هل يتفكك “تحالف ترامب”؟

06:131/06/2025, Pazar
تحديث: 30/06/2025, Pazartesi
عبدالله مراد أوغلو

يُعدّ إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، من الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في فوز دونالد ترامب بمنصب الرئيس في انتخابات عام 2024، إذ أنفق 250 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية. من جانبه، أسّس ترامب من أجل ماسك وزارةً ذات طابع «استشاري» حملت اسم «وزارة كفاءة الحكومة». وكان ماسك يدافع عن فكرة اقتطاع «تريليوني دولار» من «الميزانية الفيدرالية» لسدّ العجز المالي، لكن هذا الهدف تقلّص لاحقًا ليصل إلى تريليون دولار فقط. ووفقًا لما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية، فإن ماسك لم يتمكّن من تحقيق سوى خفضٍ قدره 175

يُعدّ إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، من الشخصيات التي لعبت دورًا محوريًا في فوز دونالد ترامب بمنصب الرئيس في انتخابات عام 2024، إذ أنفق 250 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية. من جانبه، أسّس ترامب من أجل ماسك وزارةً ذات طابع «استشاري» حملت اسم «وزارة كفاءة الحكومة». وكان ماسك يدافع عن فكرة اقتطاع «تريليوني دولار» من «الميزانية الفيدرالية» لسدّ العجز المالي، لكن هذا الهدف تقلّص لاحقًا ليصل إلى تريليون دولار فقط. ووفقًا لما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية، فإن ماسك لم يتمكّن من تحقيق سوى خفضٍ قدره 175 مليار دولار من النفقات، بينما يرى بعض المعلقين أن الرقم الحقيقي أقلّ من ذلك بكثير.


كذلك، كان ماسك معارضًا للرسوم الجمركية الباهظة التي فُرضت على الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي والصين. وبعد أن أعرب عن خيبة أمله من مشروع الميزانية الضخم الذي أقرّه مجلس النواب الأمريكي بفارق صوتٍ واحد فقط، أعلن ماسك استقالته من رئاسة «وزارة كفاءة الحكومة».


وكان أول عائق اصطدم به ماسك هو ما يُسمّى بـ«المجمّع العسكري الصناعي». فقد أبدى ماسك انزعاجه من رفع الميزانية العسكرية إلى تريليون دولار، وأثار غضب الدوائر العسكرية بانتقاده للتقنيات العسكرية المفضّلة لدى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون». ومع ذلك، أثبت «المجمّع العسكري الصناعي» أنّ نفوذه أقوى من طموحات ماسك.


إنّ ما يُسمّى بـ«تحالف ترامب» كان يتألّف من مجموعات ومصالح متعدّدة، من بينها الطبقة الجديدة من روّاد التكنولوجيا الحديثة التي كان ماسك أبرز وجوهها. غير أنّ تضارب المصالح بين هذه الأطراف بدأ يُحدث تصدّعات داخل هذا التحالف. وكان هناك تصدّع آخر يخصّ «الجمعية الفيدرالية»، وهي منظمة قانونية محافظة تتحكّم في شبكة التعيينات القضائية الفيدرالية لدى الإدارات اليمينية.


وقد قاد هذه «الجمعية الفيدرالية» لسنوات طويلة المحافظ الكاثوليكي ليونارد ليو، الذي أدّى دورًا محوريًا في عهد ترامب الأول عبر تعيين ثلاثة قضاة كاثوليك في المحكمة العليا، وهو ما منح المحافظين أغلبية حاسمة داخل المحكمة. وبفضل هذه الأغلبية أُلغِي الحق الدستوري في الإجهاض.


