دعوة تاريخية" للقوات التركية إلى سوريا: هل تتغير معادلات المنطقة؟

10:0631/07/2025, Perşembe
تحديث: 31/07/2025, Perşembe
أخرى
دعوة تاريخية" للقوات التركية إلى سوريا: هل تتغير معادلات المنطقة؟
دعوة تاريخية" للقوات التركية إلى سوريا: هل تتغير معادلات المنطقة؟

الباحث والأستاذ الجامعي محمد مظهر شاهين يسلط الضوء في مقاله على التحول الجيوسياسي الكبير الذي تمثّله الدعوة السورية الرسمية للقوات المسلحة التركية لتعزيز قدراتها الدفاعية ومكافحة التنظيمات الإرهابية

لعل ما يجب قوله في الختام يُقال في البداية: كان ينبغي لهذه الدعوة أن تأتي مباشرةً بعد ثورة 8 كانون الأول/ديسمبر السورية. فلقد أدرك الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة، أن تركيا كانت الدولة الوحيدة التي قدمت الدعم العسكري لهذه الثورة. لقد كانت تركيا وقطر البلدين الوحيدين اللذين قدما الدعم المطلق وغير المتردد منذ اليوم الأول لاندلاع ظلم بشار الأسد حتى قيام الثورة السورية.

بعد الثورة، كان من المتوقع أن تقدم تركيا دعمًا عسكريًا لسوريا، وأن تضطلع دول الخليج، لا سيما قطر والمملكة العربية السعودية، بإعادة إعمار سوريا من خلال الاستثمارات. ومع ذلك، لم يلجأ الرئيس السوري أحمد الشرع في البداية إلى خيار التدخل العسكري. ولو كان قد فعل ذلك، لربما كانت سوريا ما زالت تتخبط في نقاشات حول هجمات إسرائيلية محتملة. بدلًا من ذلك، اتبعت سوريا على مدى سبعة أشهر سياسةً سلميةً، مظهرةً للعالم التزامها بالدبلوماسية. وفي هذا السياق، قامت الولايات المتحدة بإزالة هيئة تحرير الشام، وهي منظمة أسسها ويرأسها أحمد الشرع، من قائمة المنظمات الإرهابية. علاوة على ذلك، التقى دونالد ترامب بأحمد الشرع في المملكة العربية السعودية، وأعلن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وهو قرار جاء نتيجة ضغط تركي وسعودي.

تحديات السياسة السلمية السورية

بطبيعة الحال، لم ترقَ السياسات السلمية لسوريا لإسرائيل المؤيدة للحرب. فلقد دعمت إسرائيل تمردًا في السويداء، وهي منطقة ذات غالبية درزية في سوريا، مما دفع الدروز بقيادة حكمة الهجري إلى إطلاق تمرد ضد الحكومة السورية. تدخل الجيش السوري بسرعة وقمع التمرد، لكن إسرائيل شنت هذه المرة هجومًا بطائراتها الحربية على دمشق، عاصمة سوريا. حتى الولايات المتحدة أعربت عن استيائها من هذا الموقف الإسرائيلي. ومع تحرك العشائر العربية، تم احتواء الوضع في السويداء، وأرسلت تركيا رسالة مفادها أنها مستعدة لدعم سوريا في حال ورود طلب دعم عسكري.

وفي معرض الصناعات الدفاعية التركية تاي فون بلوك 4 الباليستي الفرط صوتي. وبينما كانت هذه الأسلحة محور حديث الرأي العام العالمي، بما في ذلك الرأي العام الإسرائيلي، صرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن أي تحرك عسكري في سوريا سيُعتبر هجومًا مباشرًا على الأمن القومي التركي، موجهًا تحذيرًا إلى إسرائيل وقسد وكذلك إلى وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي والجماعات الدرزية.

توقعات ما بعد الدعوة التركية

في الثالث والعشرين من تموز/يوليو، وجهت سوريا الدعوة التي كان ينبغي أن تُقدم في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، مطالبةً بدعم عسكري من تركيا وداعيةً القوات المسلحة التركية إلى أراضيها. وكما هو الحال في قطر والصومال وليبيا وأذربيجان، ستقدم تركيا خدمات التدريب العسكري والاستشارة في سوريا. إضافة إلى ذلك، ستشارك القوات المسلحة التركية في مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا وستقدم الدعم للجيش السوري لتعزيز قدراته الدفاعية. واعتبارًا من اليوم، هناك العديد من التساؤلات في الساحة السورية التي تنتظر إجاباتها. فما الذي ينتظرنا إذن في سوريا، حيث سيكون لتركيا وجود يتوافق مع القانون الدولي؟

هل ستتخلى إسرائيل عن موقفها العدواني تجاه سوريا، أو عن هدفها بتقسيم سوريا في السويداء وشمالها؟

إذا كنا نعتقد أنها ستتخلى، فقد نكون مخطئين في قراءتنا للعملية. يبدو أن إسرائيل ستحاول بكل السبل إفشال هذه العملية التي أصبحت تركيا طرفًا مباشرًا فيها. أعتقد أننا دخلنا منعطفًا ستقوم فيه إسرائيل باللعب على أوتار تركيا الحساسة. أتوقع أن إسرائيل قد تشن هجمات متفرقة على الجانب السوري لقياس رد فعل تركيا. يجب ألا نغفل حقيقة أن أيامًا صعبة تنتظر إسرائيل التي ستحاول جر تركيا إلى حرب تقف فيها أمريكا إلى جانبها. لأن إسرائيل ستجد نفسها للمرة الأولى جارة لقوة عسكرية كبيرة، وهذا قد يعني أن إسرائيل لن تتمكن من سفك الدماء بسهولة في غزة. إذا تمكنت تركيا من تحقيق أهدافها في سوريا، فقد تبدأ مقاومة ضد إسرائيل في لبنان، وقد يتبع هذه الخطوة مقاومة من المسلمين في الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية.

دور تركيا الإقليمي ومستقبل المنطقة

يجب على تركيا أن تستمر في سياستها الخارجية القائمة على فهم الدولة العميقة، خاصة في عهد هاكان فيدان. من الضروري ألا تقع في فخ ألاعيب إسرائيل ومناوراتها. إن وجود تركيا القوي في المنطقة لا يعني سوى تعزيز قوة المسلمين.عبر ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، تستطيع تركيا أن تصبح، في السنوات القادمة، دولة تضع حداً للظلم وتساهم في إحلال السلام.أخيرًا، يجب على تركيا أن تتبع سياسة رادعة بما يكفي لتجعل إسرائيل تشعر بأنها لا تستطيع خوض حرب معها، وذكية بما يكفي لعدم الدخول في حرب مع إسرائيل في هذه الأيام، وشجاعة بما يكفي لعدم التهرب من الحرب.

الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لـ"يني شفق العربية"


#تركيا
#سوريا
#دفاع مشترك بين سوريا وتركيا
#العلاقات التركية السورية