استشهد محسن كيراميتشي في اليوم الذي بدأ فيه العمل كمساعد مفتش شرطة في القصف الذي تعرض له مقر رئاسة دائرة العمليات الخاصة في غُل باشي خلال محاولة الانقلاب. كانت زوجته حاملا في شهرها الثامن؛ إذ وضعت طفلة بعد 5 أسابيع من وفاته حملت اسم غوكتشه. وكان الشهيد يبلغ من العمر 28 ربيعًا.
كان الشهيد كيراميتشي قد أكمل تعليمه بقسم الكهرباء بإحدى المدارس المهنية، وحل ثانيا بين طلبة المدارس المهنية في اختبار الالتحاق بالجامعة. وعندما لم يستطع الالتحاق بقسم الميكاترونيك الذي كان يريده بسبب مشكلة عدد الطبقات، قرر أن يعمل بجهاز الشرطة. عمل في مدينتي غوموش هانه وإسبرطة، ثم واصل الدراسة حتى أصبح مساعد مفتش. وعندما استشهد عشية محاولة الانقلاب كان في أول يوم عمل له في رئاسة دائرة العمليات الخاصة. وكان عمل كذلك على الحدود في مقاطعتي جزرة وكوباني.
عثر على جسده بعد 3 أيام
خرج الشهيد كيراميتشي من بيته ما إن استدعي إلى مكان عمله عشية 15 يوليو/تموز، واستأمن جيرانه على زوجته صدا البالغة 23 عاما والتي كان حاملا في شهرها الثامن. سقط كيراميتشي شهيدا في الهجوم الثاني بالقنابل على مقر رئاسة دائرة العمليات الخاصة، ونقل جثمانه إلى مشرحة إحدى مستشفيات النساء والتوليد في أنقرة. بحثت عنه عائلته في جميع مستشفيات العاصمة، لكنهم لم يفكروا أنه يمكن أن يكون في مستشفى للنساء والتوليد، فلم يصلوا إليه طيلة 3 أيام. لكن شقيقه الأكبر وشقيقته وصلا إلى المستشفى بناء على معلومات حصلا عليها من صديق محسن في العمل، واستطاعا التعرف عليه بعد إجراء اختبار للحمض النووي.
قال شقيق الشهيد محمد إن صدا زوجة الشهيد، الذي مات قبل أن يرى ابنته غوكتشه، كانت متماسكة للغاية، وإنها عندما تلقت نبأ استشهاد زوجها لم تسمح حتى لأحد بتهدئتها. وأضاف أن انتظارهم لثلاثة أيام بعد فقدان أخيه ساعدهم على الاستعداد – ولو قليلا – لتلقي هذا النبأ.
"لم يستطع سماع نبضات قلب ابنتنا"
سردت زوجة الشهيد صدا مشاعرها عندما احتضنت ابنتها للمرة الأولى قائلة "كانت بشرة ابنتي عند ولادتها ناصعة البياض، كنت فقط أريد أن ينتظرني زوجي عند باب غرفة الولادة وأن يكون معنا أنا وابنتي عند خروجنا. لم أرغب إلا في أشياء عادية للغاية. لم يسمع زوجي نبضات قلب ابنتنا. فلو كان قد سمعها لكنت شعرت بأنني قوية وأستطيع حمايتها عندما أحتضن قطعة منه بين جنبات صدري. كنت أقول إن زوجي يحمينا، والآن لم أسمح لنفسي بالاستسلام لأنني يجب أن أحمي ابنتنا، فهي بحاجة إلي. فكرنا أنا وزوجي في الخروج للتسوق من أجل المولودة عندما تخف حرارة الصيف لأنها تتعبني سريعا. لكن لم نستطع أن نشتري شيئا سويا، ويا ليتنا اشترينا معا لها شيئا ولو كان صغيرا".
"هل ترين والدك يا غوكتشه؟"
قالت صدا إنه لا تقبل بأن يقول أحدهم إن زوجها قد مات، وتابعت: "يا ليت زوجي قد شهد هو الآخر هذه الأيام. لم أصطحب ابنتي إلى قبره، لأني لا أجد حاجة في ذلك، فأنا أستطيع أن أشعر أنه معنا. وما دام الشهداء لا يموتون، فحتما هو معنا وبجانبنا. وعندما أسأل ابنتي "هل ترين أبيك يا غوكتشه؟ هل يقول لك يا عصفورتي الجميلة؟" ألاحظ أن أنفاسها تتسارع وهي نائمة، كما أنها تبتسم، فهي تنام على رائحته. غسلت جميع ملابس زوجي، ولم يبق منه سوى الملابس التي كان يرتديها عندما كان ذاهبا إلى عمله ذلك اليوم، لم يبق من أبيها سوى قميصه. وعندما أريد أن تشعر ابنتي على الأقل برائحته، أضع بجوارها القميص الذي كان يرتديه ذلك اليوم. ثم عندما أقل لها "يأيتها العصفورة الجميلة" أراها تستجيب، أشعر بذلك. أشعر بالقلق لعدم تمكني من الحفاظ على رائحة قميصه لفترة طويلة، وأحاول أن أحافظ عليه بأفضل طريقة حتى لا يفقد تلك الرائحة".
دفن الشهيد محسن كيراميتشي في قونيا يوم الجمعة الموافق 22 يوليو، وأطلق اسمه على مدرسة متوسطة للأئمة والخطباء في إسبرطة.
Bu dünyada yarım bıraktılar diğer dünyada tam olacağız