وزير تركي: دخلنا "العصر الأخضر" في الطيران المدني بوقود مستدام

قال وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، إن بلاده دخلت رسميًا مرحلة جديدة تُعرف باسم "العصر الأخضر" في قطاع الطيران المدني، وذلك من خلال إصدار تعميم لمديرية الطيران المدني التركية تفرض استخدام وقود الطيران المستدام المسمى اختصارا (SAF).

وفي مقابلة مع الأناضول، أوضح أورال أوغلو أن هذا التوجه الجديد ينسجم مع أهداف تركيا المتعلقة بالاستدامة البيئية في قطاع الطيران، ويعد خطوة ملموسة أيضا نحو تحقيق التزامات البلاد في هذا المجال.

وأكد الوزير أن هذه الخطوة تشكل "نقطة تحول مهمة" في مسيرة الطيران المدني التركي، وفي مسار احترام البيئة، وتشجيع الإنتاج المحلي، والالتزام الكامل بالمعايير الدولية.

ويعد وقود الطيران المستدام بديلا مصنعا من مواد خام غير بترولية، يقلّل من انبعاثات النقل الجوي.

ووفقا لأورال أوغلو، بدأت كبرى الشركات التركية الاستعداد للإنتاج الفعلي لهذا النوع من الوقود النظيف، وفي مقدمتها شركة مصافي النفط التركية، التي من المتوقع أن تبدأ الإنتاج التجاري اعتبارا من عام 2026.

وقال إنه من خلال التعميم الذي أصدرته المديرية العامة للطيران المدني بشأن الوقود المستدام، تبدأ البلاد رسميا "عصرا جديدا في الطيران، يقوم على احترام البيئة وتحمل المسؤولية المناخية".

وأضاف: "نحن الآن ننتقل إلى نظام جديد يعزز الإنتاج المحلي ويلتزم تماما بالمعايير الدولية، في خطوة تحمل أهمية استراتيجية على مستوى السياسات الصناعية وأمن الطاقة في تركيا".

- إعادة بناء السياسات

واعتبر أورال أوغلو أن ما تشهده تركيا حاليا هو "إعادة بناء لسياساتها في مجال النقل والطيران على أساس مبدأ الاستدامة، بما يتماشى مع هدف البلاد المتمثل في تحقيق صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2053".

وأكد الوزير أن استخدام الوقود المستدام وتوفيره ومراقبته بات يخضع لضوابط ومعايير واضحة.

وشدد على أنه "سيكون من الإلزامي الالتزام بالمعايير الفنية الدولية" الخاصة به، وعلى رأسها معيار "اي اس تي ام دي 7566" (ASTM D7566)، وخطة "كورسيا" (CORSIA)، التي وضعتها منظمة الطيران المدني الدولي.

وصممت خطة "كورسيا" العالمية بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن الطيران الدولي بهدف تثبيت مستويات هذه الانبعاثات اعتبارا من عام 2020 فصاعدا، وانضم لها أكثر من 100 دولة.

- تشجيع الاستثمار المحلي

وفي سياق متصل، لفت أورال أوغلو إلى أن السياسات التركية الجديدة في مجال الطيران "لا تكتفي بفرض استخدام الوقود المستدام، بل تهدف أيضًا إلى تشجيع الاستثمارات المحلية في مجال إنتاج هذا الوقود".

وأردف: "نشترط أن تتم غالبية عمليات الإنتاج داخل تركيا، نحن نريد تقليل الاعتماد على الخارج وتعزيز البنية التحتية المحلية المعتمدة على التكنولوجيا".

وأوضح أن هذه السياسة بمثابة "تعميم يشمل جميع شركات الطيران، المحلية والدولية، التي تسيّر رحلات دولية، إضافة إلى مشغلي المطارات، والجهات الصناعية ذات الصلة، والأشخاص الحاصلين على تراخيص من هيئة تنظيم سوق الطاقة".

كما أنها تشمل الرحلات المغادرة من تركيا إلى دول مدرجة ضمن خطة "كورسيا"، باستخدام طائرات يتجاوز وزن إقلاعها الأقصى 5700 كيلوغرام، حسب الوزير التركي.

لكنه بيّن أن الرحلات الإنسانية والطبية، ورحلات مكافحة الحرائق، والرحلات التي تُنفذ بالطائرات الحكومية "ليست مشمولة بهذا التعميم".

وفيما يتعلق بكيفية مراقبة الالتزام باستخدام الوقود المستدام، قال الوزير إن المديرية العامة للطيران المدني ستعلن سنويًا، قبل نهاية الربع الثالث من العام، عن الحد الأدنى المطلوب من تقليل الانبعاثات لكل لتر من الوقود المستخدم.

وتابع: "سيتعين على موردي الوقود تقديم كميات من الوقود الممزوج بالوقود المستدام تلبي الحد الأدنى المطلوب من تقليل الانبعاثات، بشرط ألا تقل الكمية عن تلك التي تم توفيرها في العام السابق".

- سلسلة إمداد محلية

ومشيرا إلى إلى أن التعليمات الجديدة في هذا الشأن ستُنشر عبر الموقع الرسمي للمديرية العامة للطيران المدني، أكد أورال أوغلو أن شركات الطيران ستصبح ملزمة بتحميل ما لا يقل عن 90 بالمئة من احتياجاتها من وقود الطائرات في المطارات التركية عند تنفيذ الرحلات الدولية.

واعتبر أن تركيا "تسير على طريق بناء منظومة إنتاج متكاملة".

كما أعلن أورال أوغلو أن كبرى الشركات التركية بدأت الاستعداد للإنتاج الفعلي، وفي مقدمتها شركة مصافي النفط التركية، التي من المتوقع أن تبدأ الإنتاج التجاري اعتبارًا من عام 2026.

فيما سيتم ضم شركات أخرى مثل "سوكار تركيا" (فرع شركة الطاقة الوطنية الأذربيجانية بتركيا) إلى هذا المسار، في خطوة ترمي إلى "تأسيس سلسلة إمداد وطنية، مستدامة وصديقة للبيئة في آن معا"، على حد وصفه.

وشدد الوزير على أن بلاده ستواصل إنتاج السياسات التي تراعي التنمية المستدامة وحماية البيئة.

وفي ختام حديثه للأناضول قال أورال أوغلو: "قطاع الطيران لم يعد مجرد وسيلة للنقل، بل أصبح مجالًا استراتيجيًا يمس قضايا البيئة والاقتصاد والتكنولوجيا. وسنواصل العمل على بناء نظام طيران قوي، أخضر، ومتوافق مع المعايير الدولية، من خلال تعميمات تُلزم الجميع باستخدام وقود الطيران المستدام".