الإبادة الإسرائيلية ستبقى عارًا معلقًا في عنق الولايات المتحدة

06:4421/09/2025, الأحد
تحديث: 30/09/2025, الثلاثاء
عبدالله مراد أوغلو

في تموز/يوليو 2024، وأثناء حملته الانتخابية للرئاسة، تعرّض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال خلال أحد مهرجاناته. الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعث له برسالة تمنى له فيها السلامة، فردّ ترامب بخط يده على منصة "تروث سوشيال" قائلًا: "محمود، رائع جدًا. شكرًا لك. كل شيء سيكون جميلًا"، مؤكّدًا أنه ينتظر "بفارغ الصبر" تحقيق السلام في الشرق الأوسط. لكن بالنسبة للفلسطينيين لم يكن شيء جميلًا. بل على العكس تمامًا، إذ واصلت إسرائيل، بدعم أميركي كامل، تنفيذ إبادة جماعية شاملة. إدارة ترامب تغاضت حتى عن الهجوم الإسرائيلي

في تموز/يوليو 2024، وأثناء حملته الانتخابية للرئاسة، تعرّض دونالد ترامب لمحاولة اغتيال خلال أحد مهرجاناته. الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعث له برسالة تمنى له فيها السلامة، فردّ ترامب بخط يده على منصة "تروث سوشيال" قائلًا: "محمود، رائع جدًا. شكرًا لك. كل شيء سيكون جميلًا"، مؤكّدًا أنه ينتظر "بفارغ الصبر" تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

لكن بالنسبة للفلسطينيين لم يكن شيء جميلًا. بل على العكس تمامًا، إذ واصلت إسرائيل، بدعم أميركي كامل، تنفيذ إبادة جماعية شاملة. إدارة ترامب تغاضت حتى عن الهجوم الإسرائيلي على قطر، الحليف الأميركي، في الوقت الذي كانت الدوحة تستضيف مفاوضات لوقف إطلاق النار بناءً على مبادرة أميركية.

ورغم أن نتنياهو أعلن موافقته على المقترح، فإن قصف قطر بينما تستضيف محادثات بضمانة أميركية شكّل صدمة في الخليج. التصرف بدا كفخ مكشوف، فيما جاءت تصريحات ترامب سطحية وفاقدة للمصداقية إلى حد السخرية.

ترامب الذي كتب لعباس "كل شيء سيكون جميلًا"، لم يسمح حتى بمشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. رغم أن فلسطين تتمتع بوضع "دولة مراقب" في الأمم المتحدة، فإن رئيسها مُنع من الحضور. وبناءً على تصويت داخل الجمعية العامة، تقرر أن يوجّه عباس كلمته عبر الفيديو فقط.


وفي الوقت ذاته، قدم عشرة أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن مشروع قرار يطالب بـ"وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار"، و"إطلاق سراح جميع الأسرى"، ورفع القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. المشروع حظي بتأييد 14 عضوًا، بينهم أربعة أعضاء دائمين. لكن ترامب، الذي يزعم أنه يسعى لسلام في غزة، لم يتردد في استخدام الفيتو لإسقاط القرار، في موقف لم يكن مفاجئًا.



كلما صعّدت إسرائيل من مستوى جرائمها، زاد الدعم العسكري الأميركي. ترامب أوقف معظم المساعدات الخارجية الصحية والغذائية، بينما واصل إغراق إسرائيل بالأسلحة. صحيفة وول ستريت جورنال كشفت أن البيت الأبيض يخطط لصفقة جديدة بقيمة 6 مليارات دولار لتزويد إسرائيل بالسلاح، بتمويل من أموال دافعي الضرائب الأميركيين.

هذا في وقت تُظهر فيه استطلاعات الرأي أن غالبية الأميركيين يرفضون مجازر غزة ويلعنون الإبادة. لكن إدارة ترامب، كسابقتها إدارة بايدن، تواصل تمويل جرائم إسرائيل بلا خجل.

ترامب منح القطريين ضمانة بعدم تعرضهم لأي هجوم جديد من إسرائيل. لكن ما حدث كشف أن "عدم القدرة على التنبؤ" صفة معروفة لترامب، بينما "الموثوقية" ليست من خصائصه. وبعد الهجوم الإسرائيلي على قطر، زار وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو القدس، وهناك جُرّ إلى "حائط المبكى" حيث ظهر مرتديًا القلنسوة اليهودية، في مشهد أثار السخرية.


روبيو لم يعترض على قصف قطر، بل اكتفى بالحديث عن "الحل السلمي للصراع في غزة"، في الوقت الذي أعلن فيه دعمه لعمليات إسرائيل التدميرية ضد القطاع. وبدا وكأنه يردد مقولة جورج أورويل في روايته الشهيرة 1984: حيث يصبح "السلام" مرادفًا لـ"الحرب".


مدفوعًا بالدعم الأميركي، يواصل نتنياهو استهداف دول المنطقة وإشعال الفوضى. أما ترامب، فيستمر في تزويد إسرائيل بالسلاح، لتتجلى حقيقة أن "أميركا أولًا" تعني عمليًا "إسرائيل أولًا". ترامب قال لعباس: "كل شيء سيكون جميلًا"، لكن ما قصده كان: "كل شيء سيكون أسوأ بالنسبة لكم".


إبادة غزة كشفت الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم. وفي 22 أيلول/سبتمبر، من المتوقع أن تعلن دول غربية كبرى، بينها فرنسا وبريطانيا وأستراليا، اعترافها بدولة فلسطين، في محاولة لإيجاد مسافة سياسية عن إسرائيل. لكن إسرائيل ستواصل عربدتها حتى تتحطم على صخرة الواقع. اليوم، الولايات المتحدة وإسرائيل تخوضان حربًا ضد الإنسانية، لكن التاريخ سيسجل أن المنتصر الأخير سيكون "الإنسانية".


كما في قصيدة الشاعر الإنجليزي صامويل كولريدج "البحّار العجوز"، حيث عوقب البحارة على قتل طائر الألباتروس البريء بأن عُلّقت جثته في عنق القاتل، فإن الإبادة الجماعية في غزة، التي تُرتكب على مرأى العالم بدعم أميركي، ستصبح "الألباتروس الميت" المعلق في عنق الولايات المتحدة.

#الإبادة في غزة
#الدعم الأميركي لإسرائيل
#دونالد ترامب
#محمود عباس
#مجلس الأمن الدولي
#الفيتو الأميركي
#قطر
#ماركو روبيو
#نتنياهو
#السياسة الأميركية في الشرق الأوسط