هل تقتصر المشكلة على المشاهد التي صاحبت زيارة بارزاني؟

08:255/12/2025, Cuma
تحديث: 5/12/2025, Cuma
يحيى بستان

قبل شهرين، زرت أربيل، وأتيحت لي فرصة الاستماع إلى ما يُناقش في الإدارة الإقليمية بخصوص عملية "تركيا خالية من الإرهاب". إحدى الملاحظات التي سجلتها هناك كانت: أن الدور الذي لعبه زعيم حزب الحركة القومية ، دولت بهجلي، كـ "كاسح جليد" في العملية، غيّر الآراء السائدة في الشارع والإعلام في أربيل عن الحزب وزعيمه، حيث تُرك الخطاب النقدي جانباً. وكان هناك ثناء في الإعلام والشارع على تحمّل بهجلي للمخاطر السياسية في هذا الشأن. ولذلك، فوجئتُ كثيراً عندما رأيتُ البيان الصادر عن "الناطق باسم مقرّ بارزاني" والذي


قبل شهرين، زرت أربيل، وأتيحت لي فرصة الاستماع إلى ما يُناقش في الإدارة الإقليمية بخصوص عملية "تركيا خالية من الإرهاب". إحدى الملاحظات التي سجلتها هناك كانت: أن الدور الذي لعبه زعيم حزب الحركة القومية ، دولت بهجلي، كـ "كاسح جليد" في العملية، غيّر الآراء السائدة في الشارع والإعلام في أربيل عن الحزب وزعيمه، حيث تُرك الخطاب النقدي جانباً. وكان هناك ثناء في الإعلام والشارع على تحمّل بهجلي للمخاطر السياسية في هذا الشأن.

ولذلك، فوجئتُ كثيراً عندما رأيتُ البيان الصادر عن "الناطق باسم مقرّ بارزاني" والذي استهدف بشكل مباشر زعيم حزب الحركة القومية بهتشلي، ضمن النقاشات التي ظهرت حول المشاهد التي برزت خلال زيارة مسعود بارزاني لجزيرة، وهو بيانٌ هاوٍ ومرتجل وعاطفي وغير مسؤول. فقد كان متناقضاً مع المناخ الجديد الذي وصفته أعلاه.

وقد أصدرت وزارة الخارجية بياناً حول الموضوع، وطالبت بتقديم توضيحات، واتخاذ إجراءات بحق المسؤولين. ومن المرجح أن ترد حكومة إقليم شمال العراق بأن "موظفاً أدلى بهذا التصريح دون علم القيادة"، وتطبق عقوبات على المسؤول المعني وتغلق القضية. في نهاية المطاف، هذا الجدل عابر. ولن يعطل مسار عملية "تركيا خالية من الإرهاب". لكن هذا الحادث يمثل "إنذاراً مبكراً" للجميع، وأعتقد أن هناك دروسا يجب استخلاصها.


استفزاز أم حادث عرضي؟

أولاً: نحن في أكثر المراحل حساسية في عملية "تركيا خالية من الإرهاب". القافلة تقترب من وجهتها، ولذلك بدأت تُعالج القضايا الأكثر حساسية. وبعد زيارة النواب لإمرالي، تتجه الأنظار إلى التقرير الذي ستعده لجنة البرلمان التركي. ويُنتظر بفارغ الصبر معرفة ماهية التعديلات التي سيُوصَى بها. وفي هذه المرحلة الحاسمة، قد يزداد عدد الاستفزازات والحوادث العرضية. وأعتقد أن مسألة بارزاني كانت حادثاً عرضياً.

إن تصريحات تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، مثل "لم نرتكب جريمة، لذا يُمكن العفو عنا" و"لن نتخذ أي خطوات أخرى حتى إطلاق سراح إمرالي"، قد تعتبر استفزازًا، ومحاولة من الجناح الأوروبي لعرقلة العملية، كما زُعم. كما يُمكن تفسير هذه التصريحات على أنها مطالب طُرحت أثناء إعداد التقرير. ولن تؤثر هذه التصريحات الصادرة عن التنظيم على مضمون التقرير. كما أن الإبقاء على التصريحات المتطرفة على جدول الأعمال سيُغير مسار العملية. والدرس المُستفاد هو الحفاظ على التركيز والاستعداد لمناقشات أوسع، وربما لاستفزازات محتملة. الهدف هو نزع سلاح التنظيم الإرهابي. وبمجرد سنّ اللوائح، سنرى ما إذا كان التنظيم سيلقي السلاح أم لا.

