
رئيس وزراء ماليزيا السابق : - الغرب فقد قيمه الأخلاقية وأصبح يتصرف وفق سلوكيات بدائية - واشنطن فقدت مصداقيتها باعتبارها قوة قيادية في العالم - منظمة التعاون الإسلامي لا تستطيع القيام بدورها كون قراراتها قائمة على التوافق الكامل
انتقد رئيس وزراء ماليزيا السابق مهاتير محمد، الدور الذي تمارسه الولايات المتحدة في العالم حاليا، معتبرا أنها باتت مثالا على "انهيار قيم الحضارة الغربية" بوقوفها وراء حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة وتهديدها كل من يحاول منعها.
جاء ذلك في مقابلة مع الأناضول، بمناسبة بلوغه عامه المئة، كشف خلالها عن ممارسات تبرز تدني قيم الغرب وعدم اهتمامه بحياة البشر، فضلا عن عدم إيمانه بالتعددية الحزبية أساسا للديمقراطية.
وقال: "الغرب فقد قيمه الأخلاقية وأصبح يتصرف وفق سلوكيات بدائية"، مبينا أن الولايات المتحدة على سبيل المثال "تهدد كل من يحاول وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة".
ووصف رئيس وزراء ماليزيا السابق ما تمارسه واشنطن من دعم لإسرائيل في حرب الإبادة على غزة بأنه "انهيار لقيم الحضارة الغربية".
وتشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق، إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 195 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.
** أمريكا لم تعد تهتم بحقوق الإنسان
وفي سياق متصل، أدان رئيس وزراء ماليزيا السابق صمت الدول الغربية إزاء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على غزة.
وأضاف: "في العادة، عندما ترى ظلمًا مثل الإبادة الجماعية في غزة، يجب أن تفعل شيئًا لوقفه، لكننا لا نستطيع فعل ذلك لأن وراء هذه الإبادة قوة عظمى، وهي الولايات المتحدة".
وأبرز في حديثه أن الولايات المتحدة "تهدد كل من يحاول وقف الإبادة الجماعية"، مشددا على أن ذلك السلوك "انهيار لقيم الحضارة الغربية".
وبيّن محمد أن ما وصل إليه العالم الغربي حاليا يدل على أن "القادة الغربيين فقدوا قيمهم الأخلاقية ولم يعودوا متحضرين".
وأشار إلى أن واشنطن "فقدت مصداقيتها بوصفها قوة قيادية في العالم (..) نعلم الآن أن الولايات المتحدة لا تهتم بحقوق الإنسان ولا بالحياة البشرية، إنها لم تعد دولة يُحتذى بها".
وبالحديث عن موقف منظمة التعاون الإسلامي حيال مواصلة إسرائيل حرب الإبادة على قطاع غزة، قال محمد إن المنظمة "لا تستطيع القيام بدورها، كون قراراتها قائمة على التوافق الكامل".
وأوضح: "إذا خرجت دولة واحدة عن التوافق فلن يتمكنوا من فعل شيء. ولهذا، لم تفعل المنظمة شيئًا، لأنه دائمًا سيكون هناك خلاف بشأن ما يجب فعله، حتى في حالة إسرائيل".
** "استطعنا أن نُغني بلدنا"
مهاتير محمد قال إنه لم يكن يتوقع يوما أن يصبح رئيسا لوزراء ماليزيا، لكنه وصل إلى هذا المنصب وتمكن من الاستمرار فيه لمدة 22 عاما.
محمد الذي أكمل دراسة الطب بنجاح قبل أن يدخل البرلمان عام 1964، تولّى رئاسة الوزراء أول مرة عام 1981، واستمر في قيادة ماليزيا نحو تنمية اقتصادية ملحوظة، رغم حداثة استقلالها عن بريطانيا، وجعلها محط الأنظار في جنوب شرق آسيا.
وبالحديث عن جهود التنمية في ماليزيا بعد الاستقلال، قال محمد: "بعد الاستقلال، كانت لدي بعض الأفكار، وطبقتها، وبحمد الله حصلنا على نتائج واستطعنا أن نُغني بلدنا".
ولفت إلى أن "إدارة الاقتصاد بشكل جيد والاستقرار السياسي" من العوامل الأساسية لتحقيق أهداف البلاد، داعيًا إلى "تثقيف المواطنين للقيام بما يلزم من أجل نجاح ماليزيا".
وأكد أهمية فهم حاجات المجموعات العرقية المختلفة في ماليزيا، مبينا أن "على القادة الاهتمام بالأعراق المختلفة وفهم احتياجاتهم".
على صعيد آخر، انتقد محمد النظام الحزبي المتعدد، معتبرا أن الديمقراطية "يجب أن تعتمد فقط على حزبين يتنافسان، وهو ما يتيح تشكيل حكومة قوية".
وأردف: "الجميع يريد أن يصبحوا قادة، والناس ينقسمون إلى مجموعات صغيرة، فلا يتمكنون من الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة. لهذا، فشلت الديمقراطية في كثير من الأحيان".
** أسرار العمر المديد
وُلد مهاتير محمد بولاية قدح الماليزية في 10 يوليو/ تموز 1925، وتحدث عن سر بلوغه سن المئة، قائلا: "لا أعلم حقا، ربما إذا كنت محظوظا بما فيه الكفاية لتجنب الأمراض المميتة، فبإمكانك أن تعيش طويلا".
وأوضح أنه يحافظ على نشاطه الذهني من خلال القراءة والكتابة والمحادثة والمناظرة، مؤكدا "أهمية أن تحافظ على نشاط عقلك وجسدك لكي تستمر في العمل بشكل جيد".
وحذر محمد من الكسل، وقال: "إذا كنت شخصا يلاحظ جيدا، فستتعلم كثيرا من خلال ما تراه وتختبره، وهذه التجارب تساعد لاحقا في حل المشكلات".
وختم بالإشارة إلى دور زوجته ستّي حازمة محمد علي (98 عاما) في حياته، قائلا: "زوجتي كانت دائما بجانبي. لم تكن زوجة فحسب، بل أيضا رفيقة وصديقة. إنها تدعمني دائما في أنشطتي".