ولما فرض ترامب رسومًا جمركية ثقيلة على الواردات القادمة من الصين ودول أخرى، رفعت منظمة تُدعى «التحالف الجديد للحريات المدنية» دعوى قضائية ضد ترامب نيابةً عن شركة مقرّها ولاية فلوريدا. وفي نيسان/أبريل 2025، أُحيلت هذه الدعوى وغيرها من القضايا المشابهة إلى «محكمة التجارة الدولية الأمريكية». ويُذكر أن من بين الممولين الرئيسيين لـ«التحالف الجديد للحريات المدنية» الملياردير تشارلز كوك، أحد أبرز المتبرعين للحزب الجمهوري، إضافة إلى ليونارد ليو نفسه. وتشير التقارير إلى أنّ هذه الدعوى ساهمت في توتير العلاقة بين ترامب و«الجمعية الفيدرالية» ومع ليونارد ليو تحديدًا.


وخلال الأسبوع الماضي، أصدرت «محكمة التجارة الدولية الأمريكية» التي تتكوّن من ثلاثة قضاة حكمًا يقضي بعدم أحقية ترامب في رفع الرسوم الجمركية. فقامت إدارة ترامب بالطعن في القرار، بينما أوقفت «محكمة الاستئناف» تنفيذ الحكم بشكلٍ مؤقّت.


غير أنّ أكثر ما أغضب ترامب هو أن أحد قضاة «محكمة التجارة الدولية الأمريكية» مرتبطٌ بـ«الجمعية الفيدرالية»، والأسوأ من ذلك أنّ ترامب نفسه هو من عيّنه خلال ولايته الأولى بناءً على توصية من «الجمعية الفيدرالية». ولذلك وجّه ترامب عبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي انتقادًا مباشرًا استهدف فيه «الجمعية الفيدرالية» وليونارد ليو، معترفًا بتعاونه معهما خلال تعيين القضاة في فترته الأولى.


وأشار ترامب إلى أنّ ليونارد ليو يتباهى بسيطرته على القضاة الفيدراليين وقضاة المحكمة العليا، قائلاً: «أتمنى ألّا يكون ذلك صحيحًا، ولا أعتقد أنه كذلك!». وأكّد ترامب أنّه أصيب بخيبة أمل شديدة من «الجمعية الفيدرالية» بسبب توصياتها «السيئة» بخصوص تعيينات القضاة، مضيفًا: «هذا أمر لا يجب نسيانه!».


وصف ستيفن ميلر، مستشار ترامب، قرار «محكمة التجارة الدولية الأمريكية» بأنه «انقلاب قضائي»، مؤكّدًا أنّهم «لن يلجأوا مجددًا إلى الجمعية الفيدرالية عند تعيين القضاة». وعندما يُحال ملف الرسوم الجمركية إلى «المحكمة العليا»، سيكون نفوذ ليونارد ليو على المحكّ.


وفي سياقٍ متّصل، كان رجل الأعمال اليهودي بارّي سيد قد تبرّع في عام 2022 بمبلغ 1.6 مليار دولار إلى صندوق «صندوق الحرية الرخامية» الذي أسّسه ليونارد ليو. ونشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» تقريرًا بعنوان: «مانح سرّي مؤيد لإسرائيل يتبرّع بمليار وستمائة مليون دولار لمنظمة مجتمع مدني محافظة». وأشار التقرير إلى أنّ تبرّع سيد ساهم بدرجة كبيرة في تعزيز الأغلبية المحافظة داخل المحكمة العليا الأمريكية.


وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية، فإنّ بارّي سيد، الذي يُوصف بأنه «يميني ليبرتاري»، استخدم ثروته الشخصية منذ الثمانينيات لتمويل العديد من القضايا المحافظة والليبرتارية، بما في ذلك مراكز الأبحاث الفكرية المحافظة ومعاهد الاقتصاد النيوليبرالي. ومن هنا يتّضح السبب في أنّ «التحالف الجديد للحريات المدنية» شنّ حربًا قانونية ضد الرسوم الجمركية.

#تحالف ترامب
#ماسك
#ترامب
#محكمة التجارة الدولية الأمريكية