
ضمن شروط بينها انسحاب قوات الدعم السريع من المدن وفك الحصار عنها، وفق تصريحات لوزير الخارجية السوداني
شدد وزير الخارجية السوداني محي الدين سالم، الأربعاء، على وجوب تنفيذ بنود "اتفاق جدة" قبل الاتفاق على أي وقف لإطلاق النار مع "قوات الدعم السريع".
وبعد اندلاع الحرب بين الجيش و"قوات الدعم السريع" في أبريل/ نيسان 2023، توصل الطرفان لاتفاق هدنة بمدينة جدة السعودية في 11 مايو/ أيار من ذات العام، برعاية الرياض وواشنطن، تضمّن بنودا بينها الالتزام بحماية المدنيين وانسحاب "الدعم السريع" من المنشآت المدنية، وهو ما لم تلتزم به الأخيرة.
وفي مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان (شمال شرق) قال سالم: "موقفنا واضح، يجب أن يسبق تنفيذ اتفاق منبر جدة، أي اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وذلك لإثبات الجدية".
واشترط كذلك ضرورة انسحاب قوات الدعم السريع من المدن وفك الحصار عنها.
ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر "الدعم السريع" على ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية، بما فيها العاصمة الخرطوم.
ومنذ أكثر من عام، تواصل "الدعم السريع" حصارا خانقا على 3 مدن هي بابنوسة والدنلج وكادوقلي في ولايتي جنوب كردفان وغرب كردفان جنوبي البلاد، ويعيش سكانها معاناة إنسانية، وسط شح إمدادات الغذاء والدواء.
وأضاف وزير الخارجية: "على المجتمع الدولي أولا: تسمية المليشيا (قوات الدعم السريع) مجموعة إرهابية، وثانيا أن يتعاطى وفق القانون الدولي مع المرتزقة من عدة دول (لم يحددها) داخل المليشيا".
وتابع: "بعد اندلاع الحرب في أبريل 2023 ذهبنا إلى مدينة جدة السعودية وجلسنا للتفاوض وتوصلنا إلى مخرجات لكن مليشيا الدعم السريع لم تطبق هذه المخرجات، ولم يقم أحد من المحيط الإقليمي أو الدولي بإجبارها على تطبيقها".
وأردف: "لن نقبل أن تلقى مخرجات منبر جدة في سلة المهملات، ولن نقبل أن تطرح أوراق أخرى علينا أو أن يخرج من يتحدث دون مشاوراتنا (دون تسمية جهة)".
ومشددا على إعلان الحكومة السودانية مرارا استعداداها "للجلوس من أجل حل سلمي مستدام يحفظ سيادة السودان وسلامة أراضيه"، أضاف: "لا نريد أن نذهب إلى سلام ناقص يفتح المجال لحرب أخرى".
وفي سبتمبر/ أيلول 2025 طرحت الرباعية الدولية (الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات)، خطة تدعو إلى هدنة إنسانية بالسودان لمدة 3 أشهر، تمهيدا لوقف دائم للحرب، ثم عملية انتقالية جامعة خلال 9 أشهر، تقود نحو حكومة مدنية مستقلة.
ورغم مواصلة "قوات الدعم السريع" ارتكاب جرائم بحق المدنيين وتوسيع رقعة سيطرتها بولايات دارفور (غرب) وكردفان (جنوب)، أعلن قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر.
بينما تحفظ رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، على خطة الرباعية التي قدمها مسعد بولس مستشار الرئيس الأمريكي، لأنها "تلغي وجود الجيش، وتحل الأجهزة الأمنية، وتبقي المليشيا المتمردة في مناطقها" التي احتلتها.
لكن الحكومة السودانية تؤكد في الوقت ذاته أنها ترحب بالتفاوض وفقا لخريطة طريق قدمتها الخرطوم للأمم المتحدة، وتشترط في هذا الإطار انسحاب "قوات الدعم السريع" من المدن والمنشآت المدنية كافة، حتى يعود عشرات آلاف النازحين إلى مناطقهم.
وزير الخارجية السوداني أشار كذلك إلى أن حكومته "قدمت رؤيتها الإنسانية قبل كارثة (مدينة) الفاشر (غرب) في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ومجلس الأمن الدولي أصدر قرارا بشأن الفاشر (13 يونيو/ حزيران 2024)، ولكن لم يفعل المجتمع الدولي شيئا".
ولفت إلى أن "المجتمع الدولي لم يتداعى لوقف انتهاكات الدعم السريع من قتل وتعذيب".
وفي 26 أكتوبر الماضي استولت "الدعم السريع" على الفاشر التي كانت تحاصرها منذ مايو/ أيار 2024، لكن مأساة المدينة تعمقت مع تدهور الأوضاع الأمنية ونزوح عشرات الآلاف خوفا من انتهاكات جسيمة اتّهمت هذه القوات بارتكابها.
وأوضح سالم أن "الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات وأن يكون سودانيا خالصا برعاية إقليمية دولية دون التدخل في الشأن الداخلي".
وزاد: "المفاوضات على الطاولة، وليس من حق أحد أن يفرض علينا حلا لا نؤمن به أو لا يستجيب لتطلعاتنا".
وأوضح أن الحكومة السودانية "قدمت رؤيتها الإنسانية إلى الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية".
وفي مارس/ آذار الماضي، قدمت الحكومة السودانية للأمم المتحدة خارطة طريق للسلام تتضمن خطوات تهدف إلى وقف النزاع، وإعادة النازحين، واستئناف الحياة العامة، وترتيبات المرحلة الانتقالية لما بعد الحرب.
وتتفاقم المعاناة الإنسانية بالسودان جراء الحرب التي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.






