عائلة الحُسيني

08:4210/08/2025, Pazar
تحديث: 10/08/2025, Pazar
طه كلينتش

على مدار 401 عامًا من حكم الدولة العثمانية الطويل في فلسطين، برزت بعض العائلات النبيلة. وكان بعض هذه العائلات كانت موجودا بالفعل في فلسطين مع بداية حكم الدولة العثمانية في أواخر عام 1516، بينما اكتسب بعضها الآخر نفوذًا بمرور الوقت، وأبرز هذه العائلات: عائلة نسيبة: يرجع نسبها إلى الصحابية الكريمة أم عمارة نسيبة بنت كعب، والتي سلمها الخليفة عمر بن الخطاب عام 638 مفاتيح كنيسة القيامة في القدس؛ عائلة جودة: عُيّنت لمساعدة عائلة نسيبة في إدارة شؤون فتح وإغلاق كنيسة القيامة بعد أن طهر صلاح الدين الأيوبي

على مدار 401 عامًا من حكم الدولة العثمانية الطويل في فلسطين، برزت بعض العائلات النبيلة. وكان بعض هذه العائلات كانت موجودا بالفعل في فلسطين مع بداية حكم الدولة العثمانية في أواخر عام 1516، بينما اكتسب بعضها الآخر نفوذًا بمرور الوقت، وأبرز هذه العائلات:

عائلة نسيبة: يرجع نسبها إلى الصحابية الكريمة أم عمارة نسيبة بنت كعب، والتي سلمها الخليفة عمر بن الخطاب عام 638 مفاتيح كنيسة القيامة في القدس؛

عائلة جودة: عُيّنت لمساعدة عائلة نسيبة في إدارة شؤون فتح وإغلاق كنيسة القيامة بعد أن طهر صلاح الدين الأيوبي القدس من الصليبيين عام 1187.

عائلة العلمي: من أصل مغربي استقرت في القدس برفقة جيش صلاح الدين، وتولت مهمة حمل راية الجيش، واشتهرت لاحقاً بتخريج العديد من العلماء من صفوفها.

عائلة الخالدي: يعود نسبها إلى الصحابي خالد بن الوليد، ولعبت أدواراً رئيسية في الحياة العلمية بالقدس منذ عهد الأيوبيين، وأسست عام 1900 واحدة من أولى المكتبات الخاصة في الدولة العثمانية.

عائلة النشاشيبي: تنحدر أصولها من الأتراك أو الأكراد، هاجرت من مصر إلى فلسطين في أواخر القرن الخامس عشر.

عائلة الحُسيني: ينسبون أنفسهم إلى الحسين بن علي، حفيد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وشغل أفرادها مناصب رفيعة في البيروقراطية العلمية والسياسية في القدس منذ القرن الخامس عشر.

عائلة طوقان: من أصول عربية، سيطروا على تجارة نابلس وما حولها.

عائلة الدجاني: كُلّفوا بمرسوم خاص من السلطان سليمان القانوني بإدارة أوقاف النبي داود عليه السلام في القدس.

عائلة البرغوثي: من أصول يمنية، استقرت في رام الله، ولعبت دوراً مؤثراً في السياسة الفلسطينية منذ القرن التاسع عشر.

عائلة العبد الهادي: كانت تملك أراضٍ واسعة في شمال فلسطين.

ومن بين هذه العائلات، برزت عائلة الحسيني بشكل خاص، نظرًا لعلاقاتها الوثيقة مع الإدارة العثمانية. وعند النظر إلى قصة هذه العائلة عن كثب، التي كان من أبرز أفرادها مفتي القدس الحاج أمين الحسيني، لا نواجه مجرد قصة عائلة فحسب، بل نرى أيضًا تاريخ القدس وفلسطين المضطرب على مدار القرون الثلاثة الماضية.

ويُعدّ كتاب "ظهور سلالة فلسطينية وسقوطها: آل الحسيني 1700 - 1948 " للمؤرخ اليهودي البروفيسور إيلان بابي، الذي اكتسب شهرة عالمية مستحقة بأعماله التي تدحض السردية التاريخية الصهيونية، كأحد أبرز المصادر التي توثق تلك الحقبة بدقة وعمق.

بعد سقوط الدولة العثمانية، برز دور عائلة الحسينيين في فلسطين بشكل أوضح، لا سيما بعد تولي الحاج أمين الحسيني منصب الإفتاء، ما أتاح للعائلة السيطرة على مؤسسات الأوقاف والمحاكم، ويصف بابيه هذه المرحلة في كتابه باعتبارها فصلًا من تاريخ العائلة حافلًا بالدراما الشخصية؛ إذ شكّلت الثورة العربية عام 1936 ذروة قيادة الحاج أمين، ولكن في تلك الفترة تعمّقت الانقسامات داخل السياسة الفلسطينية. وبأسلوب دقيق أشبه بعمل المخرج الوثائقي، يسرد المؤلف لقاءات الحسيني مع البريطانيين والفاعلين في العالم العربي، ومشاركته في مؤتمرات لندن، وسنوات منفاه، وصولاً إلى حقبة إقامته المثيرة للجدل التي قضاها في برلين خلال الحرب العالمية الثانية.

ولا يكتفي الكتاب بسرد زمني لسيرة عائلية، بل يوفّر أرضية يلتقي فيها التاريخ الجزئي والتاريخ العام في إطار واحد. ويستند بابيه إلى مصادر متنوعة: من وثائق الأرشيف العثماني وسجلات قضاة القدس، إلى تقارير الانتداب البريطاني، والمراسلات الخاصة لعائلة الحسيني، مرورا بالصحافة العربية والإنجليزية في ذلك العصر، ووصولًا إلى المذكرات الشخصية. لكنه لا يقدم هذه المادة كبيانات جامدة، بل يوظفها كخيوط لنسج رواية حية؛ هذا خيار مقصود من المؤلف، إذ يؤكد في المقدمة أن "هذا الكتاب يروي قصة" وأنه يؤمن بأن "الوصف قد يكون قويًّا بقدر التحليل". وبذلك يقدّم بابيه، من خلال عمله، إجابة عملية وقوية على سؤال: "كيف ينبغي أن يُكتب التاريخ ويُروى؟".

ولمن يبحث اليوم عن قراءة متعمقة تتمحور حول فلسطين، فإن كتاب "ظهور سلالة فلسطينية وسقوطها: آل الحسيني 1700 - 1948 " يعد خيارًا جديرًا بالاقتناء والقراءة.



#عائلة الحُسيني
#فلسطين
#الدولة العثمانية
#إيلان بابيه