
الأناضول حصلت على نسخة من مشروع القانون الذي سيعرض الأحد على المجلس الشعبي قبل المصادقة عليه الأربعاء..
يستعد المجلس الشعبي الوطني الجزائري لمناقشة مقترح قانون يقضي بتجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر خلال الفترة الممتدة بين 1830 - 1962، وينص المقترح على تحميل باريس المسؤولية القانونية الكاملة عما ارتكبته في البلاد.
كما يقر مشروع القانون الجزائري - صيغ في 26 مادة و5 فصول - أحكاما بالسجن والغرامات المالية بحق كل من يمجد أو يروج للاستعمار الفرنسي.
الأناضول حصلت على نسخة من مشروع القانون المقرر عرضه الأحد المقبل للمناقشة على مستوى المجلس الشعبي (الغرفة الأولى للبرلمان) قبل أن يصادق عليه الأربعاء، في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجلسات العلنية.
وأوضحت النسخة أن مقترح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر "لا يمثل فقط استجابة لواجب الذاكرة الوطنية، بل يكرس ممارسة حق سيادي مشروع، يمارسه الشعب الجزائري، على غرار كل الشعوب الحرة، طبقا للمواثيق والمعاهدات والأعراف الدولية، لمواجهة كل أشكال الاحتلال والاستعمار".
وأكدت في الوقت ذاته، أن من أهداف مشروع القانون "تحصين السيادة الوطنية من محاولات التزييف وقلب الحقائق، ودعوة لتحقيق العدالة وصون الكرامة والانتصار للحقيقة التي تحاول قوى الاستعمار طمسها".
ولم يشر مقترح القانون، إلى مصطلح "الذاكرة المشتركة" الذي تستعمله الطبقة السياسية الفرنسية وبعض المؤرخين الفرنسيين، عند تناول فترة استعمار الجزائر.
ومقابل ذلك، يرفض مشروع القانون بشكل صريح "منطق المساواة بين الضحية والجلاد".
ويعتبر أن "رفض الحكومة الفرنسية الاعتراف الصريح بمسؤوليتها التاريخية اتجاه الجزائر دولة وشعبا من الأسباب التي دفعت إلى صياغة مشروع القانون".
وفي 23 مارس/ آذار الماضي، شكل رئيس المجلس الشعبي إبراهيم بوغالي، لجنة برلمانية من ممثلي 6 كتل نيابية ونائب مستقل، وكلفها بصياغة مقترح القانون.
وقال بوغالي حينها إن "هذه الخطوة تأتي تجاوبا مع إجماع كل التيارات السياسية حول هذا الموضوع، تكريما لذاكرة أسلافنا الميامين من جيل المقاومة إلى جيل ثورة التحرير المجيدة"، وفق بيان المجلس.
** جريمة دولة
ويوضح مشروع القانون في مادته الثانية أنه يهدف إلى "تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر وآثاره المباشرة وغير المباشرة التي استمرت بعد ذلك".
ويعتبر الحملة العسكرية المفاجئة التي بدأتها فرنسا لاحتلال الجزائر "عدوانا سافرا على سيادة دولة قائمة آنذاك، وانتهاكا صارخا للمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية السائدة في تلك الفترة".
وتعتبر المادة الثالثة منه، الاستعمار الفرنسي للجزائر "جريمة دولة تنتهك المبادئ والقيم الإنسانية والسياسية والاقتصادية المكرسة في المواثيق والأعراف الدولية".
ويظهر المشروع في المادة الرابعة أن الدولة تعمل على "كشف الحقائق التاريخية المرتبطة بالاستعمار الفرنسي للجزائر ونشرها".
** 30 جريمة
مشروع القانون يحدد في الفصل الثاني 30 جريمة تدخل ضمن جرائم الاستعمار الفرنسي للجزائر، وعلى رأسها "القتل العمد، والاستخدام المفرط للقوة المسلحة، واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا، وزرع الألغام والتجارب النووية".
ومن الجرائم التي نص عليها: "تدمير الممتلكات ومصادرتها، وإلحاق ألقاب مشينة بالجزائريين بشكل منهجي بهدف العبث بنظام الحالة المدنية للجزائريين، والاعتداء على حرمة الموتى والتنكيل برفاتهم واحتجاز أجزاء منها".
وينص المشروع بوضوح على أن جرائم الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري "لا تسقط بالتقادم"، فيما يصنف أعمال المتعاونين مع الاستعمار ضمن "جريمة الخيانة العظمى".
** المسؤولية والتنفيذ
ويحمل مشروع القانون باريس عن ماضيها الاستعماري "وما خلفه من مآسي"، وينص على أن تسعى الجزائر "بكل الوسائل والآليات القانونية والقضائية لضمان الاعتراف والاعتذار الرسميين من طرف دولة فرنسا عن ماضيها الاستعماري".
ولم يغفل النص مطلب التعويض الشامل والمنصف عن كل الأضرار المادية والمعنوية التي خلفها الاستعمار.
وفيما يتعلق بملف التجارب النووية، يحث النص دولة الجزائر على "مطالبة فرنسا بتنظيف مواقع هذه التجارب الملوثة إشعاعيا، وتسليم خرائط مكان إجرائها إلى جانب خرائط الألغام المزروعة، وتعويض ضحايا أضرار هذه التفجيرات".
ويفرض مقترح القانون عقوبات بالسجن من سنتين إلى 10 سنوات، عن كل أفعال تمجد أو تروج للاستعمار، بـ "قول أو فعل أو إشارة أو كتابة أو رسم أو نشر فيديوهات أو تسجيلات صوتية تهدف إلى تبرير الاستعمار إلى الإشادة به".
إلى جانب غرامات مالية تصل أقصاها إلى مليون دينار جزائري (6000 دولار أمريكي).
وتأتي مناقشة البرلمان لمقترح القانون في وقت تمر فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية بواحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ البلدين.
ودخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية نفقا مظلمًا منذ أشهر عقب اعتراف باريس بمقترح الحكم الذاتي الذي طرحته الرباط قبل سنوات كحل للنزاع في إقليم الصحراء.
في المقابل، تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي ترفض الحكم الذاتي، وتدعو إلى منح سكان إقليم الصحراء حق تقرير المصير.
ولا تكاد تتحسن العلاقات بين الجزائر وفرنسا حتى تعود سريعا إلى التأزم، لا سيما على خلفية الملفات المرتبطة بتداعيات استعمار فرنسا للبلد العربي طيلة 132 سنة، إذ ترفض باريس معالجة تلك الملفات التي تسببت في أوضاع كارثية.






