سوريا.. الاحتلال الإسرائيلي والأسد يُفجعان أمّا بـ 3 أبناء والمرض يغيّب رابعهم

13:0619/12/2025, الجمعة
تحديث: 19/12/2025, الجمعة
الأناضول
سوريا.. الاحتلال الإسرائيلي والأسد يُفجعان أمّا بـ 3 أبناء والمرض يغيّب رابعهم
سوريا.. الاحتلال الإسرائيلي والأسد يُفجعان أمّا بـ 3 أبناء والمرض يغيّب رابعهم

- جميلة محمد ذيبان، من أصول فلسطينية وتحمل الجنسية الأردنية وتعيش في ريف القنيطرة الجنوبي - الجيش الإسرائيلي اعتقل محمد في فبراير، ونظام الأسد قتل صُدَيف عام 2016 واعتقل محمود عام 2014 - نجلها منيزل من مواليد العام 1981 اشتد عليه المرض عقب اعتقال أخيه محمد، ففارق الحياة - جميلة ذيبان: ابني محمد لم ينخرط بأي نشاط عسكري وأترقب عودته من سجون إسرائيل بفارغ الصبر - آمنة عواد، زوجة محمد: الجيش الإسرائيلي اقتحم منزلنا 3 مرات، واعتقل محمد وسط صراخ أطفاله


بصوت مثقل بالحزن، تروي جميلة محمد ذيبان تفاصيل فقدان 4 من أبنائها، اثنان قتلهما نظام بشار الأسد، فيما اعتقل الجيش الإسرائيلي الثالث في ريف القنيطرة جنوبي سوريا، ولا يزال مصيره مجهولا حتى اللحظة.

ولم تكد الأم المكلومة تتجاوز الفاجعة وصدمة الغياب، حتى داهم المرض نجلها الرابع واختطفه، تاركا لها ابنا واحدا كان يستند بإخوته.

تعيش الأم على أمل الإفراج عن ابنها المعتقل في سجون إسرائيل، في انتظار لحظة تعيد لها بعضا مما سلبته سنوات القتل والغياب.

في الآونة الأخيرة، أصبحت التوغلات الإسرائيلية في الجنوب السوري شبه يومية، ولا سيما في القنيطرة، وتتخللها اعتقالات ونصب حواجز أدت إلى تصاعد الغضب الشعبي ضد تل أبيب.

ورغم أن حكومة دمشق لا تشكل تهديدا لتل أبيب يتوغل الجيش الإسرائيلي مرارا داخل سوريا، ويشن غارات جوية قتلت مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية وأسلحة وذخائر تابعة للجيش.

** تفاصيل الاعتقال

وسط جدران منزلها المتآكل في بلدة جديدة الفضل بريف دمشق (جنوب)، تُقلّب ذيبان صور أبنائها الأربعة عبر هاتفها المحمول.

ومع الصور، روت الأم بحرقة تفاصيل اعتقال نجلها محمد (40 عاما)، بينما تحلقت برفقة أحفادها حول فريق الأناضول، محاولةً إيصال صوتها ومعاناتها في ظل ما وصفته بـ"التهميش الكبير".

ذيبان التي تحمل الجنسية الأردنية وأصولها فلسطينية، تقول وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "أملي الوحيد يبقى معلقا بلقاء ابني محمد محسن أحمد، المعتقل في سجون إسرائيل، بعدما فقدت 3 أبناء، اثنان قتلهما نظام الأسد، والثالث غيبه المرض".

ورافعة يديها إلى السماء، توجهت الأم بالدعاء بالفرج القريب لابنها، معربة عن آمالها برؤيته قبل موتها.

تقول إنها لم تسمع أي نبأ عن محمد منذ تاريخ اعتقاله في 5 فبراير/ شباط الماضي من قرية أم اللوقس بريف القنيطرة الجنوبي، مؤكدة أنه لم ينخرط بأي نشاط عسكري، بل يزاول مهنا حرة كسائر أبناء القرية.

وتشير إلى أنها توجهت إلى مكتب الأمم المتحدة في حي المالكي بالعاصمة دمشق، الذي أخبرها بأن ابنها موجود في سجن عوفر الإسرائيلي، دون تفاصيل أخرى.

أما عن أطفاله وهم ولدان وبنت، فتقول الأم إنها تشرف على شؤونهم، مشيرة إلى ترقبهم للحظة الإفراج عن والدهم.

** إخفاء قسري وقتل

ومسترجعة ذكريات نجلها الآخر محمود، تلفت الأم إلى أن نظام بشار الأسد اعتقله عام 2014 من قطنا بريف دمشق، ولم يظهر له أثر حتى اليوم.

الأم تذكر أن محمود كان عمره حينها 17 عاما، مضيفةً: "بحثنا عنه في كل مكان، بالمشافي والمخافر، وحاولنا أن نسأل عنه في السجون وتوسلنا لأكثر من ضابط دون جدوى".

لكن الأم بقيت متسلحة بالأمل، حتى لحظات الانعتاق من نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 لعله يظهر بين آلاف المعتقلين الذين تم تخليصهم من السجون.

تقول بهذا الصدد: "فحصت وجوه أغلب الذين خرجوا من السجون فلم أجده (..) ما أصعب أن يكون هدف الأم العثور على قبر أو حتى شاهد قبر لابنها".

