إسرائيل تحول قبرص اليونانية إلى قاعدة إرهابية وتعيد إحياء منظمة إيوكا!.. خطة تركيا بلا إرهاب أضعفت أوراقها فبدأت بالبحث عن تنظيمات جديدة.. القبارصة اليونانيون يصبحون جبهة إسرائيلية ويُستهدفون مباشرة

07:0728/11/2025, الجمعة
تحديث: 28/11/2025, الجمعة
إبراهيم قراغول

قبل كلّ شيء، ينبغي التأكيد على حقيقة ثابتة: جميع التنظيمات الإرهابية الناشطة في الشرق الأوسط ترتبط بشكل مباشر بإسرائيل. فلا نجد أيًّا من هذه التنظيمات يوجّه — ولو هجومًا محدودًا — نحو إسرائيل، في حين دفعت تركيا، ومعها دول عديدة، أثمانًا باهظة نتيجة التنظيمات الإرهابية التي أنشأتها كلٌّ من إسرائيل والولايات المتحدة. لكل دولة في الشرق الأوسط، ولكل دولة في إفريقيا، ولكل دولة في جنوب آسيا، يوجد دائمًا تنظيمٌ جاهز لديهم، يستحضرونه ويستخدمونه عند الحاجة. إسرائيل تحدّد الهدف… والتنظيمات الإرهابية تنفّذ

قبل كلّ شيء، ينبغي التأكيد على حقيقة ثابتة: جميع التنظيمات الإرهابية الناشطة في الشرق الأوسط ترتبط بشكل مباشر بإسرائيل. فلا نجد أيًّا من هذه التنظيمات يوجّه — ولو هجومًا محدودًا — نحو إسرائيل، في حين دفعت تركيا، ومعها دول عديدة، أثمانًا باهظة نتيجة التنظيمات الإرهابية التي أنشأتها كلٌّ من إسرائيل والولايات المتحدة.

لكل دولة في الشرق الأوسط، ولكل دولة في إفريقيا، ولكل دولة في جنوب آسيا، يوجد دائمًا تنظيمٌ جاهز لديهم، يستحضرونه ويستخدمونه عند الحاجة.


إسرائيل تحدّد الهدف… والتنظيمات الإرهابية تنفّذ


تُستخدم هذه التنظيمات بالطريقة التي تقتضيها المصالح الإقليمية والأمنية لإسرائيل. فأيّ بلد أو هدف ينبغي مهاجمته، يُهاجَم. وبعد إنهاك تلك الدول بالإرهاب، تُفرَض عليها كل أنواع الابتزاز.


تنظيم داعش الإرهابي مثال واضح على هذا النموذج. أمّا تنظيم بي كي كي الإرهابي وذراعه في سوريا، تنظيم واي بي جي الإرهابي، فهما أقرب الحلفاء لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية في منطقتنا. لاحظوا أنّه كلما ارتفع مستوى التهديدات الأمنية ضد إسرائيل تحرّك تنظيم بي كي كي. وكلما أرادت إسرائيل الضغط على سوريا، تحرك تنظيم واي بي جي.


الإرهاب “مشروع” بالنسبة لها

لأنها في الأصل كيان إرهابي


قبل أيام، قال أحد قادة تنظيم بي كي كي: “نحن جزء من النظام الدولي، وقرار التخلي عن السلاح ليس قرارًا نتخذه وحدنا”. وجاء هذا التصريح كاشفًا لعمق الشراكات القذرة بين الطرفين.

والأخطر من ذلك أنّ إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين كانتا تخفيان سابقًا التنظيمات التي أنشأتاها وتديرانها وتستخدمانها، باتتا اليوم تقدّمانها بوصفها “شركاء استراتيجيين”.

ربما للمرة الأولى في تاريخ البشرية، تُقيم الدول شراكات علنية مع تنظيمات إرهابية، فيتحرّكان على أرضية مشتركة. ولأنّ إسرائيل نفسها نشأت كقوة إرهابية، فهي تتقن لغة التنظيمات الإرهابية أكثر من أي طرف آخر.


