الحذر من التحضيرات لإقامة دولة إسرائيل الكبرى.. أو الإمبراطورية الإسرائيلية!

08:3129/12/2025, Monday
تحديث: 31/12/2025, Wednesday
يوسف قابلان

غزّة ستكون محطة فاصلة في تاريخ الإنسانية، كنت قد قلت ذلك من قبل. فاليوم أصبح هناك “ما قبل غزة” و“ما بعد غزة”. نحن — بوصفنا البشرية جمعاء — نمرّ الآن في قلب مرحلة يُصنع فيها التاريخ. غزة: أكبر مُفكِّكٍ للشفرة وهادمٌ للأصنام غزة تمسك مرآةً تُظهر للإنسانية حالها الحقيقي، وتكشف من أين جاءت وإلى أين تتجه. وهي تقوم أيضًا بوظيفة “مُفكك الشفرات”. بل إن غزة تؤدي هذا الدور بوصفها أكبر وأشد مفككٍ للشفرة في عصرنا. غزة ليست مجرّد مرآة بسيطة ولا أداة عادية لفكّ الشفرات؛ إنها — باعتبارها هادمةً لأصنامٍ كثيرة وكسّارةً

غزّة ستكون محطة فاصلة في تاريخ الإنسانية، كنت قد قلت ذلك من قبل. فاليوم أصبح هناك “ما قبل غزة” و“ما بعد غزة”. نحن — بوصفنا البشرية جمعاء — نمرّ الآن في قلب مرحلة يُصنع فيها التاريخ.

غزة: أكبر مُفكِّكٍ للشفرة وهادمٌ للأصنام


غزة تمسك مرآةً تُظهر للإنسانية حالها الحقيقي، وتكشف من أين جاءت وإلى أين تتجه. وهي تقوم أيضًا بوظيفة “مُفكك الشفرات”. بل إن غزة تؤدي هذا الدور بوصفها أكبر وأشد مفككٍ للشفرة في عصرنا.


غزة ليست مجرّد مرآة بسيطة ولا أداة عادية لفكّ الشفرات؛ إنها — باعتبارها هادمةً لأصنامٍ كثيرة وكسّارةً لقوالبنا الذهنية — تؤدي دور فاعلٍ تاريخي يصنع التاريخ ويغيّر مجراه.


ومن بين أكبر الشفرات التي فكّتها غزة، أنها كشفت حقيقة الدور الحاسم الذي يلعبه اليهود في العالم. فقبل غزة، كان يُلصَق فورًا وصف “نظريات المؤامرة” بكلّ من يتحدث عن قوة اليهود وتأثيرهم العالمي. وقد كانت الهيمنة اليهودية واضحة — وخاصة في الأكاديميا الأمريكية — حتى باتت أساطير تُضخّم قوتهم وتُنتج صورة مفادها أنهم قوة لا تُقهر، أو يُرمى كلّ من يتحدث عن نفوذهم بتهمة “التهويل والمؤامرة” ويُقصى من المشهد.


وهذه عملية الإقصاء لم تنتهِ بعد؛ صحيح أنها بدت أضعف بعد ما جرى في غزة، لكن بما أنّ اليهود لا يزالون يهيمنون على المؤسسات الأكاديمية والمالية والاستراتيجية المُعولمة، فإنّ كل من يحاول صياغة جملة حول قوة اليهود يُقصى حتى اليوم!


ورغم أنّ اليهود خسروا كثيرًا من قيمتهم المعنوية واحترام العالم لهم بسبب ما ارتكبوه من مجازر وحشية، بل وتعرّضوا للإدانة والإقصاء، فإنهم لم يفقدوا شيئًا من قوتهم العالمية.


ومهما قال البعض بوضوح عن هذا الواقع، فإنه لا ينجو من غضب اليهود — أو الأوليغارشية اليهودية — التي تفرض نفوذها على أهمّ مؤسسات العالم.


وآخر الأمثلة على ذلك إنهاء مهام المؤرخ التركي البارز والمشهود له عالميًا، جمال قفادار، في جامعة هارفارد.


إنهم مجرمون… وأقوياء في الوقت نفسه!


هذا العالم لا يمكن أن يستمر هكذا!


هذا النظام لا يمكن أن يستمر.

هذا العالم لا يمكن أن يمضي على هذه الحالة.


