
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: ـ الجيش الإسرائيلي دمر أكثر من 94 بالمئة من الأراضي الزراعية في القطاع لتتراجع بذلك القدرة الإنتاجية من 405 آلاف طن سنويا إلى نحو 28 ألف طن ـ القطاع الزراعي تكبد خسائر بنحو 2.8 مليار دولار جراء عامي الإبادة الإسرائيلية ما قلص مساحة الأراضي المزروعة بالخضراوات من 93 ألف دونم إلى 4 آلاف فقط ـ الجيش الإسرائيلي دمر على مدى عامي الإبادة ألفا و233 بئرا زراعية وأخرجها من الخدمة، وما يزيد على 85 بالمئة من الدفيئات الزراعية
لم يسلم القطاع الزراعي في غزة من الدمار والشلل التام الذي لحق بمختلف القطاعات المدنية خلال عامين من الإبادة الإسرائيلية، إذ تحولت مساحات واسعة من الأراضي الخصبة التي كانت تمثل سلة الغذاء الرئيسية للفلسطينيين، إلى أراضٍ قاحلة ليس فيها إلا آثار القصف وآلاف الحفر التي خلفتها أطنان المتفجرات.
ويواجه قطاع غزة الذي عرف على مدى عقود بمزارعه الممتدة من بلدة بيت لاهيا شمالا حتى مدينة رفح جنوبا، واحدة من أكبر النكسات الزراعية في تاريخه، وسط غياب شبه تام للمدخلات الحيوية كالوقود والبذور والأسمدة ومواد الري والحماية الزراعية.
وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، دمر الجيش الإسرائيلي أكثر من 94 بالمئة من الأراضي الزراعية في القطاع من أصل 178 ألف دونم، لتتراجع بذلك القدرة الإنتاجية من 405 آلاف طن سنويا إلى نحو 28 ألف طن.
خسائر القطاع الزراعي
ووفق تقرير إحصائي نشره المكتب الحكومي بغزة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، فإن القطاع الزراعي تكبد خسائر بلغت نحو 2.8 مليار دولار جراء عامين من الإبادة الإسرائيلية.
وأوضح المكتب الحكومي، أن عامين من الإبادة أديا إلى تقلص مساحة الأراضي المزروعة بالخضراوات من أكثر من 93 ألف دونم إلى 4 آلاف فقط.
كما دمر الجيش الإسرائيلي على مدى عامي الإبادة ألفا و233 بئرا زراعية وأخرجها من الخدمة، وما يزيد على 85 بالمئة من الدفيئات الزراعية، حسب المصدر ذاته.
"دمار شبه كامل"
المزارع محمد بركة، من مدينة دير البلح (وسط)، قال إن القطاع الزراعي في غزة تعرض لـ"دمار شبه كامل بسبب الحرب".
وأضاف في حديث للأناضول، أن غياب "المدخلات الأساسية وارتفاع أسعار الوقود حولا الأراضي المزروعة إلى مساحات هامشية لا تتجاوز 1 بالمئة مما كانت عليه قبل الحرب".
وأوضح أن تكلفة الزراعة أصبحت باهظة، ما أدى إلى فشل معظم المحاصيل، حتى داخل الدفيئات التي تضررت بالكامل، الأمر الذي أجبر المزارعين على إزالة الأغطية البلاستيكية التي تضررت بفعل القصف الإسرائيلي وزراعة محاصيل بسيطة كالبقدونس التي لا تحتاج أغطية، دون تحقيق إنتاج مجدٍ.
شلل زراعي وارتفاع أسعار
في السياق، أكد بركة أن فتح معابر القطاع والسماح بإدخال كافة المستلزمات الزراعية خاصة البذور وما يتعلق بالري باتا "ضرورة ملحة"، لمحاولة إعادة الحياة للقطاع الزراعي بحدها الأدنى.
وذكر أن كثيرا من المزارعين لم يعودوا قادرين على الوصول إلى أراضيهم خاصة في شمال القطاع ورفح، اللتين كانتا تشكلان الحصة الأكبر من الإنتاج الزراعي، بسبب تواجد الجيش الإسرائيلي.
وبذلك، تكون الزراعة تراجعت لتتركز فقط ضمن أماكن محدودة في مناطق مدينة خان يونس الغربية (جنوب) ودير البلح، وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
وأشار إلى أن هذه الظروف تسببت بارتفاع غير مسبوق بأسعار الخضار، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر كيلو الطماطم من 3 شواكل قبل الإبادة، إلى 100 شيكل (الدولار الأمريكي 3.85 شواكل).
والجمعة، بدأ الجيش الإسرائيلي الانسحاب جزئيا إلى مواقع تمركزه الجديدة داخل القطاع، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ ظهر ذلك اليوم.
وشملت انسحابات الجيش الإسرائيلي مدينة غزة (شمال) باستثناء حي الشجاعية وأجزاء من حيي التفاح والزيتون.
وفي مدينة خان يونس، انسحب الجيش الإسرائيلي من مناطق الوسط وأجزاء من الشرق، فيما منع دخول الفلسطينيين إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا (شمال)، ومدينة رفح (جنوب)، وبحر القطاع.
"نكبة زراعية"
من جانبه، وصف المزارع رائد أبو أسد في حديثه للأناضول، ما حدث للقطاع الزراعي بأنه "نكبة لم يشهدها المزارعون من قبل"، حيث دمرت الإبادة الإسرائيلية الأراضي وأخرجتها من الخدمة.
وأوضح أن إسرائيل أخرجت بلدة بيت لاهيا ومدينة رفح، اللتين كانتا تعرفان بـ"سلة غزة الغذائية"، فعليا من دائرة الإنتاج، بعد أن دمرت الأراضي الزراعية واقتلعت الأشجار ما أدى إلى توقف العمل في الحقول، وفق قوله.
وأكد المزارع الفلسطيني أن إغلاق المعابر ومنع دخول المستلزمات الزراعية أديا إلى انهيار "المنظومة الإنتاجية بشكل كامل".
وأشار إلى أن الإبادة الإسرائيلية دمرت أيضا "مخازن المعدات والمواد الزراعية، ما أدى لارتفاع أسعار ما تبقى منها في السوق بشكل كبير"، في حين تسبب انقطاع الوقود بتوقف مضخات المياه والري عن العمل.
وشدد أبو أسد على أن المساحات القليلة المزروعة لم تعد تفي بالحاجات الأساسية للفلسطينيين بعدما تقلصت إلى نسبة كبيرة جدا.
وذكر أن غزة كانت تصدر نحو 30 - 40 شاحنة يوميا من الخضراوات كالطماطم والخيار والبطاطس والقرنبيط، إلا أن هذا المشهد توقف بالكامل بعد الإبادة الإسرائيلية والدمار.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر 2023 ولسنتين إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و869 قتيلا، و170 ألفا و105 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.
وفجر الخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توصل إسرائيل و"حماس" لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.
ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهر الجمعة بتوقيت القدس (09:00 ت.غ)، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجرا.
ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، ونزع لسلاح "حماس".