كاتبة تركية: الصهيونية بنيت على أساطير فكرية ونهايتها تقترب

10:562/07/2025, الأربعاء
الأناضول
كاتبة تركية: الصهيونية بنيت على أساطير فكرية ونهايتها تقترب
كاتبة تركية: الصهيونية بنيت على أساطير فكرية ونهايتها تقترب

الكاتبة التركية برن بيرصايغيلي موت: - النصوص الأدبية مهدت الطريق لتأسيس إسرائيل وشكلت خريطة فكرية للصهيونية - الصهيونية لم تكن مجرد مشروع سياسي، بل نشأت على أرضية فكرية وأدبية - جذور الفكر الصهيوني بدأت قبل هرتزل بقرن في الأدب الإنجليزي والفرنسي والألماني والروسي - الصهيونية بنيت على كثير من الأكاذيب والتلاعب بالحقائق وأعتقد أننا نقترب من نهايتها


قالت الكاتبة التركية برن بيرصايغيلي موت، إن الحركة الصهيونية وأيديولوجيتها لم تكن مجرد مشروع سياسي وإنما نشأت على أرضية فكرية، موضحة أن الصهيونية بنيت على أكاذيب وأساطير وأنها تقترب من نهايتها.

وفي حديثها للأناضول حول كتابها بعنوان "الخريطة الذهنية لإسرائيل: أدب الصهيونية - شخصيات، منشورات، وخطابات"، استعرضت موت كيف أسهمت الأدبيات المبكرة برسم ملامح الأيديولوجيا الصهيونية قبل تأسيس دولة إسرائيل، مشيرة إلى الدور المحوري للنصوص الأدبية في بناء الأساطير وتشكيل الهوية القومية.


الأدباء الصهاينة شكلوا وعيا جمعيا

وذكرت أن حركة الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتأسيس دولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية كانا نتيجة تراكمات ثقافية طويلة الأمد.

وأضافت موضحةً: "الصهيونية لم تبدأ مع (الصحفي النمساوي) ثيودور هرتزل كما يعتقد الكثيرون، نعم، هرتزل دعا لأول مؤتمر صهيوني في بازل بسويسرا عام 1897، لكن الجذور الفكرية تعود إلى قرن قبل ذلك في الأدب الإنجليزي والفرنسي والألماني والروسي".

ولفتت إلى أن تأسيس دولة إسرائيل في 14 مايو/ أيار 1948 لم يكن مجرد نتيجة سياسية، بل جاء تتويجًا لصراع ثقافي وأدبي استمر قرونًا.

وقالت: "لولا الثقافة الصهيونية، ولولا الدعم الذي قدمته الصهيونية السياسية والصهيونية المسيحية، لما كنا شهدنا إعلان إسرائيل في ذلك اليوم، لأن التأثير العقلي والنفسي على الناس لم يكن ليبلغ هذا المدى".

وأضافت "موت" أن الأدباء الصهاينة استهدفوا في كتاباتهم تهيئة الأرضية الفكرية لما يسمى "العودة إلى فلسطين، تمهيدًا للعودة الجسدية".

وأوضحت أنهم سعوا إلى إحياء الذاكرة التاريخية اليهودية باستحضار أساطير، مستغلين رموزًا دينية مثل "القدس" و"صهيون"، لتحويلها إلى أهداف قومية بجانب رمزيتها الدينية.

وأشارت إلى أن فلسطين كانت توصف في تلك النصوص بأنها "أرض فارغة وخصبة بلا شعب"، مضيفة: "الشعار الصهيوني الشهير (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وُلد أولًا في الأدب قبل أن يتحول إلى شعار سياسي".

"كان يجب تقديم فلسطين كأرض خالية لجذب الناس إليها، وهذا ما فعله الكُتّاب الصهاينة تحديدًا"، وفق ما أكدت الكاتبة والأديبة التركية.


نصوص الصهيونية شوهت الواقع الفلسطيني

وأوضحت موت أن أحد الأهداف الرئيسية للأدب الصهيوني كان خلق جسر أيديولوجي بين الماضي والمستقبل، مؤكدة أن الكتّاب الصهاينة قدموا معاناة اليهود في الشتات كتمهيد لبناء الدولة المرتقبة.

وتابعت: "كل حدث سلبي أو إيجابي مرّ به اليهود كان يُقدم كأنه حجر إضافي في بناء الدولة المستقبلية، كان الأدب بمثابة لبنات تأسيسية لهذا المشروع".