ثانيًا، إن "تركيا الخالية من الإرهاب" عملية يتابعها الرأي العام عن كثب. في هذه المرحلة، يُمكن لأي شيء أن يؤثر أن يؤثر بطريقة ما على العملية. إن وصول شخصية مثل مسعود بارزاني إلى شرناق في هذه المرحلة سيكون له تأثير بالغ. كان ينبغي توقع هذا الأمر، وعندما دُعي بارزاني، كان ينبغي التنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية والدبلوماسية المعنية. أعتقد أن البيروقراطية ستكون أكثر حذرًا في المرحلة القادمة.


ظهور مشكلة أخرى مهمة

إن العلاقات الثنائية بين تركيا وحكومة شمال العراق جيدة. لقد خلق قرار مسعود بارزاني العاطفي بإجراء استفتاء على الاستقلال عام ٢٠١٧ أزمة ثقة. تُوجت هذه العملية باستقالة مسعود بارزاني. نشأت ثقة متبادلة مع رئيس حكومة الإقليم الجديد، نيجيرفان بارزاني. وقد دعمت أنقرة نيجيرفان بارزاني. على سبيل المثال، رُفع حظر الطيران على مطار السليمانية في الأشهر الأخيرة بناءً على طلب بارزاني، مما منحه مصداقية سياسية. كما تُقدم حكومة شمال العراق مساهمات عملية في نجاح عملية "تركيا خالية من الإرهاب". إن استمرار العلاقات على حالها يصب في مصلحة كلا الجانبين. وتنظر أنقرة أيضًا إلى القضية من هذا المنظور.

ولكن أرى قضية مختلفة ناشئة تُهدد العلاقات الثنائية. أشير هنا إلى دعم حكومة إقليم كردستان لقوات سوريا الديمقراطية.

ويدعم أنصار بارزاني عملية "تركيا خالية من الإرهاب". أحد أسباب ذلك هو علاقتهم الودية مع أنقرة. سبب آخر هو مشاكلهم مع حزب العمال الكردستاني وأملهم في التخلص من التنظيم الإرهابي. يدعم البارزانيون قوات سوريا الديمقراطية من منظور متناقض تمامًا. صحيح أنهم يقولون "انضموا إلى دمشق"، لكنهم لا يترددون أيضًا في قول "دافعوا عن اللامركزية" و"لا تُلقوا السلاح".


الدعم اللوجستي والسياسي والدبلوماسي لقسد

في الآونة الأخيرة، صدرت تصريحات متكررة من كل من قسد وأربيل حول هذه القضية. وقد استندت روداو، الخاضعة لسيطرة البارزاني، في سياستها التحريرية إلى وجود قسد واللامركزية. وقد دُعي قائد قسد ، مظلوم عبدي، إلى دهوك، ويُشارك في المنتديات. باختصار، تُقدم لقسد دعمًا لوجستيًا وسياسيًا ودبلوماسيًا. يتكرر الخطأ الذي ارتُكب خلال استفتاء الاستقلال، ما يُرسل رسالة "قومية كردية" إلى دول المنطقة، وخاصة أنقرة.

وكما هو الحال مع عملية "تركيا الخالية من الإرهاب"، نمر بمرحلة حرجة فيما يتعلق باندماج قسد في دمشق. وينتهي الموعد النهائي المنصوص عليه في اتفاق 10 مارس/آذار مع بداية العام. ولكن لم يُحرز أي تقدم. لذلك، تُصدر قسد بيانات إضافية، تقول فيها: "إما اللامركزية أو التقسيم". وأرى أن هذه التصريحات "خطوات ومطالب نهائية في زمن ضيق". تسعى قسد للحصول على دعم من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، خلال هذه الفترة.

وقد جّه الرئيس الأمريكي ترامب رسالةً لافتة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي يتعرض لانتكاسة إقليمية ويواجه مأزقاً داخلياً، ولهذا بدأ بهجوم جديد على جنوب سوريا. قال ترامب: "من الضروري ألا يحدث أي شيء يمنع سوريا من أن تصبح دولة مزدهرة". كما وجّه رسالةً إلى الشرع: "ستكون قائدًا عظيمًا، وسندعمك". هل هذه الرسالة تخص نتنياهو فقط؟ ألا ينبغي لقسد وأربيل أن تأخذ نصيبها من هذه الرسالة أيضاً؟



#بارزاني
#تركيا
#سوريا
#بي كي كي الإرهابي
#قسد
#شمال العراق