يجب إرسال قوة تركية إلى غزة.. القاهرة "مائدة المفاوضات الأخيرة".. خيارات بديلة ستُجرب؛..ولولا أردوغان لما انعقدت المائدة.. حماس هي العقل والحكمة العليا لفلسطين.. تركيا هي القوة الوحيدة القادرة على إيقاف إسرائيل

07:0310/10/2025, الجمعة
تحديث: 26/10/2025, الأحد
إبراهيم قراغول

توصلت حماس وإسرائيل إلى اتفاق هدنة في القاهرة برعاية تركيا وقطر ومصر ضمن إطار طاولة المفاوضات. وبموجبه ستنسحب إسرائيل في المرحلة الأولى (حتى يوم الأحد) من نحو سبعين بالمئة من غزة، وستُفرَج عن جزء من الرهائن، وستُفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وتتوقف الهجمات الإسرائيلية. أعلنت حماس—في بيان أعلنت عنه ليلاً في منتصف الليل—التوصل إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإجراء تبادل للأسرى. ووجهت حماس شكرها إلى تركيا وقطر ومصر. ووقّع الأطراف اتفاق الهدنة

توصلت حماس وإسرائيل إلى اتفاق هدنة في القاهرة برعاية تركيا وقطر ومصر ضمن إطار طاولة المفاوضات. وبموجبه ستنسحب إسرائيل في المرحلة الأولى (حتى يوم الأحد) من نحو سبعين بالمئة من غزة، وستُفرَج عن جزء من الرهائن، وستُفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وتتوقف الهجمات الإسرائيلية.

أعلنت حماس—في بيان أعلنت عنه ليلاً في منتصف الليل—التوصل إلى اتفاق يقضي بانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإجراء تبادل للأسرى. ووجهت حماس شكرها إلى تركيا وقطر ومصر. ووقّع الأطراف اتفاق الهدنة أمس عند الساعة الثانية عشرة.


قَدْ مَاتُوا، دَفَعُوا ثَمَنًا باهِظًا، لَمْ يَرْكَعُوا. وَعِنْدَ نُشُوءِهِم...

بنود الهدنة الأخرى، وخارطة الطريق المقبلة، ومستقبل غزة لا تزال موضع مفاوضات، وستستمر المباحثات. أما الآن فَيبدو أن وقف الوفيات وتدفق المساعدات وتحجيم الإبادة الإسرائيلية قد أحرزت نتائجٍ أولية.

بالطبع، هذا أمرٌ يوفّر فسحةً من الهواء لمجتمعٍ كريمٍ ظُلم على مدى عامين من الدمار وصَبَر وتحمل ثم لم يركع. ولكن اتّضح أن أشرس المجتمعات، حتى لو نفّذت أعنف المجازر بدعم القوّات الأمريكية والأوروبية، لم تستطع وأبدًا لن تستطع أن تُخرِج شعبًا متمسّكًا من 365 كيلومترًا مربعًا ــ نحو مليوني إنسان ــ من ثباته.


نادرًا ما شهد التاريخ أُمّةً بهذه الإيمانِ والصمود. ويجب أن ننوّه اليوم أيضًا أن آلافًا من أطفال غزة الذين استُشهِدوا سيكبُرون ليصبحوا قوةً تُشكّل كابوسًا لإسرائيل. لا قدرة لإسرائيل ولا قدرة للولايات المتحدة على منع ذلك أبدًا.


سواء اعترفت إسرائيل أم لم تعترف، الضامن لغزة هو تركيا.

عند ترسّخ الاتفاق، ستظهر المشكلة الحقيقية في آلية مراقبته وتنفيذه، لأن إسرائيل لم تلتزم حتى الآن بأي اتفاقٍ توفّق عليه، ولم تُمسك بأي توقيع وُضِع أمامها. بالنسبة لنتنياهو وآخرين أمثال آرييل شارون، فإن هذه الاتفاقيات ليست سوى ترفيعٍ في الوقت ــ لا أكثر ولا أقل.

لهذا السبب، فإن ضمان ما بعدها لا يقل أهميةً عن مضمون الاتفاق نفسه. كما جُبِر نتنياهو على الجلوس إلى المائدة، هكذا يجب أن يُجبر على الالتزام بالاتفاق. ولذلك سِيُؤمَّن مستقبل غزة عبر «دول الضمان»؛ ومن بين هذه الدول ستكون تركيا بلا شك الأهم.


يجب أن تذهب القوات التركية إلى غزة، وستذهب! فنحن خضنا أعظم المعارك هناك!

توافرت معلومات تفيد بأن حماس طالبت بوجود قوة تركية في غزة، وقد قوبل ذلك برفضٍ إسرائيلي شديد. إن كانت فلسطين تريد فستكون تركيا هناك. وإن لم تعترض إسرائيل، فيجب على تركيا أن تكون أكثر إلحاحًا في تواجدها هناك.