وقالت إن غالبية الأعمال الأدبية التي درستها تجاهلت الوجود الفلسطيني، وفي القليل منها وُصِف العرب بأنهم "غير متعلمين وبدائيون ومتخلفون يحتاجون إلى تهذيب"، معتبرة أن هذه التصورات تعكس ذهنية استعمارية بحتة.


إحياء اللغة العبرية كان مشروعًا أدبيًا أيضًا

وأشارت "موت" إلى وجود تيارين فكريين رئيسيين داخل الصهيونية، وهما: "الصهيونية الثقافية" التي يمثلها الكاتب أحد هاعام، و"الصهيونية السياسية" التي يمثلها هرتزل.

ولفتت إلى أن أنصار الصهيونية الثقافية رأوا أن قيام الدولة اليهودية لا يمكن أن يتم دون صحوة ثقافية، لذلك، شددوا على أهمية إحياء اللغة العبرية وبناء مركز ثقافي لها في فلسطين.

وقالت "موت" إن اللغة لعبت دورًا حاسمًا "في بناء الأمة"، مشيرة إلى أن العبرية الحديثة أصبحت الوعاء الحامل للأدب الصهيوني والأيديولوجيا، وذكرت أن إليعزر بن يهودا كان من أبرز الشخصيات التي ساهمت بإحياء العبرية.

وعن الاختلافات بين التيارين، قالت موت إن هرتزل كان يميل إلى الدبلوماسية والسياسة ولم يكن يجيد العبرية، بل كتب أعماله بالألمانية، لكنها أكدت أن كلا التيارين خدم في النهاية فكرة الدولة اليهودية.


مؤلفات مسيحيين صهاينة دعمت المشروع

وحول أبرز رموز الأدب الصهيوني، ذكرت "موت" أن كتابها تناول 30 كاتبًا من رواد هذا الفكر، وبدأت برئيس الوزراء البريطاني الأسبق بنيامين دزرائيلي (1804 - 1881) الذي اعتبرت روايته "حلم ألروي العظيم" من أوائل النصوص الأدبية التي حملت أفكارًا صهيونية واضحة.

وأضافت "موت" أن الكاتبة جورج إليوت، رغم كونها غير يهودية، كانت من الداعمين للفكرة الصهيونية برواية "دانيال ديروندا" التي كانت أول عمل في الأدب الغربي يشير صراحة إلى فلسطين كأرض لليهود.

كما أشارت إلى أسماء مثل لورانس أوليفانت من التيار المسيحي الصهيوني، وماكس نوردو صديق هرتزل المقرب، وناثان بيرباوم الذي صاغ مصطلح "الصهيونية"، إلى جانب الشاعر حاييم نحمان بياليك الذي كتب قصيدة "في مدينة المذابح" لتحفيز هجرة يهود روسيا إلى فلسطين.

وأوضحت أن النشيد الوطني الإسرائيلي استُلهم من هذه الحقبة الأدبية، مضيفة أن الشاعرة راشيل بلوشتاين التي تُعد أول شاعرة صهيونية، وضعت صورتها اليوم على العملة النقدية الإسرائيلية من فئة 20 شيكل.


أسماء محفورة في ذاكرة إسرائيل

وفي حديثها، أكّدت الكاتبة التركية أن رموز الأدب الصهيوني باتوا جزءًا من الذاكرة الوطنية الإسرائيلية.

وقالت: "اليوم، تجد شوارع ومدارس ومتاحف وحدائق في إسرائيل تحمل أسماء هؤلاء الكتاب، معظمهم أُدرجوا في المناهج التعليمية منذ عام 1948".

وختمت حديثها بالقول: "هؤلاء الكتّاب أصبحوا بمثابة آباء مؤسسين في الذاكرة القومية، ليس فقط أدبيًا، بل كمرجع أيديولوجي ملهم للأجيال اللاحقة".

واستدركت بالقول: "صحيح أن الصهيونية كانت نتاج عمل طويل الأمد لكنها بنيت أيضًا على كثير من الأكاذيب والتلاعب بالحقائق، واليوم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول (2023) بدأت تتكشف تلك الأكاذيب، وأعتقد أننا نقترب من نهاية الصهيونية".

جدير بالذكر أن الفلسطينيون يحيون في 15 مايو/ أيار 1948 ذكرى "النكبة"، وهو اليوم الذي أعلنت فيه العصابات الصهيونية قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطينية التاريخية بعد أن ارتكبت فيها مجازر وهجرت نحو 750 ألف فلسطيني من أراضيهم.

#إسرائيل
#الصهيونية
#باحثة تركية
#سياسة
#فلسطين