لقد شهد العالم كيف استولى اليهود — في كل مجال — على المؤسسات الأساسية للبشرية، وكيف استنزفوا ثرواتها، بل “دماءها”.


ولهذا ينظر الناس — وبشكّ بل وبمشاعر كراهية أحيانًا — إلى إسرائيل بوصفها دولةً ترتكب الإبادة، وإلى شبكتها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية والعسكرية والإعلامية والثقافية على مستوى العالم. هذا أمرٌ محسوم.


لكن هناك أيضًا حقيقة أخرى: بما أنّ كل المؤسسات الكبرى التي تمنح العالم شكله السياسي والاقتصادي والاستراتيجي والعسكري — وكذلك الإعلامي والثقافي — تقع تحت سيطرة اليهود، فإن هذا الموقف الشعبي العالمي لا يترجم كثيرًا إلى تأثير ملموس، للأسف.


قد يستمر هذا الوضع مؤقتًا لبعض الوقت؛ لكن عند نقطةٍ ما ستبدأ القوى والبلدان الكبرى بالشكوى من هذا الدور المُذل لقوة اليهود، وستبحث عن طرقٍ للخلاص من هذه الهيمنة الظالمة والمتغطرسة.


والتراجع السريع في سمعة اليهود — الذين حصلوا على مكانتهم بالضغط وتضخيم صورة “الضحية” — بعد مجزرة غزة، سيقود مع الزمن إلى تراجع نفوذهم داخل المؤسسات العالمية.


حلم “الإمبراطورية الإسرائيلية الكبرى”!


عند هذه النقطة بالذات، بينما يفرض الإسرائيليون نفوذهم — بطريقة أو بأخرى — على كل المؤسسات العسكرية والاستراتيجية والمالية في العالم، فإنهم يخوضون معركةً لتحويل قوتهم الإقليمية إلى إمبراطورية. بل تكاد إسرائيل بالفعل تتحوّل إلى إمبراطورية…


وإذا استمر الأمر على هذا النحو، وإذا بقي نفوذ اليهود وهيمنتهم داخل المؤسسات العالمية كما هو، فقد تصبح إسرائيل — خلال فترة ليست طويلة — أقوى دولة في المنطقة عسكريًا وتقنيًا واقتصاديًا وسياسيًا.


سمّوه “إسرائيل الكبرى” أو “الإمبراطورية الإسرائيلية”، لا فرق. خلال نصف قرنٍ على الأكثر ستقاتل إسرائيل لتحقيق حلم “الأرض الموعودة”، وستُرهق دول المنطقة دمًا، وستبلغ الوحشية الإسرائيلية مستوى غير مسبوق، وستسعى إلى استعباد العالم الإسلامي — بما في ذلك تركيا.


إن أهداف هؤلاء البرابرة الذين يرتكبون الإبادة مروعة. ويجب أن نستعد وفقًا لذلك.


وبينما نحن هنا، علينا أن نُسجّل حقيقة أخرى: فتركيا العلمانية أُقيمت بعد انهيار الدولة العثمانية كي يتسنّى تأسيس إسرائيل بسهولة في المنطقة. وقد تلقّت هذه الحقيقة ضربة كبيرة مع حكومة أردوغان “الإسلامية”، ولهذا يهدد نتنياهو — مرتكب الإبادة — تركيا، ويهذي قائلًا: لا تحلموا بإحياء الإمبراطورية العثمانية.


تركيا العلمانية — بعد قيام إسرائيل — أدت عمليًا دور التابع لها. وأودّ أن أذكّر — وبالتأكيد — أن الانقلابات لم تكن تقف خلفها أمريكا بحدّ ذاتها، بل القوة اليهودية داخل أمريكا. فكل الخطوات التي قُدمت لقطع صلة تركيا بالإسلام، وتمزيق المجتمع إلى “علمانيين ومتدينين”، وتفكيك روح الأمة، وبناء مؤسسات تُبعد الأتراك والأكراد عن الإسلام… كل ذلك كان جزءًا من مشروع هدفه ألا يقف شيء في وجه إسرائيل، بل أن يُمهد لها الطريق.


إن “إسرائيل الكبرى” تهدف إلى محو فلسطين من الخريطة، والسيطرة على بيروت ودمشق، واستعباد العرب، وتمزيق تركيا وإغراقها في الدم. علينا أن نكون مستعدين.

#دولة إسرائيل الكبرى
#الإمبراطورية الإسرائيلية
#غزة
#فلسطين