“تركيا بلا إرهاب” تُضعف “ورقة الإرهاب” التي تستخدمها إسرائيل


إنّ مشروع “تركيا بلا إرهاب”، والضغط المستمر على تنظيم بي كي كي للتخلي عن السلاح، والمساعي المكثفة لحلّ قضية تنظيم واي بي جي الإرهابي في سوريا، كلها عوامل تضعف “ورقة الإرهاب” التي تستخدمها إسرائيل.


فإذا تم حل المسألة السورية، وإذا اكتمل مشروع “تركيا بلا إرهاب”، فستخسر إسرائيل واحدًا من أهم أسلحتها في “حربها مع تركيا”.


بل إنّ هذا المسار سيقلب المعادلة إلى “منطقة بلا إرهاب”، ما سيُقلص النفوذ الإسرائيلي بشكلٍ كبير، من تركيا وصولًا إلى سوريا ومصر. واليوم، تُخاض في دول وسط إفريقيا معارك غير مباشرة بين تركيا وإسرائيل على كل الجبهات.


إسرائيل تعيد تأسيس منظمة إيوكا

وتشيّد “جدارًا إرهابيًا” في المتوسط ضد تركيا


هذا الوضع دفع إسرائيل إلى البحث عن مساحات جديدة وإعادة تقوية ورقة الإرهاب. فبدأت في سوريا بمشروع قائم على الدروز، لتحويلهم إلى “ورقة إرهابية” تُستخدم لتقسيم سوريا ولتحجيم النفوذ التركي.


لكن أخطر خطوة كانت في قبرص:

إسرائيل تحوّل قبرص الرومية إلى قاعدة إرهابية، وتعيد إحياء تنظيم “إيوكا”، مستفيدة من القومية اليونانية واليونانية القبرصية، بهدف بناء “جدار إرهابي” ضد تركيا في البحر المتوسط.


خمسون عامًا روّجت فيها للعرب “خطر إيران”

واليوم تبيع لليونان والروم “خطر تركيا”


قد يُظَن أن إحياء “إيوكا” مجرد مسألة بين الأتراك والروم، لكنه لم يعد كذلك. فإسرائيل تستغل نقاط ضعف الروم واليونان، وتحرضهم بخطاب “الخوف من تركيا” لتفتح لنفسها جبهة جديدة.

يشبه هذا ما فعلته مع العالم العربي: طوال عقود رَوّجت “الخطر الإيراني” على الدول العربية لتأمين نفسها. فاندفع العرب إلى سباق تسلح رهيب، وانجرّوا إلى صراعات عربية–إيرانية في العراق وسوريا. ومنذ حرب إيران–العراق، كان هذا الخطاب أهم أسلحة إسرائيل وأكثرها فاعلية.


لكن بعد تغيّر المعادلة في سوريا، وتراجع إيران إلى حدودها، واستقرار الحدود العربية–الإيرانية، فقدت إسرائيل سلاح “الخوف من إيران”. ومع توسّع تركيا في شراكات قوية في المنطقة، ظهر “خوف إسرائيل” للعلن.


فلنقرأ المشهد جيدًا!


انطلاقًا من هذا الواقع، أصبحت “ورقة الإرهاب ضد تركيا” أولوية بالنسبة لإسرائيل. وهي الآن تروّج للروم واليونانيين “الخوف من تركيا”، وتدفعهم نحو مغامرات لا قدرة لهم على تحمّل عواقبها.


الانفجار المفاجئ للهوية “الإيوكاوية” في جنوب قبرص خلال الأسابيع الأخيرة هو نتيجة مباشرة لهذا الأمر. فالحكومة الرومية تقدّم “إيوكا” كنموذج جديد، وتفتتح لها متاحف، وتكلف الكنيسة التي أسّست التنظيم سابقًا بأدوار جديدة، وتُدرّس “نضال إيوكا” للطلاب، وتحرق أعلام جمهورية شمال قبرص التركية، وتبثّ فيديوهات عن تفجير إسطنبول.


هذا الحماس المفاجئ ليس ناجمًا فقط عن عداء الروم واليونان التقليدي لتركيا، بل عن الدور الإسرائيلي في منح البلدين دورًا جديدًا، وإعادة تشكيل المزاج الشعبي بما يخدم موجة إرهابية جديدة.


