
تعيش تركيا في مرحلة “تركيا بلا إرهاب” أيامًا استثنائية، إذ تُبذل جهود كبيرة للغاية للتخلّص من آفة الإرهاب التي استمرت لنحو نصف قرن. وعلى امتداد هذه الخمسين سنة، اتُّخذت محاولات متعددة لإنهاء الإرهاب، إلا أنّ أيًا منها لم يُفضِ إلى نتيجة حاسمة.
بدأت المرحلة الجديدة بدفعة قوية من موقف شجاع وتصريحات فاتحة للطريق أطلقها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي. هذه العملية لا تتقدم فقط نحو بناء “تركيا بلا إرهاب”، بل تمتد لتشمل “منطقة بلا إرهاب” أيضًا، وتشهد تقدمًا سريعًا في هذا الاتجاه. وقد شُكّلَت لجنة شاركت فيها الأحزاب الممثلة في البرلمان — باستثناء حزب واحد — تحت اسم “لجنة التضامن الوطني والأخوّة والديمقراطية”. وكان أبرز التحديات أمام هذه اللجنة مسألة البحث في إجراء لقاء مع إمرالي من عدمه، وقد تم تجاوز هذا التحدي بالفعل.
قلق حزب الشعب الجمهوري من احتمال إنهاء الإرهاب
ورغم أن حزب الشعب الجمهوري كان أكثر من دافع نحو ضرورة مناقشة ملف الإرهاب تحت قبة البرلمان، فإنّه اتخذ موقفًا مربكًا خلال مرحلة إمرالي. فقد حاول الحزب استغلال الموضوع لخلق شرخ داخل تحالف الجمهور عبر دهاء سياسي، لكنه فشل في تحقيق غايته.
ومن المثير للانتباه أنّ حزب الشعب الجمهوري يُبدي — لسبب غير مفهوم — قلقًا ملحوظًا من احتمال إنهاء الإرهاب. ففي مرحلة “مسار الحل” أظهر الحزب الموقف ذاته، معترضًا حينها بعبارة: “ألم تبكِ الأمهات في درسيم؟”. وبعد موقف الحزب من ملف إمرالي، قررت العودة قليلًا إلى تصريحات أوزغور أوزال خلال تلك الفترة، فوجدت معطيات لافتة.
ففي أيار/مايو 2016، قال أوزغور أوزال عن صلاح الدين دميرتاش: “هؤلاء الذين يتلقّون التعليمات من الجزر والجبال، ويتنقلون بين إمرالي وقنديل.”
بحثت عن سبب إطلاقه هذه التصريحات، ليتضح أن دميرتاش كان قد ضغط على الجرح المفتوح داخل حزب الشعب الجمهوري.
عودة سريعة إلى أجواء ما بعد انتخابات 7 حزيران
بعد انتخابات 7 حزيران/يونيو 2015، رفعت المعارضة سقف خطابها قائلة: “طالما أن حزب العدالة والتنمية فقد الأغلبية، فلنرفع الحصانات إذًا”. كانوا يظنون أنهم سيحاكمون أعضاء الحزب الحاكم. لكن بعد انتخابات الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، عاد حزب العدالة والتنمية وفاز بأغلبية ساحقة، في حين لم تستطع المعارضة التراجع عن خطابها السابق.
وفي آذار/مارس 2016، انتهت العملية بتعديل دستوري يقضي برفع الحصانة عن جميع النواب الذين كانت بحقهم ملفات في البرلمان آنذاك.
حزب الشعوب الديمقراطي اعترض على تعديل الدستور، وانتقد أيضًا دعم حزب الشعب الجمهوري للتعديل. وكان إعلان الحزب دعمه للتعديل قد أغضب صلاح الدين دميرتاش، الذي فقد أعصابه وكشف سرًا بالغ الأهمية.
هل كان حزب الشعب الجمهوري على علم بالانقلاب قبل وقوعه بشهرين؟
إليكم تصريحات دميرتاش التي أثارت غضب أوزال:
“دعوني أقولها بصراحة: سمعت أن كمال كليتشدار أوغلو تلقّى إحاطة غير مباشرة من رئاسة الأركان بشأن موضوع الحصانات. قد يكون ذلك مجرد إشاعة، لا أعرف، لكنني سمعتها من مصادر قوية. بل قيل إن نائبًا من حزب الشعب الجمهوري ذو خلفية عسكرية هو من نقل الإحاطة.”
دميرتاش كان يقول الحقيقة، لكنه لم يذكر مصدره… وهنا نذكّره نحن بالمصدر، ونطرح سؤالًا على أوزغور أوزال.
فحسب ما تسرّب من كواليس الاجتماع، زار وفد من حزب الشعوب الديمقراطي الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري قبل التصويت، ودار نقاش في حضور أوزغور أوزال نفسه. طالب وفد الحزب بعدم دعم رفع الحصانات محذرين من أن رفعها عن نواب المعارضة — بمن فيهم رئيس الحزب — سيؤدي إلى أن يقوم رجب طيب أردوغان باعتقال الجميع، وبالتالي يجب على حزب الشعب الجمهوري أن يصوت بـ“لا”.
وبحسب ادعاءات عدة، فقد تم استدعاء النائب ذو الخلفية العسكرية دورسون جيجيك إلى الاجتماع، أو تمت الإشارة إليه، وقالوا للوفد: “لا تقلقوا أبدًا، لقد تواصلنا مع القوات المسلحة التركية، وأردوغان لن تتاح له فرصة تنفيذ هذا القانون، فهو سيغادر السلطة قريبًا”.
وبعد مرور أقل من شهرين على هذه الأحاديث، وقع محاولة انقلاب 15 تموز/يوليو التي قامت بها منظمة غولن الإرهابية. ولو نجحت هذه المنظمة الإرهابية، لما تم تنفيذ ما نصّت عليه التعديلات الدستورية، كما كان أعضاء حزب الشعب الجمهوري يتوقعون.
ولذلك نسأل اليوم:
هل كان أوزغور أوزال يعلم بحدوث انقلاب 15 تموز قبل وقوعه بشهرين؟
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة