائلاً: "إن التحالف الموسع بين قطر والسعودية وتركيا، الذي يدعم إحياء الدولة الوطنية السورية لكافة المكونات الإقليمية والقبلية والدينية والثقافية، أصبح بمثابة إكسير سحري».

يا له من اختيار رائع للكلمة! "إكسير"إنه - كما يقول الممثل الخاص - يُحيي الموتى، وهو سحري أيضاً، فالقاتل هو من يُحيي. يصعب إيجاد استعارة أنسب للشرق الأوسط. وقد ذكر أيضاً تركيبة هذا الإكسير. لقد أثار هذا التعبير إعجابي حتى أنني جعلته عنوانا للمقال.


حسناً، الخطة الأمريكية واضحة ولكن ماذا عن الخطة التركية؟

ويتابع فيدان: "مسار المفاوضات بين دمشق وقسد مهم. وقد تعطلت هذه المفاوضات بعد التدخل الإسرائيلي في جنوب البلاد. إن قضيتنا الأساسية، نحن والأمريكيين، هي ضمان ألا تُشكل إسرائيل تهديداً لسوريا، وألا تُشكل سوريا تهديداً لإسرائيل. ... والآن يقع جزء من الأراضي السورية تحت الاحتلال، ويجب أن ينتهي. كما لا ينبغي اتباع نهج يهدد بقية الأراضي السورية. ومن المهم أن تدعم الولايات المتحدة النظام والاستقرار في سوريا. .. أحيانًا تحيد قسد عن مسارها وتسعى لاستغلال أزمة إقليمية جديدة لمصلحتها. يجب تذكيرهم بأن ذلك لن يجدي نفعًا. ونؤكد مجدداً، نحن نعلم جيداً ما يشكل تهديداً لأمننا القومي وما لا يشكل. ونرغب في القضاء على هذه التهديدات عبر الحوار والتفاوض."

كما وجّه الرئيس التركي تحذيراً مماثلاً: "يجب عدم إعطاء أي وزن لإملاءات أو التحريضات أو الإشارات التي تصدر عن الذين يضمرون أطماعاً توسعية في منطقتنا، وعلى الجميع أن يتذكر حقيقة أن من يمتطي جواد غيره يسقط سريعا".

أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى ذكر الفاعل الخفي هنا.

هل تضرب الولايات المتحدة إسرائيل؟ نعم، تضربها. قد يبدو هذا غريباً للكثيرين،إذ إن رؤية الولايات المتحدة وهي تضغط على إسرائيل، وتحديداً لنتنياهو، ليس أمرًا مألوفًا. ما يغفله من يتبعون واشنطن ويعتمدون على هذا "المبدأ" إلى حد التقديس هو أن الضربة ليست من الولايات المتحدة، بل من ترامب، وإذا وسعنا النظرة، من النظام الجديد نفسه. لم يعد هناك راحة أو شعور بالأمان من قراءة الأمور وفقاً للافتراضات القديمة. لقد قيل مائة مرة: يجب تجديد "حقيبة الأدوات".

إن تغيير الإدارة في دمشق وتضييق الخناق على مجال تحرك التنظيم الإرهابي نبعا أيضًا من نفس الدوافع. ونجاح أنقرة هناك واضح بالفعل. ولكي يتضح تحقيق المرحلة الأولى من هذا المسار، لا بد من تحقق شرطين أساسيين: أولاً، اندماج قسد في إدارة دمشق، وصحيح أن هذا لن يزيل جميع المخاطر لكنه سيجعلها قابلة للإدارة. وثانياً، مشاركة تركيا عسكريًا في القوة الدولية التي ستنشر في غزة. وعندما يحدث هذان الأمران، سنتمكن من رؤية نتيجة أكثر وضوحاً على أرض الواقع.

في الواقع، تنطبق حالة مشابهة على أوكرانيا وزيلينسكي. فالكثير من الأصوات المتصدعة تصل من كييف، وبغض النظر عن ذلك لعل التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء البريطاني خلال زيارته لتركيا، والذي مفاده أن "الوقت قد حان لوقف إطلاق النار وبدء عملية السلام في أوكرانيا"، يُعد بمثابة مؤشر حاسم. تلى ذلك الكشف المفاجئ عن قضايا فساد في أوكرانيا، وإقالة بعض الوزراء، وتداول أسماء محتملة لخلافة زيلينسكي، وسيطرت روسيا على مواقع حاسمة في الميدان مثل "بوكروفسك"، وما إلى ذلك…

لماذا ننتقل إلى روسيا وأوكرانيا عند الحديث عن سوريا وإسرائيل؟ لأن ذلك جزء من الخطة الرئيسية. فكما أننا لم نتعجب عندما انضمت كازاخستان إلى اتفاقيات إبراهيم، وعندما عادت إلى الكرملين بعد واشنطن لتوقيع "اتفاقية التوضيح"، فإن مشاركة روسيا مرة أخرى في سياق سوريا وإسرائيل وفلسطين هي للسبب ذاته...

لقد كانت زيارة وزير الخارجية السوري إلى واشنطن محل اهتمام طيلة الأسبوع الماضي، لكنه قام بثلاث زيارات قبها إلى موسكو. ويتواجد حاليًا في الصين أثناء قراءتكم لهذه السطور. وقبل ذلك، كان هناك لقاء بين بوتين ونتنياهو لمناقشة ملفات سوريا وفلسطين وإيران. فعلامَ تدور هذه المفاوضات؟ أتجري رغما عن أمريكا أم بالتعاون معها؟ ول هي كذلك ضد تركيا أم بالتعاون معها؟

أي أن ملف سوريا وإسرائيل لم يُحسم بعد، لكن الأحداث في المنطقة تتطور لصالح تركيا. ومن المرجح أن تُناقش الخطة الرئيسية لاحقًا.


#الإكسير السحري
#فيدان
#البيت الأبيض
#تركيا
#سوريا
#قسد
#الشيباني
#إسرائيل
#ترامب