
- على شارع الرشيد غربي غزة امتزجت مشاعر العائدين من النزوح بين الدهشة والفرح والحزن - عيون تذرف الدموع في صمت أمام أنقاض بيوتهم وأياد ترتفع إلى السماء شكرا على النجاة - علت أصوات آخرين فرحا مرددين الأغاني والأهازيج الشعبية المعبرة عن الحنين للوطن
على طول شارع الرشيد الساحلي في قطاع غزة، تدفق عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين بخطوات متسارعة عائدين من جنوب القطاع إلى مناطق الشمال بعد نزوح قسري دام أشهرا طويلة.
مشهد إنساني امتزجت فيه الدموع مع الابتسامات، وتداخلت أصوات التكبير مع الأهازيج، فيما رفع كثيرون أيديهم إلى السماء شكرا على النجاة، وفق رصد مراسل الأناضول.
ومهرولين الخطى بشوق إلى مناطقهم، وأمل رغم الصعاب، كان البعض يحمل أطفاله على الأكتاف، فيما تلوِّح نساء بأيديهن من سيارات النقل، بينما حرص شبان على توزيع الماء على العائدين وسط أنقاض بيوت تحولت إلى ركام.
مشاعر مختلطة
مشاعر مختلطة بين الدهشة والفرح والحزن، فعيون تنظر حولها وتذرف الدموع في صمت أمام أنقاض بيوتهم، وأياد ترتفع إلى السماء شاكرة الله على النجاة.
فيما علت أصوات آخرين فرحا، مرددين الأغاني والأهازيج الشعبية المعبرة عن الحنين للوطن، والتي اختلطت مع هدير الموج على ساحل غزة.
جاء ذلك عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ الجمعة عند الساعة 12:00 ظهرا بتوقيت القدس (09:00 ت.غ)، ما أعاد الأمل بعودة تدريجية إلى المناطق المدمرة وفتح نافذة على أمل الإعمار.
وترافق سريان الاتفاق مع انسحاب جزئي للجيش الإسرائيلي إلى ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، شمل مدينة غزة باستثناء حي الشجاعية شرقا، ومناطق غرب ووسط مدينة خان يونس.
فيما منع الجيش دخول الفلسطينيين إلى بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا في شمال القطاع، ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا (جنوب)، إضافة إلى المناطق الواقعة شرقي خان يونس وساحل القطاع.
وبذلك تسيطر إسرائيل على نحو 53 بالمئة من مساحة قطاع غزة، وفق عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق.
"سنفترش الأرض"
وفي أحاديث مع الأناضول، عبر نازحون عائدون عن أملهم في بدء الإعمار قريبا.
وبنبرة تحدي، قال بعضهم إنهم سيفترشون الأرض فوق أنقاض بيوتهم إلى أن تُعمر من جديد، مؤكدين أن العودة رغم الركام خير من حياة النزوح والمعاناة.
وقال أحدهم: "نزحنا من شمال القطاع إلى جنوبه بسبب القصف والدمار الذي سببه الاحتلال، وها نحن راجعون إلى الشمال".
وأضاف: "بيوتنا تدمرت وأولادنا استشهدوا، لكننا سوف نعود ونحيي بيوتنا والحياة من جديد".
وأعرب عن أمله في أن تكون هذه آخر الحروب على غزة، موجها الشكر إلى الوسطاء من تركيا وقطر ومصر الذين أسهموا في وقف الحرب وإنهاء معاناة المدنيين.
من جانبها، عبّرت إحدى النازحات، وهي من مخيم جباليا شمالي القطاع، عن سعادتها بالعودة إلى مكان سكنها رغم الدمار الذي لحق بمنزلها.
وقالت للأناضول: "النزوح صعب والغربة صعبة، لا مكان مثل بيتنا حتى لو غرفة".
وطالبت بإعادة إعمار مخيمها والمناطق المدمرة في شمال القطاع، مؤكدة أن العودة رغم الركام تبقى أفضل من حياة النزوح والمعاناة.
والجمعة، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن الخسائر الأولية المباشرة في القطاعات الحيوية تجاوزت 70 مليار دولار، مطالبا بخطة عاجلة لإعادة الإعمار وفق آلية شفافة.
وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، في تصريحات صحفية، إن إسرائيل دمرت نحو 300 ألف وحدة سكنية كليا و200 ألف جزئيا أو بشكل بليغ، ما أدى إلى تهجير قرابة مليوني فلسطيني قسرا، عاشوا في خيام مهترئة وظروف إنسانية قاسية.
وألقى الجيش الإسرائيلي أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات على القطاع، ما أدى إلى تدمير نحو 90 بالمئة من البنية التحتية والمباني، ونزوح قرابة مليوني مدني نتيجة التهجير القسري المستمر منذ سنتين، بحسب الثوابتة.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و211 قتيلا، و169 ألفا و961 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 460 فلسطينيا بينهم 154 طفلا.