خط غزة بين مرحلة ما قبل غزة وما بعد غزة

07:2312/10/2025, الأحد
تحديث: 30/10/2025, الخميس
يوسف قابلان

تم توقيع اتفاقية سلام لوقف الإبادة في غزة أخيرًا. بدأت القوات الإسرائيلية بالانسحاب. حتى يتم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، فإن أي وقف لإطلاق النار يُعلن اليوم قد يُنقض غدًا من قبل إسرائيل، كما كان يحدث دائمًا. أهم الخطوات لوقف إسرائيل تتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحمي حقوق الشعب الفلسطيني وتضمنها في كل المنصات… دولة مستقلة تصون حق القانون والعدل. أخوُنا ممثلنا في MTO أذربيجان وطالبنا المتميز فوغار عزيزوف كتب مقالة رائعة يوضح فيها معنى حادثة غزة والدور الحاسم الذي تلعبه في صناعة التاريخ. "العالم

تم توقيع اتفاقية سلام لوقف الإبادة في غزة

أخيرًا.


بدأت القوات الإسرائيلية بالانسحاب.


حتى يتم تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، فإن أي وقف لإطلاق النار يُعلن اليوم قد يُنقض غدًا من قبل إسرائيل، كما كان يحدث دائمًا.


أهم الخطوات لوقف إسرائيل تتمثل في إقامة دولة فلسطينية مستقلة تحمي حقوق الشعب الفلسطيني وتضمنها في كل المنصات… دولة مستقلة تصون حق القانون والعدل.


أخوُنا ممثلنا في MTO أذربيجان وطالبنا المتميز فوغار عزيزوف كتب مقالة رائعة يوضح فيها معنى حادثة غزة والدور الحاسم الذي تلعبه في صناعة التاريخ.


"العالم لنا حامِل، ونحن نحو الحقيقة"

ما قبل غزة كان ظهور تجلّي الجلال الذي استدعيناه بأيدينا في إسرائيل، لأن «نحن» لم نكن موجودين. وعندما يغيب «نحن»، يظهر هذا التجلّي ليس كرحمة بل كغضب.

كما قلنا سابقًا: غزة هي دعوة إلى "نحن" الذي يحمل العالم في رحمِه.


العالم يبحث عن الرحمة التي قتلها الجمود العلمي. الجلال يكتمل مع الجمال. ومن غياب الرحمة، وهي انعكاس للجمال، كان ظهور الجلال كغضب أمرًا حتميًا.


في أولى فترات الانكسار في تاريخ الإسلام، كان المغول كعصا الجلال يوقظون الرحمة في "نحن". في الأناضول، لغة الحب لدى مولانا ويونس كانت صوغًا دقيقًا لهذه الرحمة. واليوم يمر التاريخ مرة أخرى بفترة انكسار مماثلة كجزء من سنن الله.


الصراخ الذي يخرج من غزة، وخاصة من الأطفال، هو صرخة الرحمة.


وكما كان المغول غضبًا يذكّر بالعقوبة التي استحققناها بأيدينا، فإن إسرائيل اليوم هي الثمن الذي ندفعه لغياب "نحن".


غزة اليوم: بداية ما بعد غزة


غزة اليوم تعطي إجابة أولية على سؤال: "كيف سيُشكّل ما بعد غزة؟" عبر بذرة الرحمة المزروعة في فطرَتنا.


غزة هي نقطة انطلاق الرحمة الإنسانية من جديد في وجه الظلم الذي تمثله الحداثة الصارمة. أي أن تجلّي الجمال قد بدأ، وبذرة الرحمة هذه ستقدّم فكرة جديدة لبداية مختلفة للعالم المتهالك.


الرحمة: اسم البداية


الرحمة هي البداية.


لكن أي نوع من البداية؟


كيف ستفتح بوابة من اليوم إلى المستقبل، إلى عالم "ما بعد غزة"، كما يقول يوسف كابلان؟


في هذه النقطة، حان وقت تحويل هذه الرياح الرحيمة، التي هي بذرة المستقبل، إلى أصلها الطبيعي دون السماح لأي مفاهيم أخرى بتوجيهها.


الرحمة، أول انعكاس لتجلّي الجمال، تحركت في مواجهة الغضب… وكيف؟


الحظر: من رد الفعل إلى الفعل


الحظر ليس مجرد رد فعل، بل هو فعل قائم على الحقيقة.


إذا اقتصر الحظر على الأبعاد الأفقية، يضيع الإنسان داخل العقلية التي يحظرها.


لكن للحظر بعد "عمودي" أيضًا، يمكن تسميته البُعد النفسي.


الحظر الحقيقي هو تجسيد الحقيقة في الفعل، وليس مجرد رد فعل على العدو.


كما يقول يوسف كابلان: الحظر يجب أن يكون أساسًا للعمل، لا مجرد رد فعل.


الرد فعل = أنت غائب هناك.


العمل = انعكاس هويتك = أنت موجود هناك.


تجلّي الرحمة يبدأ بسحبنا من عجلة العالم، وهو أول مؤشر للعودة إلى "نحن" بداخلنا.


ثلاثية: الحظر - الزهد - الاكتفاء الذاتي


كنمط حياة، يجب أن يكون الحظر انعكاسًا لوجود الإنسان وليس مجرد رد فعل.


يمكننا أن نمشي وفق الثلاثية: "العلم - المعرفة - الحكمة"، والتي تُترجم إلى الفعل الحضاري كالتالي:


الحظر - الزهد - الاكتفاء الذاتي


المعرفة جسر بين العلم والحكمة.


الزهد يصبح أسلوب حياة مستندًا إلى المعرفة.


الحظر يعكس التطبيق العملي للعلم وتجسيد الحكمة في الاكتفاء الذاتي.


الحظر ليس فقط ضد المنتجات اليهودية، بل ضد العقلية اليهودية. إنه فعل تنظيف للعقل والقلب.


التمتّع أم الحماية؟


حضارتنا تقوم على الإنسان، وتضعه في المركز وتهدف إلى الإنسان الكامل.


الطريق إلى الكمال يُحدّد من خلال علاقة الإنسان بالعالم.


نحن لا نسعى إلى "امتلاك العالم"، بل إلى "حمايته".


الفرق كبير: من يسعى لامتلاك العالم يحوّله إلى جحيم، ومن يحميه يتمتع بسيادة روحية - كأن يرى العالم من فوق.


العقل الذي بلغ كماله، كما يقول يوسف كابلان:

"عقل يعيش في هذا العالم لكنه لا يعيش مع هذا العالم."


هذا هو وعي "الحماية".


من لا يوجه نفسه بعمق، ينجرف في التيار الأفقي، يريد السيطرة على العالم ويغفل عن أعماقه، وهذا هو "الامتلاك".


إذا نظر شخصان من الأعلى لنفس الشيء، لا يتصادمان. أما إذا امتدوا للأرض، فالأحد يخسر، وينشأ النزاع.


لهذا، حضارتنا تقوم على الحماية، لا الامتلاك.

#اتفاق غزة
#الشعب الفلسطيني
#الدولة الفلسطينية
#حل الدولتين
#إسرائيل
#مجازر غزة