"دمار وحصار".. مشهد من جباليا مع استمرار توغل الاحتلال

09:208/10/2024, الثلاثاء
الأناضول
"دمار وحصار".. مشهد من جباليا مع استمرار توغل الاحتلال
"دمار وحصار".. مشهد من جباليا مع استمرار توغل الاحتلال

يواصل الجيش الإسرائيلي توغله بريا في مخيم جباليا شمال قطاع غزة منذ مساء السبت فيما أعلن رسميا عن العملية صباح الأحد..

بصعوبة بالغة، نجح الشاب رحيم أبو شعبان برفقة عائلته المكونة من 4 أفراد بالنزوح من قلب مخيم جباليا للاجئين الواقع شمالي قطاع غزة، متوجها إلى شارع "الجلاء" شمالي مدينة غزة، مساء الإثنين.

يصف الشاب لمراسل الأناضول نزوحه من "المخيم" الذي يتعرض لعملية توغل إسرائيلية منذ مساء السبت، بـ"الصعب جداً"، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي عن هذه العملية رسميا صباح الأحد.

ويقول: "فرض الجيش على المخيم حصاراً شاملاً، وفجأة ودون مقدمات وجدنا أنفسنا لا نستطيع الحركة بسبب تقدم الآليات الإسرائيلية تجاه منزلنا بمنطقة بلوك 3، فمكثنا في منزلنا تحت النيران إلى أن قررنا النزوح بفعل اشتداد القصف".

ويضيف: "خرجنا من خلف الآليات الإسرائيلية برفقة عدد من الجيران وسلكنا طرقاً فرعية غير معتادة في محاولة للاحتماء من القذائف المدفعية وطلقات القناصة الإسرائيليين الذين يفرضون حصاراً نارياً شاملاً على كل أنحاء المخيم".

والأحد، أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عملية عسكرية في بلدة ومخيم جباليا (شمال) بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة، وذلك بعد ساعات من بدء هجمة شرسة على المناطق الشرقية والغربية لشمالي القطاع منها "جباليا" هي الأعنف منذ مايو/ أيار الماضي.

وتسببت هذه الهجمة التي تخللها سلسلة غارات جوية ومدفعية، بمقتل ما لا يقل عن 50 فلسطينيا، وفق ما أفادت به مصادر طبية وشهود عيان للأناضول.

**دمار هائل

وخلال رحلة النزوح من المخيم، ينقل أبو شعبان المشاهد الصادمة قائلا: "وجدنا جثثا لأشخاص ملقاة على الأرض وسمعنا أصوات مصابين يطلبون النجدة دون أن نتمكن من تقديم المساعدة لهم بسبب صعوبة الوضع الأمني وعدم وجود وسيلة لنقلهم لأقرب مستشفى".

ويستكمل قائلا: "مشاهد الدمار الجديدة في أنحاء المخيم كثيرة رغم أن إسرائيل دمرت معظم منازله ومبانيه في أشهر الحرب السابقة، إلا أنها عمدت خلال هذه العملية إلى تدمير ما تبقى للقضاء على كل مظاهر الحياة".

وصل الشاب وعائلته بعد رحلة النزوح أخيراً إلى حي الدرج في مدينة غزة حيث بيت أقاربهم بحثاً عن الأمان.

ويختم حديثه بالقول: "رغم مطالبة الجيش الإسرائيلي لكافة سكان شمال قطاع غزة بالنزوح إلى مناطق الجنوب قررنا الصمود بالشمال لأنه لا أماكن آمنة أبدا والاستهدافات تطال كل منطقة".

وفي وقت سابق الاثنين، بدأ الجيش الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من 3 بلدات شمال قطاع غزة، في خطوة تبدو تطبيقا غير معلن لـ"خطة الجنرالات" التي تهدف لتفريغ شمال القطاع وفرض حصار مطبق عليه تمهيدا للاستيطان فيه.

وبالتزامن مع الذكرى الأولى لبدء حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وجه متحدث الجيش أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة إكس تحذيرا "إلى سكان بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا" ونشر خارطة للمناطق المطلوب إخلائها.

وقال أدرعي: "عليكم إخلاء هذه المناطق فورا نحو المنطقة الإنسانية المستحدثة في المواصي" في خان يونس جنوبي قطاع غزة.

