جامع قرجي.. تحفة فنية عثمانية في قلب العاصمة الليبية

11:3111/10/2025, السبت
تحديث: 11/10/2025, السبت
الأناضول
جامع قرجي.. تحفة فنية عثمانية في قلب العاصمة الليبية
جامع قرجي.. تحفة فنية عثمانية في قلب العاصمة الليبية

- الجامع يمتاز عن سائر المساجد العثمانية في شمال إفريقيا بغنى زخارفه الخزفية وتفرده المعماري الباحث في التاريخ الثقافي عبد المطلب أبو سليم، : - جامع قرجي يحتل مكانة خاصة باعتباره جزءا أصيلا من الموروث الثقافي الليبي -الجامع تحفة فنية فريدة تبرز فيها غزارة الزخارف ودقة التفاصيل وجماليات التصميم - البناء يقوم على 9 أعمدة رخامية داخلية، بالإضافة إلى 16 عمودا خارجيا يساند الجدران


يقف جامع "قرجي" في العاصمة الليبية طرابلس، شاهدا على الحضور العثماني في المنطقة، بزخارفه الخزفية المميزة التي تتحدى الزمن وتروي ملامح من العمارة الإسلامية في أوج تألقها.

شُيّد الجامع مطلع القرن التاسع عشر في المدينة القديمة قرب الميناء التاريخي، ويمتاز عن سائر المساجد العثمانية في شمال إفريقيا بغنى زخارفه الخزفية وتفرده المعماري، ما يجعله تحفة فنية نادرة بين مباني الحقبة العثمانية.

أنشأ الجامع قرجي مصطفى بك، أحد رجالات الدولة في تلك الفترة، في موقع بارز بمركز المدينة القديمة التي كانت آنذاك مقر حكم إيالة طرابلس الغرب.

الباحث في التاريخ الثقافي والموظف السابق في وزارة الثقافة الليبية عبد المطلب أبو سليم، قال في حديث للأناضول إن جامع قرجي يحتل مكانة خاصة باعتباره جزءا أصيلا من الموروث الثقافي الليبي.

**من النوادر العثمانية في شمال أفريقيا

ووصف أبو سليم الجامع بأنه من النوادر المعمارية العثمانية في المنطقة، مؤكدا أنه "تحفة فنية فريدة، تبرز فيها غزارة الزخارف ودقة التفاصيل وجماليات التصميم، ما يجعله من أندر المباني في شمال إفريقيا".

وأشار إلى أن الجامع يقع في حي باب البحر بالمدينة القديمة، بالقرب من قوس ماركوس أوريليوس، أحد أبرز معالم الحقبة الرومانية في طرابلس.


قرجي مصطفى بك

وبيّن أبو سليم أن قرجي مصطفى بك، كان تاجرا من أصل جورجي، استقر في طرابلس الغرب خلال عهد الوالي العثماني يوسف القرمانلي، وقد تولّى لاحقا منصبا في الميناء البحري للمدينة.

وأضاف: "مصطفى بك كان صهر يوسف باشا القرمانلي، بعد أن تزوج ابنته الكبرى في مطلع القرن التاسع عشر، ثم ترقّى في الأسطول البحري حتى وصل إلى منصب يعادل وزارة البحرية اليوم".

وأوضح أن مصطفى بك أحب طرابلس وقرّر الإقامة الدائمة فيها، واشتهر بلقب "قرجي"، نسبة إلى أصوله الجورجية (الكرجية).


الخصائص المعمارية

بحسب أبو سليم، بُني الجامع بين عامي 1820 و1834 على مدى 15 عاما، ويتخذ شكلا مربعا (16×16 مترا) بطابق علوي على هيئة حرف U اللاتيني.

وأوضح أن البناء يقوم على 9 أعمدة رخامية داخلية، بالإضافة إلى أعمدة خارجية تُساند الجدران ليصل العدد إلى 25 عمودا، يُعتقد أن بعضها جُلب من مدن أخرى.

وأشار إلى أن طراز الجامع يحمل بصمات من العمارة الأندلسية والإيطالية، مع ثراء لافت في الزخارف الخزفية التي تكسو جدرانه الداخلية والخارجية.


زخارف من الجص

وبيّن أبو سليم أن الجامع يضم أيضا شرائط زخرفية من الجص المنقوش بدقة، خاصة في نهايات الأعمدة وفوق الزخارف الخزفية، ما يعكس براعة الحرفيين الذين شاركوا في بنائه.

وأضاف: "الجامع يحتوي على 16 قبة، ويضم في مواجهة المحراب مكانا مخصصا لكبار الضيوف يُعرف باسم السُدّة".

ونوّه إلى أن منبر الجامع الخشبي جرى تفكيكه عام 2014 بهدف حفظه وعرضه لاحقا في المتحف الوطني الليبي الجديد.

واختتم بالقول إن قرجي مصطفى بك وأفراد أسرته دُفنوا جميعا في الضريح الملاصق للمسجد، الذي لا يزال حتى اليوم شاهدا على عبقرية العمارة العثمانية في قلب طرابلس.

#العثماني
#جامع
#جامع "قرجي"
#طرابلس