من قاعدة عسكرية إلى قاعدة إرهابية


بدأت إسرائيل بعقد اتفاقيات عسكرية مع اليونان، وتعزيزها عامًا بعد عام. فحُوّلت الجزر إلى مستودعات أسلحة، وأجريت مناورات في بحر إيجه والمتوسط، وأُنشئ محورٌ ضد تركيا.


وخلال الإبادة في غزة، استُخدمت قبرص الرومية كمركز رئيسي للهجمات. فأنشأت الاستخبارات الإسرائيلية ورأس المال الإسرائيلي مقرات وقواعد هناك.


وبعد تحويل قبرص الرومية إلى قاعدة عسكرية، جرى تحويلها اليوم إلى قاعدة إرهابية.


وستُنشئ تنظيمات إرهابية في اليونان أيضًا…


من المحتمل جدًا أن نشهد قريبًا ظهور تنظيمات إرهابية تابعة لإسرائيل داخل اليونان موجّهة ضد تركيا. وستستغل إسرائيل الخطاب التقليدي المعادي لتركيا داخل اليونان لتأسيس هياكل سرّية ومجموعات إرهابية جديدة. وهكذا ستتحول اليونان بدورها إلى قاعدة إرهابية.


لقد تسلمت كل من اليونان والروم استراتيجية أمنية صاغتها إسرائيل وفقًا لمصالحها الخاصة. ومنحتاها الحق في تحويل مخاوفهما وضعفهما إلى أدوات وسلاح.


وبات البلدان لعبتَين عسكريتين وأمنيتين بيد إسرائيل. على الشعبين الرومي واليوناني ألّا يسمحا لقادتهم بزجّهما في هذه المغامرة وأن يوقفوا هذا التهور.


السلام يُجابه بالسلام

الهجوم بالهجوم


نعيش عهدًا فقدت فيه الصداقات والعداوات التقليدية معناها. ولم تعد الخطابات الملتوية أو المناكفات اللفظية ذات قيمة. فالعالم يتحرك مباشرة نحو الهدف.


لذلك، على كل دولة عاقلة أن تدرك طبيعة التهديدات:


السلام يُقابَل بالسلام، والتهديد بالتهديد، والهجوم بالهجوم.


لا اليونان ولا قبرص الرومية قادرتان على مجاراة تركيا، ولا حتى إسرائيل. فهؤلاء جميعًا بحاجة إلى السلام، بينما إسرائيل بحاجة إلى أن تُضبط.


جزر الأناضول الطبيعية… ستصبح “مسألة عسكرية” وقد تُفتح الطريق إلى “نقلها لتركيا”


إذا استمرت قبرص الرومية واليونان وإسرائيل في تحويل مناطق المتوسط إلى قواعد عسكرية وإرهابية ضد تركيا، فستكون النتائج واضحة:


ستُفتَح مسألة الجزر الممتدة من رودس إلى شمال بحر إيجه، باعتبارها الامتداد الطبيعي للأناضول، للنقاش السياسي والعسكري. وستُفتح معها الطريق القانونية – وربما العسكرية – لنقل ملكية هذه الجزر إلى تركيا.


حدود قبرص الشمالية ستتغيّر… وقبرص الرومية ستُعتبر “جبهة إسرائيلية”


كذلك ستتغير الحدود بين جمهورية شمال قبرص التركية وقبرص الرومية. وفي أي أزمة تركية–إسرائيلية مستقبلية، ستُعامل قبرص الرومية كجبهة عسكرية إسرائيلية، وستصبح هدفًا مباشرًا لتركيا. وعلى الجميع أن يفهم أنّ مثل هذه السيناريوهات لن توقفها عضوية الاتحاد الأوروبي.


والسؤال المطروح على قادة قبرص الرومية واليونان:


هل تستحقّ مصالح إسرائيل ودولة ترتكب جرائم الإبادة كل هذه الأكلاف الفادحة؟


تركيا اليوم لا تتردد في ضرب مصدر التهديد أينما كان… وهذا أيضًا يجب أن يُؤخذ بالحسبان.

#إسرائيل
#مصالح إسرائيل
#تركيا
#الصراع التركي الإسرائلي
#اليونان
#واي بي جي الإرهابي
#بي كي كي الإرهابي