في السنوات الأخيرة، أدّى تفاقم مشكلة الاعتماد الخارجي على الغذاء إلى تبنّي أساليب حديثة في القطاع الزراعي. وفي هذا الإطار، تم الاتفاق خلال زيارة رئيس وزراء السنغال، عثمان سونكو، إلى تركيا، على توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية مع مجموعة ألبيرق القابضة التركية لإنشاء مصنع لتجميع الجرارات في السنغال. ويُتوقَّع أن يُسهم هذا المشروع في نشر الممارسات الزراعية الحديثة، وأن يشكّل محطة مهمة في مسار ميكنة الزراعة بغرب إفريقيا.
تحوّل الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء إلى إحدى أهم قضايا الأمن القومي بعد اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية، الأمر الذي دفع السنغال – كسائر الدول الإفريقية – إلى اعتبار القطاع الزراعي قطاعًا استراتيجيًا ومنح الاستثمار فيه أولوية قصوى.
وتصدَّرت مجموعة ألبيرق القابضة التركية المشهد باستثماراتها في مجالات البناء والموانئ، إلى جانب استثماراتها الزراعية. وقد توصّلت، عقب مباحثات مع الوفد السنغالي برئاسة رئيس الوزراء عثمان سونكو، إلى اتفاق لإطلاق مشروع زراعي في السنغال يهدف إلى تحقيق الميكنة الزراعية وتعزيز الأساليب الحديثة في الزراعة، وتم توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية بهذا الشأن.
وبموجب الاتفاق، سيُنشأ مصنع لتجميع الجرارات في السنغال تحت إشراف وزارة الزراعة والسيادة الغذائية والثروة الحيوانية، ووزارة الصناعة والتجارة السنغالية، على أن تقوم مجموعة ألبيرق القابضة التركية بتنفيذه بهدف خدمة كامل منطقة غرب إفريقيا. كما يتضمن المشروع إنشاء مدرسة متخصصة لتقديم التعليم المهني في المجال الزراعي، بالإضافة إلى توفير خدمات التجميع والصيانة وقطع الغيار وخدمات ما بعد البيع. وحضر حفل التوقيع – الذي شهده رئيس الوزراء عثمان سونكو وعدد من الوزراء – كلّ من رئيس مجلس إدارة مجموعة ألبيرق القابضة التركية أحمد ألبيرق، ونائب رئيس المجلس نوري ألبيرق، ورئيس مجموعة الاستثمارات الخارجية والموانئ والإنشاءات يونس يلماز.
رؤية السنغال 2050
وصل رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى تركيا في زيارة رسمية بين 7 و11 أغسطس، يرافقه وفد موسَّع، حيث شارك في "منتدى الأعمال السنغالي التركي" الذي عُقد في إسطنبول بعد سلسلة من اللقاءات في أنقرة. وبعد المنتدى، أجرى سونكو يومي السبت والأحد اجتماعات ثنائية مع نحو 20 من مديري الشركات التركية التي اختارتها "وكالة تشجيع الاستثمار والأشغال العامة السنغالية" (APIX)، بحضور وزراء الخارجية والدفاع والاقتصاد والمالية والطاقة والصناعة والتجارة والزراعة.
وتأتي هذه الزيارة بعد زيارة رسمية أجراها الرئيس بَسيرو ديوماي فاي إلى تركيا بين 31 أكتوبر و2 نوفمبر 2024، وتُعد جزءًا محوريًا من استراتيجية تنويع الحلفاء التي تنتهجها السنغال لتحقيق "رؤية 2050". وبعد زيارته للصين، جاء سونكو إلى تركيا لإجراء سلسلة من المباحثات مع شركات ورجال أعمال أتراك في مجالات استراتيجية مثل الدفاع والطاقة والمالية والزراعة، إضافةً إلى قطاعات مثل الإنشاءات، بهدف تنفيذ مشاريع بنية تحتية كبرى في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT).
مجموعة ألبيرق القابضة التركية توسّع استثماراتها في إفريقيا
تنشط مجموعة ألبيرق القابضة التركية في عدد من الدول الإفريقية مثل الصومال وغينيا وغامبيا والكونغو وغينيا الاستوائية، حيث تستثمر في الموانئ وتدير عملياتها، إلى جانب استثماراتها في البناء والزراعة والنقل العام وإدارة النفايات الصلبة. كما تضم المجموعة شركتي "توموسان" و"سوكار" العاملتين في القطاع الزراعي، واللتين تحتلان مواقع متقدمة في قائمة أكبر الشركات الصناعية في تركيا.
ففي تقرير "إيسو 500" الصادر سنويًا عن غرفة صناعة إسطنبول، جاءت "توموسان" في المرتبة 388 بين أكبر 500 شركة صناعية في تركيا، بينما حلّت "سوكار" في قائمة الـ 500 الثانية، ما يعكس المكانة القوية للمجموعة في القطاع الزراعي.
وإلى جانب ذلك، تشتهر المجموعة بمشاريعها الزراعية في مناطق مختلفة من جمهورية غينيا، كما تخطط لبدء أنشطة إنتاج زراعي قريبًا في غامبيا وسيراليون والكونغو والصومال. وتواصل مجموعة ألبيرق القابضة التركية – بالتعاون مع بنك التنمية الإفريقي – تنفيذ نموذج إنتاج وخدمة ميداني مبتكر يقدّم حلولًا عملية لمشكلات الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في الغذاء في الدول الإفريقية.
