أمسية حوارية في لندن

08:266/08/2025, الأربعاء
تحديث: 6/08/2025, الأربعاء
طه كلينتش

مساء السبت الماضي 2 آب/أغسطس، اجتمعنا في معهد "يونس إمره" الثقافي بلندن مع ثلة من الأصدقاء المهتمين بجغرافيا العالم الإسلامي. وقد تنوع الحضور بين فئات عمرية مختلفة، ومجالات مهنية وأكاديمية متباينة، وتمحورت نقاشاتنا حول مجموعة من الأسئلة والأجوبة التالية: ــ هل يشير الوضع الراهن في العالم الإسلامي إلى حالة انهيار عام؟ إن تعريف "الانهيار" يختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها. ولكي نكون دقيقين في تحليلنا، يجب أن ندرس المنطقة بأكملها من منظور شامل ، بعيدًا عن الاقتصار على حالات فردية أو أمثلة محلية،


مساء السبت الماضي 2 آب/أغسطس، اجتمعنا في معهد "يونس إمره" الثقافي بلندن مع ثلة من الأصدقاء المهتمين بجغرافيا العالم الإسلامي. وقد تنوع الحضور بين فئات عمرية مختلفة، ومجالات مهنية وأكاديمية متباينة، وتمحورت نقاشاتنا حول مجموعة من الأسئلة والأجوبة التالية:

ــ هل يشير الوضع الراهن في العالم الإسلامي إلى حالة انهيار عام؟

إن تعريف "الانهيار" يختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها. ولكي نكون دقيقين في تحليلنا، يجب أن ندرس المنطقة بأكملها من منظور شامل ، بعيدًا عن الاقتصار على حالات فردية أو أمثلة محلية، إذ إن ذلك يؤدي حتمًا إلى تعميمات متسرعة حول "الانهيار". لكن إذا قارنا الوضع الراهن بما كان عليه الحال في مراحل سابقة، أو قبل قرن من الزمان، نجد أن العالم الإسلامي أصبح اليوم أكثر تأثيرًا، ووضوحًا، واعتبارًا في العديد من الجوانب.


ــ هل نعيش أسوأ حقبة في التاريخ؟

شهدت البشرية، والتاريخ الإسلامي بحد ذاته فترات أسوأ وأصعب بكثير مما نعيشه اليوم. لقد اجتاحت الجغرافيا الإسلامية الحروب الصليبية، والمغول، والأوبئة، والكوارث الطبيعية. ومن أكبر الأخطاء المنهجية عند النظر إلى التاريخ هو تجميد الأحداث في لحظة زمنية معينة، فهذا لا يدفع إلى التشاؤم فحسب، بل يعيق تكوين رؤية صحيحة. فالتاريخ في حركة دائمة، وإدراك هذه الحركة والتعامل معها وفق سننها هو جوهر الاختبار الذي نواجهه.


ــ هل يوجد حقًا ما يُسمّى بـ"العالم الإسلامي"؟

يكثر في أوقات الأزمات إطلاق أحكام من قبيل: "لو كان هناك ما يُسمّى بالعالم الإسلامي لما وقعت هذه المآسي". غير أن استحضار حقائق الماضي يكشف أن وجود إمبراطوريات إسلامية كبرى وقوية لم يمنع وقوع أزمات ومشكلات ضخمة آنذاك. لذا، لا ينبغي الالتفات إلى التصريحات التي تنفي وجود "عالم إسلامي" وتصفه بالخطاب العاطفي. فالجغرافيا الإسلامية موجودان وحيّان، وسيظلان قادرين على مواجهة الأزمات وتعلم كيفية تجاوزها.


ــ ما هو الوضع الراهن في غزة؟

من الواضح أن الوضع الحالي في غزة يمثل وصمة عار على جبين العالم الإسلامي والمسلمين. سيحاسب المسلمون على تقاعسهم في امتحان غزة، في الدنيا والآخرة. ومع ذلك، فإن مجرى التاريخ لا يتوقف عند تقصير المسلمين أو مواقفهم في أي قضية. فرغم القوة الهائلة التي تمتلكها إسرائيل والأضرار التي سببتها لغزة، لم تُحقق نصرًا في هذه الحرب، وستسجل كتب المؤرخين في المستقبل أن العملية التي بدأت بـ "طوفان الأقصى" كانت بداية طريق انهيار إسرائيل.


ــ إلى أين تتجه الأوضاع في سوريا؟

سوريا اليوم ـ كما كانت في الماضي ـ المفتاح الحاسم للشرق الأوسط. وعندما يُفتح هذا المفتاح، ستضعف سلاسل الهيمنة الأخرى وتبدأ في التصدع. وتدرك إسرائيل هذه الحقيقة، ولذلك لا تفوت أي فرصة لعرقلة استقرار سوريا، كما أن إيران تعارض الاستقرار في سوريا. أما الإدارة السورية الجديدة فتبذل قصارى جهدها للتركيز على أجندتها الخاصة، والتصدي لكافة المحاولات الاستفزازية.


ــ هل هناك بارقة أمل في تركستان الشرقية؟

في ضوء الظروف الراهنة، يبدو أن سياسات الصين في قمع الأتراك الأويغور وفرض الاندماج القسري في تركستان الشرقية قد بدأت تُعطي نتائجها المرجوة. غير أن التاريخ زاخر بالتحولات المفاجئة والمنعطفات الحاسمة، ويستحيل التكهن بما قد يحدث بعد عقدين أو ثلاثة عقود. فقد تضعف الصين، أو تحدث تطورات مفاجئة على الصعيد العالمي، وقد تتغير السياسات الدولية، ولذلك من الضروري أن نستمر في الدفاع عن القضية بأدق وأصدق الحجج وأكثرها واقعية، دون أن نفقد الأمل.


ــ ما هي المسؤوليات الأساسية للمسلم إزاء هذا الوضع؟

المنطلق الأول هو فهم طبيعة التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي بتروٍ وعقلانية، فـلا يمكن تحديد العلاج إلا بعد تشخيص دقيق. ثم يأتي دور تطوير الذات بشكل ممتاز. فالشعارات الفضفاضة مثل "إصلاح المجتمع" أصبحت في ظل الظروف الراهنة مضيعة للوقت. لكن حفنة من الرجال الأكفاء المدركين لما يفعلونه والملتزمين بالعمل الجاد والمتحدين في الهدف، لديهم القدرة على تغيير العالم.

لقد كانت الأمسية التي قضيناها في مدينة تُتخذ فيها قرارات مصيرية تتعلق بالعالم الإسلامي والمسلمين مثمرةً وممتعةً وجديرةً بالوقت الذي قضيناه فيها.








#العالم الإسلامي
#سوريا
#تركستان الشرقية
#غزة