عاجلًا أم آجلًا، ستكون لتركيا مكانةٌ كدولةٍ أمْنٍ مستقِرة في هذه المنطقة. إذا كانت إسرائيل قد اختبرت حدودنا من شمال سوريا، فسوف نختبر نحن حدودها الجنوبية من غزة. الأمر مسألة وقتٍ لا أكثر.


لا توجد دولة أخرى قادرة على إحلال السلام في هذه البقعة مثل تركيا. لقد خضنا مع البريطانيين حروب غزة في عام 1917، ونحن أهل المكان ونعرفه أفضل من غيرنا، لأننا خضنا فيه أعظم المعارك. بعدنا قاتل الشعب الفلسطيني؛ لذا يجب أن تُنقَل خبرة تركيا وثقتها إلى هذه الأراضي وإلى هذه المنطقة من المتوسط.


كانَت «المائدة» التي أُقيمت في القاهرة هي المائدة الأخيرة. لو لم يكن أردوغان لما تأسست هذه المائدة!

لنكن واضحين: «المائدة» التي عُقدت في القاهرة كانت آخر فرصة. لو فشلت لما بقي خيار الجلوس إلى طاولةٍ مع إسرائيل. ولم يكن ليخرج من القاهرة شيءٌ لولا الرئيس أردوغان. ولو لم تكن مكالمة أردوغان الهاتفية مع ترامب في ذلك الوقت، لما خرج شيء من القاهرة.

بهذه المبادرة—دون تصريحٍ مبالغٍ فيه أو ضجيجٍ إعلامي—استعمل أردوغان لغة اتصالٍ قوية مع ترامب، وربما فَتَحَ له عينَه، وفتَح له أيضًا بابَ نيلِ جائزة السلام.


الجملة التي قالها ترامب لنتنياهو: «لا يمكنك أن تحارب العالم» كانت نصيحة من أردوغان. وربما بيّن أردوغان لترامب كيف أن إسرائيل سحبت أمريكا معها إلى هاويةٍ وكادت تقودها إلى الانتحار.


نفاد صبر تركيا: استُخدمت كلّ الخيارات ما عدا الحرب!

صبر تركيا والمنطقة قد نفد. كل الدول تلوذ بالكلام الحاد، والملايين خرجت إلى الشوارع، وعمّت حملات إنسانية في المتوسط. وهذه المسألة تشكّل تهديدًا ليس لإسرائيل فحسب بل للولايات المتحدة أيضًا.

قيلَت كلماتٌ شتى، وردود أفعالٍ جسيمة، وأقسى الإدانات، وجُرِّبت كلّ الخيارات الممكنة ما عدا الحرب. لكن الإبادة لم تتوقف. ولم يتوقف قتل عشرات الآلاف من الأطفال على نحوٍ منهجي؛ ولم يتوقف دفن الرُّضَّع أحياءً.


لم تُروّض شهوة العنف لدى ذلك المجتمع الموحش، ولم تُكبَح هجماتهم على البشرية. لم تُقهر تلك الاعتداءات التي تقوّض الجينات البشرية.


آخر محاولة دبلوماسية للإنسانية! لأن هذه المرة مختلفة: نواجه إبادةً جماعية. سيتم تجربة بدائل أخرى.

وهذا هو سبب كون «المائدة» في القاهرة آخر محاولة دبلوماسية للبشرية. نعم، أُقيمت مئات موائدٍ من قبل، لكن هذه المرة الوضع مختلفٌ جوهريًا. هذه المرة نواجه محاولة إبادة جماعية. هذه المرة هؤلاء المجرمون يسعون لحرق كامل الجغرافيا. المأساة الآن أكثرُ جدِّيةً.

قد تُوفّر الدبلوماسية نفَسًا مؤقتًا، لكنها قد لا تكون كافية لوقف هذا المَسْعَى. ويجب أن نتهيّأ لذلك. إسرائيل لا تُقنع بالسلام إلا بالقوة والسلاح، ونحن نعلم أنها ستسعى لتخريب هذا المسار. نعلم أنها ستوقِع وتعودُ إلى الأكاذيب والهجمات.


حينئذٍ سَيُجرَّبُ ما سواه. وسيُضطرّ الإنسان لأن يلجأ إلى طرقٍ غير مألوفة لإجبار ذلك المجتمع المريض على الركوع. قد تُمحى خريطة إسرائيل لتقليص أذى البشرية إلى الحد الأدنى. وإذا لزم الأمر، سيُؤخذ هؤلاء الناس تحت السيطرة في كلِّ دولة.


