إعادة تعريف إسرائيل

08:223/07/2025, Perşembe
تحديث: 3/07/2025, Perşembe
سلجوك توركيلماز

لقد أثارت المقابلة التي أجراها السفير الأمريكي لدى أنقرة، توم باراك، مع وكالة الأناضول في "خان قيزلار أغاسي" التاريخي بإزمير، صدى واسعًا في وسائل الإعلام لدينا لأسباب وجيهة. ورغم أنّ المقابلة لم توضّح سبب اختيار هذا المكان تحديدًا، فإن هذا الخان التاريخي يثير العديد من الارتباطات والدلالات الرمزية. فإزمير تُعدّ إحدى المحطات الأخيرة على طريق الحرير التاريخي. ورغم أن الخان الذي أُجريت فيه المقابلة بُنِي في فترة لاحقة، إلا أنّ اختياره يُبرز العمق التاريخي للمدينة باتجاه آسيا. كما أن إزمير مدينة ساحلية،

لقد أثارت المقابلة التي أجراها السفير الأمريكي لدى أنقرة، توم باراك، مع وكالة الأناضول في "خان قيزلار أغاسي" التاريخي بإزمير، صدى واسعًا في وسائل الإعلام لدينا لأسباب وجيهة. ورغم أنّ المقابلة لم توضّح سبب اختيار هذا المكان تحديدًا، فإن هذا الخان التاريخي يثير العديد من الارتباطات والدلالات الرمزية. فإزمير تُعدّ إحدى المحطات الأخيرة على طريق الحرير التاريخي. ورغم أن الخان الذي أُجريت فيه المقابلة بُنِي في فترة لاحقة، إلا أنّ اختياره يُبرز العمق التاريخي للمدينة باتجاه آسيا. كما أن إزمير مدينة ساحلية، ما يمنحها طابع البداية والانطلاق. ومثل غالبية سكان إزمير، أرتاد هذا الخان منذ ترميمه عام 1993.

وفي هذه المقابلة، لفتت انتباهي بعض العبارات التي أدلى بها باراك، أودّ أن أنقلها كما وردت: "ثمة فوضى مستمرة منذ قرون، وهذه الفوضى، من صنع الغرب إلى حد كبير، لقد نشأت نتيجة التدخلات الغربية المتواصلة. وبالنسبة لي، فإن إزمير تُمثل نموذجًا للعيش المشترك بين اليهود والمسلمين والمسيحيين، حيث تتداخل هذه المكوّنات وتشكل نسيجًا واحدًا. وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال في جميع أنحاء العالم وفي الشرق الأوسط. وأعتقد أن تركيا قادرة على أن تكون المحور الرئيسي لكل هذا، كما ترون في سوريا. فالكثير مما يجري هناك يتحقق بفضل تركيا وقيادتها."

ومن أبرز ما ورد في المقابلة عبارة :"إعادة تعريف إسرائيل". ففي معرض حديثه عن الصراع بين إيران وإسرائيل قال باراك: "إسرائيل بحاجة إلى إعادة تعريف نفسها. وهي الآن في طور إعادة التعريف. وما حدث بين إسرائيل وإيران هو فرصة لنا جميعًا لنقول: "لقد انتهى الوقت، فنفتح طريقًا جديدًا. ومفتاح هذا الطريق هو تركيا".

وعن ملف غزة، عبّر باراك عن تفاؤله بقوله: "أعتقد أن هذه القضية ستُحل. وأننا سنشهد وقف إطلاق نار في غزة قريبًا. نملك الفريق المناسب لذلك. وبعد تحقيق وقف إطلاق النار، ستُحرز تقدمات بخطوات صغيرة، أولها نحو عدم الصراع مع إسرائيل."

ورغم أنه لم يوضح آلية التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، فقد علّق على المشاكل القائمة بين إسرائيل وسوريا ولبنان، قائلًا:

"ما يجري هو نتيجة سوء فهم بشأن المطالب الإقليمية. لذا آمل أن يتم إجراء نقاش وحوار بين سوريا وإسرائيل. وكذلك بين لبنان وإسرائيل."

حاولتُ أن أجمع أبرز المقتطفات من حديث السفير الأمريكي في أنقرة، توم باراك، بشكل يُفضي إلى صورة متكاملة. وسبق للخبير الاقتصادي الأمريكي جيفري ساكس الذي أثارت تصريحاته السابقة بشأن سوريا جدلاً واسعًا، أن أكد أن الفوضى المستمرة في الشرق الأوسط منذ قرون هي من صنع الغرب إلى حد كبير. وفيما يخص الحل يشير باراك كما فعل في حديثه عن إزمير إلى نموذجٍ يمكن فيه "لليهود والمسلمين والمسيحيين" أن يعيشوا معًا، ولكن حتى نفهم هذا الطرح، علينا التوقف عند مسألة أخرى، وهي ما ركّزت عليه وكالة الأناضول حين نقلت عنه قوله: "إسرائيل بحاجة إلى إعادة تعريف نفسها".

وكما هو معروف، فقد قُدّمت إسرائيل من قِبل الصهاينة بعد الحرب العالمية الثانية كقضية دينية. لكن ثيودور هرتزل، أحد أهم ممثلي الأيديولوجية الصهيونية، كان يتخيل إسرائيل كمستعمرة أوروبية. ففي روايته الطوباوية "الأرض القديمة الجديدة"، تظهر إسرائيل كمستعمرة ألمانية. ولكن بعد تأسيس إسرائيل، تم فصل هذه المستعمرة الجديدة عن سياقها التاريخي وعرضها كقضية دينية. وفي المرحلة الجديدة التي بدأت بغزو العراق عام 1991، طُرحت نظرية صدام الحضارات القائمة على الدين بشكل واسع. خلال هذه الحقبة عمدت الولايات المتحدة وبريطانيا إلى زعزعة العالم الإسلامي برمّته. وهذا بالتحديد ما يقصده باراك عندما يتحدث عن "التدخلات الخارجية". والمؤسف أن الأوساط المتديّنة والمحافظة والقومية لم تتوقف لتفكر بعمق في جوهر مفهوم التدخل الخارجي، واستسلمت لخطاب سلبي يدعو إلى تحميل أنفسنا المسؤولية والخطأ. وهكذا، نجحت الإستراتيجية الإمبريالية الصهيونية في ترسيخ إسرائيل كقضية دينية في الوعي العام. بينما في الحقيقة، كانت إسرائيل في حد ذاتها مثالاً على ماهية التدخل الخارجي. وها هو باراك يتطرق إلى هذه النقطة بالتحديد ويقول إن إسرائيل ليست قضية دينية. ووفقًا له، فإن المشكلة الأساسية هي الأرض. وهذا يستدعي منا إعادة التفكير في مفهوم المستعمرة. لقد كانت إسرائيل مشروعًا استيطانيًا، وقد رأت حدودها. لكنها تحتاج الآن إلى تعريف جديد لأن أهل غزة هم من أظهروا لإسرائيل هذه الحدود. وقد رأت الولايات المتحدة ذلك أيضًا. ولكن لا يمكن قول الشيء نفسه عن بريطانيا.

لقد سطر الفلسطينيون ملحمة المقاومة بدمائهم الطاهرة. وحتى لو كان جميع اليهود في إسرائيل صهاينة، فإن حقيقة أن الفلسطينيين يكافحون ضد الإمبريالية والاستعمار لن تتغير.


#إعادة تعريف إسرائيل
#توم باراك
#غزة
#إيران
#الشرق الأوسط
#تركيا
#سوريا
#الصهاينة
#الغرب