
إجراءات ذكية لحماية المعلم التاريخي وأنظمة أمنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي وتسهيلات للزوار دون المساس بالأجواء الروحانية ** نائب مدير أوقاف إسطنبول لوند تشتين للأناضول: - قمنا بتحديث نظامنا الأمني القائم في الجامع وانتقلنا إلى نظام أمني مدعوم بالذكاء الاصطناعي - هذا النظام يقدم تنبيهات في مجالات متعددة، ويسهّل عمل طاقم الموظفين هنا ويدعمه - مع زيادة عدد الكاميرات والدعم المقدم بواسطة الذكاء الاصطناعي أصبح بالإمكان تفادي أي مشاكل أمنية محتملة داخل الجامع
بين جدرانه التي عاصرت أهم الإمبراطوريات وتحت قبته التي تعانق التاريخ، يدخل جامع آيا صوفيا الكبير بمدينة إسطنبول، في قلب العصر الرقمي، من خلال استخدام أنظمة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، لحماية هذا المعلم الفريد الذي يقف شامخًا لأكثر من 15 قرنًا.
واتخذت المديرية العامة للأوقاف بوزارة الثقافة والسياحة التركية، جملة تدابير لحماية الطابع التاريخي وضمان الأمن في جامع آيا صوفيا الكبير.
ومنذ تحويله إلى جامع بعد فتح إسطنبول في 29 مايو/ أيار 1453 ظل "آيا صوفيا" مفتوحا للعبادة إلى أن جرى تحويله إلى متحف بقرار من مجلس الوزراء عام 1934. ثم أعيد افتتاحه مجددا للعبادة بعد 86 عاما بمرسوم رئاسي تركي في 10 يوليو/ تموز 2020.
ومن خلال التدابير المتخذة من قِبل المديرية العامة للأوقاف بات بإمكان الزوار المحليين والأجانب التنقل براحة أكبر، بفضل التدابير الأمنية المعززة بأحدث الأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي تمنع لحاق أية أضرار قد تطال البنية المادية للجامع.
- ترتيبات جديدة
نائب مدير أوقاف إسطنبول لوند تشتين، قال في حديث للأناضول، إن إعادة افتتاح آيا صوفيا للعبادة، قبل خمس سنوات، كانت خطوة مهمة للغاية.
وأضاف تشتين أن نحو 300 موظف يسهرون على خدمة الزوار والمصلين، وأن هذا الفريق يضم عناصر أمن ونظافة، إضافة إلى موظفين لتنسيق وتنظيم حركة الزوار.
وأشار تشتين إلى أن مديرية أوقاف إسطنبول بدأت منذ 15 يناير/ كانون الثاني 2020، بتنفيذ خطة لإدارة حركة الزوار داخل آيا صوفيا.
ومضى قائلا: "افتتحنا الطابق العلوي للزوار بالتزامن مع اتخاذ تدابير أمنية لحماية العناصر المعمارية والفسيفساء والآثار التاريخية الثمينة من الأذى. ومن خلال خطة إدارة الزوار، فصلنا بين مداخل ومخارج الزوار والمصلين، لم تعد تشاهد طوابير طويلة أمام آيا صوفيا كما كان من قبل".
وأشار إلى أن دخول وخروج المصلين بات أسهل بكثير، وأن الزوار أصبح بإمكانهم مشاهدة الفسيفساء وبقية الأقسام بطريقة أفضل وأكثر تنظيمًا.
وأوضح تشتين أنه مع افتتاح الطابق العلوي أمام الزوار في 15 يناير الماضي، تم إنشاء نظام سرد صوتي بـ23 لغة داخل الجامع.
وقال: "من خلال هذا النظام، يمكن لجميع الزوار الاستماع إلى معلومات حول الفسيفساء داخل جامع آيا صوفيا، والمكتبات التي أُضيفت في العصر العثماني، والمنبر والمنصة الخاصة بالمؤذن، وذلك عبر سماعات هواتفهم أو عبر سماعات يمكنهم الحصول عليها من الخارج، ودون أي رسوم".
وأردف أن المصلين يمكنهم أداء عباداتهم براحة ودون أن تتأثر الأجواء الروحانية الخاصة بالمكان، فيما بإمكان الزوار الاستفادة من الكثير من المعلومات التاريخية المدرجة بلغاتهم الأم.
وأشار تشتين إلى أنهم تلقوا ردود فعل إيجابية من الزوار حول هذه الترتيبات، وأن تخفيف الازدحام أسهم في تقليل الضغط البشري داخل الجامع.
- نظام مدعوم بالذكاء الاصطناعي
وأفاد تشتين إنهم انتقلوا إلى نظام أمني جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي باستخدام مئات الكاميرات المجددة داخل جامع آيا صوفيا الكبير.
وأضاف: "قمنا بتحديث نظامنا الأمني القائم في الجامع وانتقلنا إلى نظام أمني مدعوم بالذكاء الاصطناعي. هذا النظام يقدم تنبيهات في مجالات متعددة، ويسهّل عمل طاقم الموظفين هنا ويدعمه".
وتابع: "مع زيادة عدد الكاميرات والدعم المقدم بواسطة الذكاء الاصطناعي، أصبح بالإمكان تفادي أي مشاكل أمنية محتملة داخل الجامع".
وإذا حاول أي زائر دخول المناطق غير المفتوحة للزيارة داخل الجامع، يقوم النظام بإبلاغ شاشات الموظفين المعنيين تلقائيًا، ما يسرّع من وتيرة التدخل. وهذا الدعم يقدم فائدة كبيرة للمسؤولين عن حماية المبنى، وفق المسؤول التركي.
وأوضح تشتين أن أعمال الترميم داخل الجامع لا تزال مستمرة، وأنهم أكملوا في المرحلة الأولى مشروعًا شاملاً يخص كافة أجزاء الجامع.
وأشار إلى أنهم أنشأوا نسخة رقمية مطابقة للجامع.
وأردف: "أكملنا كذلك أعمال ترميم الترب الموجودة في حديقة الجامع، ومدرسة الصبيان (الذكور)، والبناء الخاص بتحديد الأوقات".
وذكر أنه وبعد القرارات التي اتخذتها اللجنة العلمية، تم إجراء بعض الترميمات الهندسية خاصة في منطقة القبة الرئيسية والقبب الجانبية، أما بخصوص مئذنة السلطان بايزيد الثاني، فقد شارف العمل على الانتهاء.
وختم تشتين قائلا إن أعمال الترميم ستتواصل تدريجيًا ليبقى بناء الجامع زينة للناظرين.
و"آيا صوفيا"، صرح فني ومعماري فريد، يقع في منطقة "السلطان أحمد" بمدينة إسطنبول، واستُخدم لمدة 481 سنة جامعا، ثم تحول إلى متحف في 1934، وهو من أهم المعالم المعمارية في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.