حكمة حماس: العقل الأعلى لفلسطين تجلّى في كلماتها. من يملك الخبرة؟

أظهرت حماس سياساتٍ ودبلوماسيةً دقيقةً أكثر من كثير من الدول، وخططًا طويلة الأمد وحكمةً. لقد ثبت عبر هذه الإبادة أن حماس أقربُ إلى أن تكون دولةً، وأن إسرائيل أقربُ لأن تُنعت تنظيماً منه دولةً. بدا تأثير تركيا في إقناع حماس واضحًا في ردّ حماس على خطة الهدنة.


حماس هي العقلُ الأعلى والإرادةُ للشعب الفلسطيني، وحركةُ كفاحٍ وطني. العقلُ والإرادةُ اللذان سيحوّلان فلسطين إلى دولةٍ حقيقيةٍ بالمعنى المرغوب هما من أجل حماس. ومن خلال هذه الدبلوماسية الرقيقة زاد الضغطُ على إسرائيل، وطمأن ترامب، ومهّد الطريق أمام تركيا.


في مستقبل هذه الجغرافيا لن تكون أمريكا هي الحاضرة الدائمة، بل تركيا!

ستكون تركيا في مستقبل هذه البقعة أكثر دوامًا من الولايات المتحدة ومن أوروبا. ستكون قوةً رائدةً في جمعِ الشمل وإحلال الاستقرار واحتواء إسرائيل. لذا ينبغي إعادة بناء كل الحسابات انطلاقًا من هذه الحقيقة، وإعادة تأويل الخطوات المتخذة في هذا الإطار.


لو نجحت إسرائيل في تخطّي عقبة غزة لما أمان أي بلد عربي. كانت الأسلحة ستتجه مباشرةً نحوهم. كانت مصر ستفقد سيناء، وسوريا ولبنان سيخسران أراضي، واليمن والسعودية والأردن سيتعرضون لهجمات. من حدود إيران إلى البحر الأحمر، كانت المنطقة بأسرها ستقع ضمن دائرة اعتداءات إسرائيل.


يجب إعادة التفكير مرةً أخرى في أي الدول تُدافع عن نفسها في غزة، وفي أي معنى تُشكّل غزة دفاعًا جغرافيًا، وفي مدى استعجالِ إجبار إسرائيل على الركوع بسبب إبادة غزة، وفي لماذا كانت قراءة تركيا للجغرافيا وتحديدها للتهديدات بهذا القدر من الأهمية.


هم يبيعون «خوف تركيا»؛ إنها ورقتهم الأخيرة. إسرائيل لا تستطيع إيقاف تركيا!

لو كانت حماس قد طلبت تواجد قوات تركية في غزة، وإن كانت إسرائيل قد رفضت بشدة، فبعض الدول العربية وقفت أيضًا في وجه ذلك. من باعهم «خوف تركيا» نجح في جعلهم يعتقدون بهذا الخوف. لكن سرعان ما سيتبيّن أن مخاوفٍ واهية تُسوّق لسرقة حاضر الأمة العربية. كل دول المنطقة بحاجة إلى الدرع الأمني التركي. لا ينبغي لهم أن يُغفلوا المستقبل بتعلّقهم بأساطيرٍ فرضها عليهم الغرب.


الآن لم تعد الولايات المتحدة ولا أوروبا ستحميهم. انهيار مفاوضات القرن العشرين وتجارة السلطة قد حلَّ؛ ومن يساير اليوم تسويق هذا الخوف سيفيق قريبًا على هذه الحقائق.


الإبادة لم تتوقف، ولن نتوقف. سنواصل الحرب مع إسرائيل!

الإبادة لم تتوقف، والمقاومة لم تنته. الطريق طويل. حتى عند إعلان الهدنة كانت الهجمات الإسرائيلية مستمرة. لذلك سنبقي دعمَ غزة في صدارة جدول أعمالنا، ولن نتوقف عن محاولات رفع الحصار وإزاحته نهائيًا.


سيُعاد إعمار غزة، ستُضمّد الجراح وتُشارك الآلام، وسيُقوّى الشعبُ أكثر فأكثر. وستُواجه الهجمات الإسرائيلية بردود فعل أكبر بكثير.


الوحيد القادر على إيقاف إسرائيل هو تركيا!

لن يتوقف شيء هنا. سيُحاسَب مرتكبُو إبادة إسرائيل، وسيُطالَبون بدفع الثمن. ذُهبت كل الأكاذيب منذ الحرب العالمية الثانية. أصبحت إسرائيل الآن أكثر الدول مكروهة في العالم، وهذا لن يتغير.

لا تدع الهدنة تُورثنا الغفلة. النضال ليس في غزة وحدها بل في أرجاء الكرة الأرضية. وتركيا، بقدرتها على بناء الجغرافيا وإعادة تشكيل التاريخ، ستكون في غزة. لأن تركيا هي القوة الوحيدة القادرة على احتواء إسرائيل.

#هدنة غزة
#تركيا
#مصر
#قطر
#حماس