اصطحب المدير الإقليمي بالهلال الأحمر التركي سرهات أوندر (41 عامًا) زوجته وأبناءه إلى مقر رئاسة الأركان وهو يقول "سنكافح حتى لا ينجح الانقلاب، سنثبت أنفسنا"، لكنه استشهد خلال إطلاق نار استهدف المجموعة التي كانت متمركزة أمام مبنى رئاسة الأركان في الساعات الأولى لمحاولة الانقلاب.
ولد الشهيد أوندر وترعرع في ألمانيا، وكان أحد مؤسسي اتحاد الديمقراطيين الأتراك. اتخذ قرار العودة النهائية إلى بلده الأم تركيا، واستقر به المقام في العاصمة أنقرة. كان أوندر قد جلس لساعة واحدة فقط مع والدته التي كانت قد حضرت من القرية عشية 15 يوليو/تموز، حينها علم بنبأ محاولة الانقلاب، فنزل إلى الشارع رفقة زوجته وأبنائه استجابة لنداء الرئيس أردوغان. عندما وصلت الأسرة إلى جسر أوبرا في أنقرة، سلّم سيارته إلى زوجته وقال لها "ارجعوا وأنا سألحق بكم إلى البيت". وبينما كان يودع أسرته لتعود إلى البيت حلقت طائرات حربية على ارتفاع منخفض، فهلع ابنه، فطمأنه بقوله "لا تخف يا بني!" وكان هذا آخر لقاء له مع أسرته. كان أوندر هدفا لقنبلة ألقاها الانقلابيون أمام مقر رئاسة الأركان، ليسقط شهيدا نتيجة إصابته بشظاياها. كان أوندر قد فقد بطاقة تحقيق شخصيته خلال الأحداث، فجالت أسرته أقسام الشرطة للعثور عليه، لكن دون جدوى. وفي النهاية عثروا على جثمانه في مستشفى نمونه.
"حزينة لكني فخورة"
قالت هلال (16) ابنة الشهيد "أشعر بالحزن بطبيعة الحال، لكنني من ناحية أخرى فخورة بأبي، فالله لا يهب الشهادة للجميع". وأضافت هلال أنهم ذهبوا مع والدها حتى وصلوا إلى مقر رئاسة الأركان، وتابعت "تطورت الأحداث بشكل مفاجئ. كان شحن هاتف والدي على وشك الانتهاء، فقال لنا انتظروني هنا، ثم ذهب. وعندما انفجرت القنبلة ارتمينا على الأرض، ثم أمسكتني أمي وأخي من ذراعينا وجرينا. نجونا بأنفسنا بأعجوبة من بين الرصاصات، ثم حاولنا الوصول لأبي. كانت السيارات تمر من جانبنا ومن فيها يقولون إن هناك مصابين. وفي تلك اللحظة تكلمني شعور بأن شيئا حدث لأبي. انتظرنا داخل السيارة حتى الصباح على أمل أن يأتي أبي الذي ظننته كل رجل مر بجوارنا، بيد أنه استشهد هناك".
دفن جثمان الشهيد أوندر، الأب لطفلين، في مسقط رأسه بمدينة تشانكيري، وأطلق اسمه على مدرسة متوسطة للأئمة والخطباء في منطقة شابان أوزو في تشانكيري.