وتشبه الخارطة التي نشرها أدرعي الأحد خارطة "خطة الجنرالات" التي صاغها قادة سابقون في الجيش الإسرائيلي محسوبون على اليمين، بزعامة الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي غيؤرا آيلاند.

وتم الكشف عن "خطة الجنرالات" مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، وتقضي بتهجير جميع الفلسطينيين من شمال القطاع ضمن مهلة تستمر أسبوعا قبل فرض حصار على المنطقة ووضع المقاتلين الفلسطينيين فيها بين خيار الموت أو الاستسلام.

ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية تبني الخطة، لكن هيئة البث (رسمية) ذكرت في سبتمبر أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) يبحث هذه الخطة.

والأحد ذكرت إذاعة الجيش أنه "لا توجد حاليا أي علاقة بين العملية العسكرية البرية التي بدأت في جباليا وبين تنفيذ خطة الأبطال أو خطة الجزيرة (الجنرالات)".

وتابعت: "هذه عملية عسكرية بحتة، وهي منفصلة تماما عن العملية السياسية، وحتى هذه المرحلة لم يحسم المستوى السياسي أي تنفيذ لخطة سياسية شمال قطاع غزة".

**فرض الحصار

رغم تمكن بعض المواطنين من الفرار من "مخيم جباليا" ظلّ الآلاف من أبنائه محاصرين حتى هذه اللحظة.

وقال الشاب نافذ طعيمة المتواجد في منطقة "بلوك 4" قرب مدارس المخيم، للأناضول، إنه "ما زال محاصرا داخل منزل عائلته برفقة والده".

وتابع : "الجيش الإسرائيلي بعيد عنا حوالي مسافة 200 متر وبكل دقيقة متوقعين وصولهم للمنزل ومداهمته واعتقالنا أو قتلنا".

وأوضح طعيمة أن العشرات من سكان هذه المنطقة بينهم أطفال ونساء وكبار بالسن، ما زالوا داخل منازلهم حيث لم يتمكنوا من النزوح.

وأردف الشاب: "القصف المدفعي لا يتوقف داخل المخيم والطائرات المُسيّرة تحلق بكل مكان وتطلق النار بين الفينة والأخرى وكل من يحاول مغادرة منزله يطلق عليه النار فورا".

**"قذائف عشوائية"

يركز الجيش الإسرائيلي في اجتياحه الحالي لـ"مخيم جباليا" على استعمال سلاح المدفعية لإطلاق القذائف صوب تجمعات المواطنين وممتلكاتهم ما يؤدي لتناثر الشظايا بشكل واسع.

يقول الشاب معاذ موسى (21 عاماً) للأناضول: "جيش الاحتلال بات يعلم تماما أن القذائف المدفعية هي أكثر الأسلحة التي تخيف المواطنين نظراً لعشوائية أهدافها وشظاياها التي تصل لأماكن متعددة وصوتها المرعب".

ويضيف موسى الذي حوصر لمدة يومين في المخيم قبل أن يتمكن النزوح منه مساء الاثنين: "طوال ساعات اليوم يستعمل الاحتلال سلاح القذائف وتصل لمناطق الشمال جميعها، وليس لكافة أرجاء مخيم جباليا فقط".

ويصف عملية النزوح من المخيم بـ"الخطيرة جدا"، لافتا إلى أنه اضطر "للفرار برفقة عدد من الشبان تحت نيران الطائرات المُسيّرة والقذائف المدفعية حتى نجح بالالتحاق بعائلته التي نزحت إلى مدرسة تقع في حي النصر غربي مدينة غزة".

ويتابع موسى قائلا: "كثير من المواطنين أصيبوا داخل بيوتهم وفي الشوارع بسبب القذائف والصواريخ ونيران القناصة، فيما استشهد عدد منهم وهم في أماكنهم بسبب عدم تمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليهم لإنقاذهم".

وبدعم أمريكي، أسفرت حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة عن أكثر من 139 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم

وتواصل تل أبيب حرب الإبادة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال "الإبادة الجماعية" وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.

#اجتياح
#توغل
#عملية عسكرية
#غزة
#فلسطين