تنامٍ متسارع في جسور التبادل الأدبي بين تركيا والعالم العربي

11:2424/07/2025, الخميس
أخرى
تنامٍ متسارع في جسور التبادل الأدبي بين تركيا والعالم العربي
تنامٍ متسارع في جسور التبادل الأدبي بين تركيا والعالم العربي

التفاعل الأدبي لا يقتصر على حجم الكتب المتبادلة فقط، بل يتجلّى في عمق التنوع الثقافي، وثراء الرؤى، وتلاقي القيم التي تجمع بين الحضارتين،

تشهد الساحة الثقافية في السنوات الأخيرة حالة من الازدهار والتقارب اللافت بين الأدبين التركي والعربي، في ظل اهتمام متزايد من كلا الطرفين بإعادة اكتشاف الآخر من خلال الكلمة المكتوبة. فبعدما لاقت المسلسلات التركية رواجًا واسعًا في العالم العربي، أتى الدور على الأدب ليأخذ مكانه المستحق كجسر حضاري وتواصلي بين الشعبين، ما أسهم في بروز حركة ترجمة نشطة تُعيد تشكيل ملامح المشهد الثقافي المشترك. هذا التفاعل الأدبي لا يقتصر على حجم الكتب المتبادلة فقط، بل يتجلّى في عمق التنوع الثقافي، وثراء الرؤى، وتلاقي القيم التي تجمع بين الحضارتين، حيث باتت الترجمة أداة حيوية لتعزيز الحوار الثقافي والتقارب الإنساني.

ومن بين الأعمال التركية التي تُرجمت إلى العربية: "النور المنبعث نحو الصحراء" لنجيب فاضل، و"جناح قسم الجراحة التاسع" لبيامي صفا، و"شجرة الرمان" لنازان بكيرأوغلو، و"مولاي السلطان" لبهادر ينيشهيرلي أوغلو. كما وجدت مؤلفات تاريخية مثل "العصر الذهبي للأتراك" لإيلبير أورطايلي، و"سلاطين الدولة العثمانية" لأرهان أفْيونجو، وأعمال نفسية وروحية مثل "العلاج بالحب" و"العلاج بطريقة مولانا" لنفزات تارهان، طريقها إلى أيدي القراء العرب.

ولم يكن هذا الحراك الأدبي أحادي الاتجاه، بل شهدت الساحة التركية أيضًا إقبالًا ملحوظًا على الأدب العربي، من خلال ترجمة أعمال نخبة من أبرز الأدباء العرب، مثل محمود درويش، وإبراهيم نصر الله، وممدوح عدوان، وتوفيق الحكيم، وأحلام مستغانمي، وأيمن العتوم، وناهد الشوا، ونجيب الكيلاني، ما منح الأدب العربي حضورًا أوسع في الأوساط الثقافية التركية والعالمية.

وتؤدي الجهات المعنية بحقوق الترجمة والتأليف دورًا محوريًا في هذا التبادل الثقافي المتصاعد. وتبرز في هذا السياق وكالة "إنتروتيما لحقوق الترجمة والتأليف"، التي تتخذ من إسطنبول مقرًا لها، وتمتلك فروعًا في 8 دول مختلفة. وقد صرّح الدكتور محمد أغيراقجة، الشريك المؤسس للوكالة، بأنهم أبرموا ما يقارب 1500 صفقة حقوق نشر لأعمال تُرجمت من التركية إلى العربية منذ عام 2018، مشيرًا إلى أن "الأدب التركي لم يكن يُعرف في العالم العربي سوى من خلال 4 أو 5 أسماء فقط، لكننا سعينا من خلال هذه المبادرة إلى البناء على القيم المشتركة بين الشعبين العربي والتركي، مثل التاريخ والثقافة والروابط الأخلاقية، لتعزيز هذا الجسر الأدبي. وقال في هذا السياق:لطالماا ارتبط الأدب التركي لدى القارئ العربي بعدد محدود من الأسماء. ومن هنا بدأنا العمل على تقديم أدب تركي غني ومتنوع مستندين إلى القيم المشتركة التي تربط الشعبين: من تاريخ وثقافة وأخلاق. فوجدنا أن الأدب خير وسيلة لبناء هذا الجسر الحضاري المتين. وأشار أغيراقجة أيضًا إلى أن الوكالة أولت اهتمامًا خاصًا بأدب الطفل العربي، وتمكنت من إدخال عدد كبير من الأعمال إلى السوق التركي، في إطار سعيها لتعزيز التبادل الأدبي المتوازن والمستمر.

من جانبها، أوضحت الأستاذة اينور سَيفيملي، المسؤولة عن حقوق النشر في العالم العربي لدى وكالة "إنتروتيما"، أن الوكالة تحرص على المشاركة المنتظمة في معارض الكتب الكبرى في العواصم العربية، مثل الشارقة، وأبوظبي، والكويت، والقاهرة، وعمّان، والدوحة، ومسقط، والرياض، إلى جانب مشاركتها الفاعلة في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي. وأشارت إلى وجود إقبال متزايد من قبل الناشرين العرب على الأعمال الأدبية التركية، يقابله اهتمام ملحوظ من الطرف التركي بالأدب العربي، في مشهد يعكس تزايد التفاعل الثقافي بين الجانبين. كما لفتت إلى تنامي الاهتمام بالأدب الفلسطيني خلال العامين الأخيرين، مؤكدة أن "الأدب العربي بحر لا تُحدّ آفاقه، وفي المقابل يشهد الأدب التركي الموجَّه لفئة الناشئة رواجًا واسعًا في أوساط القارئ العربي."

حققت وكالة "إنتروتيما" منذ تأسيسها حضورًا بارزًا في سوق النشر العالمي، إذ نجحت في بيع حقوق نشر أكثر من 6000 كتاب تُرجمت إلى 52 لغة ووزّعت في 77 دولة حول العالم. وتشارك الوكالة سنويًا في أكثر من 32 فعالية ومعرضًا دوليًا، ويضم فريقها 23 موظفًا يعملون من خلال مكاتبها المنتشرة في 8 دول. وتتولى "إنتروتيما" أيضًا تنظيم برنامج "زمالة النشر في إسطنبول"، وتلعب دورًا محوريًا في إدارة "ركن حقوق النشر" ضمن فعاليات معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، تحت إشراف المنسق العام للمعرض، الدكتور محمد أغراقجة، ما يعكس التزامها المتواصل بدعم صناعة النشر وتعزيز جسور التعاون الثقافي بين العالم العربي وتركيا.






#العالم العربي
#تركيا
#الأدب