وعبر صورته خاطبته باكية: "الله يرحمك يا أمي ويجمعني فيك بالجنة، ويرضى عليك دنيا وآخرة.. يا محمود قلبي وروحي راضيان عنك يا ولدي".

أما ابنها الثالث، روت الأم حكايته قائلة: "اسمه صُدَيف، وقد انشق عن جيش التحرير الفلسطيني (كان يتبع للجيش السوري إداريا قبل حله بعد سقوط النظام)، والتحق بصفوف الجيش الحر آنذاك، إلى أن استشهد في 6 يونيو/ حزيران 2016 بإحدى المعارك".

وتضيف ذيبان أن صُدَيف كان عمره آنذاك 23 عاما، وهو متزوج ولديه ابنة تعيش حاليا في كنفها رفقة أحفادها الآخرين.

وتيمّناً به، فقد أطلق أخوه محمد الذي اعتقلته إسرائيل مؤخرا، على أحد أبنائه اسم صُدَيف تيمنا باسم عمه.

ومُحتضنةً صُديف الصغير، تعتصر الجدة التي اتشحت بالسواد دموعها، وتدعو لعمه بالفرج القريب عنه من سجون إسرائيل.


"خطفه المرض"

وأمام هذا الفقد المتعدد، لاحق الموت الأم المكلومة، فخطف نجلها الرابع منيزل (من مواليد العام 1981) عقب اعتقال أخيه محمد.

وعن أسباب الوفاة، تضيف الأم: "كان لديه نزيف بالمعدة، وبعد اعتقال شقيقه من قبل إسرائيل ساءت حالته كثيرا، وتوفي على إثر ذلك".

وعلى وقع البكاء، تتابع الأم: "أكثر ما يحزنني بقصة منيزل أن شقيقه المعتقل لم يعرف بموته بعد"، متساءلة: "كيف سنخبره بذلك بعد إطلاق سراحه؟ وكيف ستكون ردة فعله؟".

وأمام هذه المآسي المتلاحقة، تناشد ذيبان الأمم المتحدة والمؤسسات المعنية بالتدخل لإطلاق سراح نجلها، مشيرة إلى أنها تعتزم قصد السفارة الفلسطينية بدمشق لاطلاعها على القضية أملا بتقديم أي مساعدة.


زوجة محمد

وإلى جوار ذيبان، تجلس زوجة ابنها المعتقل آمنة عواد، وقد اتشحت بالحزن وهي تنظر إلى أطفالها الذين يترقبون الإفراج عن والدهم.

وتروي عواد تفاصيل اعتقال زوجها، قائلة: "الجيش الإسرائيلي اقتحم منزلنا 3 مرات بشكل فظيع، تكسير وتخريب، وفي كل مرة كانوا يسألون عن سلاح ثقيل، فنخبرهم بأننا مدنيون ولا علاقة لنا بالسلاح".

وتضيف: "في الاقتحام الثاني ربطوا زوجي ووضعوه في منزل مجاور، لكنهم لم يعتقلوه، فقمت باستغلال الموقف وهرعت إلى المنزل وغامرت، وأزلت الرباط عنه، وتمكنت من تخليصه".

لكن محمد لم ينج بالمرة الثالثة، لأنه أصر على البقاء في المنزل رغم تكرار الاقتحامات الإسرائيلية، وفق الزوجة التي قالت: "اقتحموا منزلنا بالمرة الثالثة، وكانوا يتكلمون اللغة العربية الثقيلة".

وأضافت: "حاول زوجي إقناعهم بعدم اعتقاله وقال لهم إن عائلتي ليس لهم معيل غيري، لكنهم قالوا له بقساوة: ودّع أطفالك".

وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي هاجمها بألفاظ نابية، وجرّ محمد أمام أطفاله "الذين شرعوا بالصراخ، ثم اقتادوه معهم، متجاهلين صراخ أطفاله".

ومع انهمار الدموع، تضيف آمنة: "زوجي ليس له أي نشاط عسكري، هو عامل، ولم يجدوا في منزلنا أي قطعة سلاح".

وفيما يتعلق بأوضاع أطفالها بعد اعتقال والدهم، تقول: "لم ينسوا مشهد اعتقال والدهم.. هو خالد في مخيلتهم".

وتتابع: "بسبب الفقر بعد اعتقاله، اضطررت للعمل بمجال التنظيف من أجل إطعام أطفالي الصغار الذين لم يعد لهم معيل بعد أبيهم".

وبحرقة تتساءل: "ما ذنب أطفالي كي يعيشوا في هذا المنزل المتآكل؟ لا نجرؤ على العودة إلى منزلنا في القنيطرة بسبب التوغلات الإسرائيلية".

ومنذ سبتمبر/ أيلول 2013 نزحت العائلة أكثر من مرة من منزلها في القنيطرة، على وقع التطورات الأمنية التي شهدتها المنطقة.

ولم تكتف إسرائيل بالتوغلات والاعتقالات وانتهاك السيادة السورية، بل قصفت مساء الأربعاء، منطقة تل الأحمر الشرقي، في ريف القنيطرة، وفق قناة "الإخبارية" السورية.

وبعد سقوط نظام الأسد، أعلنت إسرائيل انهيار اتفاقية فصل القوات المبرمة مع سوريا عام 1974، واحتلت المنطقة السورية العازلة.

#إسرائيل
#القنيطرة
#سوريا