600 يوم على حرب غزة

08:405/06/2025, Perşembe
تحديث: 5/06/2025, Perşembe
طه كلينتش

يصادف اليوم (5 يونيو) الذكرى الثامنة والخمسين لحرب الأيام الستة التي شكلت أكثر مراحل الحروب العربية الإسرائيلية تدميراً للعرب والمسلمين. ففي الفترة بين 5 و11 يونيو 1967، شنّت إسرائيل هجمات مفاجئة وسريعة استطاعت خلالها احتلال أهم الأراضي من جيرانها؛ فمن الأردن استولت على الضفة الغربية وشرق القدس، ومن مصر على شبه جزيرة سيناء، ومن سوريا على مرتفعات الجولان، ومن لبنان على مزارع شبعا. وبذلك وسّعت حدودها بنحو ثلاثة أضعاف ونصف خلال ستة أيام فقط. وقد تحولت حرب الأيام الستة منذ ذلك الحين إلى أهم برهان يُغذّي


يصادف اليوم (5 يونيو) الذكرى الثامنة والخمسين لحرب الأيام الستة التي شكلت أكثر مراحل الحروب العربية الإسرائيلية تدميراً للعرب والمسلمين. ففي الفترة بين 5 و11 يونيو 1967، شنّت إسرائيل هجمات مفاجئة وسريعة استطاعت خلالها احتلال أهم الأراضي من جيرانها؛ فمن الأردن استولت على الضفة الغربية وشرق القدس، ومن مصر على شبه جزيرة سيناء، ومن سوريا على مرتفعات الجولان، ومن لبنان على مزارع شبعا. وبذلك وسّعت حدودها بنحو ثلاثة أضعاف ونصف خلال ستة أيام فقط. وقد تحولت حرب الأيام الستة منذ ذلك الحين إلى أهم برهان يُغذّي أسطورة " إسرائيل لا تقهر"، كما استُخدمت كأداة ضغط نفسي على العرب.

وفي 28 مايو الماضي تجاوزت أطول حرب في تاريخ إسرائيل 600 يوم كاملة. فمنذ بداية "طوفان الأقصى" وهجوم إسرائيل على غزة "للقضاء على حماس"، وخلال هذه المدة التي تابعها العالم بأسره لحظة بلحظة، لم تتمكن إسرائيل من تحقيق أي من أهداف انتصارها المزعوم كاستعادة الرهائن، والقضاء على حماس، وإنهاء المقاومة، وتطهير غزة من سكانها، وتأسيس إدارة تابعة لها في القطاع. ورغم أن الخسائر الإنسانية في غزة وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية، فإن إسرائيل تدرك تماماً أنها لم تنتصر في هذه الحرب، ولا يلوح أي مخرج في الأفق.

فكما غذّت حرب الأيام الستة أسطورة "إسرائيل التي لا تُقهر"، فإن حرب الـ 600 يوم تقوّض هذه الأسطورة بنفس القدر. فالمقالات المؤلمة التي نُشرت خلال الأيام القليلة الماضية في الصحافة الإسرائيلية والمدونات اليهودية على الإنترنت تسعى جاهدة لإيصال هذه الحقيقة التي لا يرغب نتنياهو وعصابته في رؤيتها:

ففي صحيفة "جيروزاليم بوست"، كتب هيرب كينون مقالاً لعنوان "بعض الأهداف قد تحققت بالفعل"، إلا أنه أشار بوضوح إلى أن الأهداف الأساسية لم تتحقق.

أما في منصة "أرضا" فقد نشر جوش وينبرغ مقالًا بعنوان "حرب الـ600 يوم" كشف فيه بكل التفاصيل عن الصدمة والمأزق الذي وقع فيه الشعب الإسرائيلي، مستذكراً مبدأ ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، القائل "إن الحروب يجب أن تكون قصيرة لتجنب الإرهاق الاجتماعي والوقوع في المستنقع"، مشيرًا إلى أن حرب غزة التي يطيلها نتنياهو أوصلت إسرائيل إلى طريق مسدود.

وكتب أمير تيبون في صحيفة "هآرتس" أن الفارق الأكبر بين النصر قبل 58 عامًا وهزيمة اليوم يكمن في أزمة القيادة بالأساس، وأن إسرائيل بقيادة نتنياهو فقدت تمامًا بوصلة وجودها في المنطقة.

وفي صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نشر جوناثان ديكل تشين، والد الأسير الأمريكي الذي أطلق سراحه في صفقة تبادل الأسرى في فبراير، مقالا بعنوان "على ترامب حماية الرهائن من نتنياهو" يلخص الصورة كاملة.

كل هذه الأمثلة التي لا تُحصى، والتي اخترتُ منها القليل لأعرضه عليكم، تُظهر لنا حقيقة واحدة:

لقد تحولت غزة إلى مستنقع حقيقي لإسرائيل. والخلافات التي نشهدها اليوم على الساحة اليهودية ستتحول غدًا إلى صراع ونزاعات فعلية فور توقيع أي اتفاق لوقف إطلاق نار. وستزداد وحدة وعزلة اليهود الذين أصبحوا بؤرةً للكراهية والاشمئزاز في جميع أنحاء العالم بسبب الصهيونية. وستصل الانقسامات والشروخ الاجتماعية في إسرائيل، والتي كانت موجودة من البداية، إلى حد لا يمكن علاجه. وسسيُسجل التاريخ الفظائع المرتكبة في غزة كنقطة تحول في مسار قصر عمر إسرائيل.

ولا أكتب هذا الكلام لرفع معنويات قرائي، فالتاريخ والجغرافيا لهما مسار. وهناك قوانين وقواعد إلهية توجه هذا المسار. والتاريخ ليس بحاجة إلى رغبة المسلمين أو جهودهم لمواصلة مساره. ولو كان الأمر كذلك، لرأينا نتائج كل ما أهملناه بسرعة أكبر، ولما تمكنا من رفع رؤوسنا من وابل البلاء. ولكن رغم تقصيرنا ونقصنا، فإن مسيرة التاريخ مستمرة.

وإذا نجحنا في اكتشاف قواعد هذا المسار وانخرطنا في اللعبة وفقًا لذلك، وتدخلنا في العملية لصالح المظلومين، فحينها تتغير موازين الانتصار والهزيمة بسرعة، وهذا أمر آخر. ولكن المسار بعيد عنا. وكما يؤكد علي عزت بيغوفيتش في مقولته التي أحبها كثيرًا: "الاختبار الحقيقي للمسلم هو أن يقرر أين يقف في مجرى التاريخ".


#غزة
#الاحتلال الاسرائيلي
#اليهود
#العرب
#حرب الأيام الستة
#فلسطين
#حماس
#الإبادة الجماعية