إسرائيل.. الابنة المدللة لبريطانيا

08:3215/09/2025, Pazartesi
تحديث: 15/09/2025, Pazartesi
سلجوك توركيلماز

عقب الهجوم على وفد التفاوض لحركة حماس في قطر، توجّه رئيس دولة الاحتلال هرتسوغ إلى المملكة المتحدة. وقد مثّل استقبال حكومة حزب العمال البريطاني له في الوقت نفسه موقف لندن من الإبادة الجماعية المستمرة منذ عامين. ولكن ما يستحق التوقف عنده هو اختيار هيرتسوغ لبريطانيا تحديدًا بعد الهجوم على قطر. فقد دار اللقاء مع هرتسوغ دون أي إخفاء أو ضجة إعلامية، وبهذا، أوضحت بريطانيا أنها ستقف دائمًا إلى جانب إسرائيل، مهما حدث. ومهما فعلت إسرائيل، ستبقى بريطانيا إلى جانبها. ولا ينبغي النظر إلى دعم حزب العمال الإسرائيلي

عقب الهجوم على وفد التفاوض لحركة حماس في قطر، توجّه رئيس دولة الاحتلال هرتسوغ إلى المملكة المتحدة. وقد مثّل استقبال حكومة حزب العمال البريطاني له في الوقت نفسه موقف لندن من الإبادة الجماعية المستمرة منذ عامين. ولكن ما يستحق التوقف عنده هو اختيار هيرتسوغ لبريطانيا تحديدًا بعد الهجوم على قطر. فقد دار اللقاء مع هرتسوغ دون أي إخفاء أو ضجة إعلامية، وبهذا، أوضحت بريطانيا أنها ستقف دائمًا إلى جانب إسرائيل، مهما حدث. ومهما فعلت إسرائيل، ستبقى بريطانيا إلى جانبها.

ولا ينبغي النظر إلى دعم حزب العمال الإسرائيلي على أنه مجرد موقف هامشي لزعيم حزب عادي. فرغم عدم التركيز عليه كثيراً، إلا أن بريطانيا على غرار ألمانيا، تقف إلى جانب إسرائيل كخيار استراتيجي للدولة، وهو ما ينسجم مع ما يُعرف بالعقل العميق للدولة، الذي من المرجح أنه يشمل العائلة الملكية البريطانية. والحكومة الحالية لحزب العمال تتبع سياسات متوافقة مع الملكية البريطانية. والمفاجئ حقاً هو ندرة التغطية الإعلامية في بلادنا للارتباط الوثيق بين بريطانيا وإسرائيل، فالكثير من تصرفات بريطانيا النشطة قوبلت بصمت مطبق. وهذا أمر صادم حقًا، فرغم كونها في قلب العمليات المرتبطة بجرائم الإبادة الجماعية، يُواصل البعض توجيه الاتهام لتركيا، وهو موقف مثير للاهتمام ويتطلب تفسيرًا.

ويجب تفسير زيارة هرتسوغ لبريطانيا فور الهجوم على قطر دون اللجوء إلى نظريات المؤامرة؛ فقد وقّعت قطر اتفاقية استثمار ضخمة مع الولايات المتحدة، كما فعل ترامب مع السعودية والإمارات. ويعتقد معظم الناس في تركيا أن إسرائيل سيطرت على الولايات المتحدة وتتحكم فيها. وتُقال عبارات مماثلة عن ألمانيا وبريطانيا. و في الحقيقة إن شعور أوروبا بالذنب تجاه الهولوكوست وديونها التاريخية لليهود يُضفي عمقًا على الأفكار المتعلقة باليهود وإسرائيل، لكن تجارب الواقع أثبتت أن هذه المبررات مضللة.

لقد أرادت بريطانيا ذلك، فهاجمت إسرائيل ممثلي حماس في قطر، ومن المعروف أن بريطانيا قدمت الدعم الجوي لإسرائيل في هذه العملية. ولا حاجة للمزيد من الشرح لفهم ما حدث. هناك توتر غير معتاد بين بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة يتصاعد تدريجيًا، وإسرائيل تعمل حاليًا نيابةً عن بريطانيا. ومن الأهمية بمكان ملاحظة محاولة نتنياهو واليهود الصهاينة المستمرة لتبرئة ألمانيا من مسؤولية الهولوكوست. إذ يسعى نتنياهو والصهاينة لتحميل الحاج أمين الحسيني مسؤولية الإبادة الجماعية بحق اليهود ، ليبرئوا هتلر، حيث يُستغل الحاج أمين كورقة في هذا السياق. إسرائيل تتنقل بوضوح بين ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهو ما يعكس قضية أوسع تمس اليهود.

ولا تتردد بريطانيا في استضافة جميع المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الإبادة الجماعية. ومن الخطأ اعتبار ذلك مجرد تعبير عن الدعم. فقد كان رئيس الأركان الإسرائيلي المتقاعد، هرتسل هاليفي، أحد هؤلاء. واعترفت بريطانيا أيضًا بأنها منحت قائد سلاح الجو الإسرائيلي، تومر بار، حصانة خاصة لزيارة بريطانيا. ويُعرف بار بأنه القائد المسؤول عن الهجمات الجوية التي سوت غزة بالأرض، وتسببت في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. وقد منحه البريطانيون شهادة مهمة خاصة، حَمَته من الاعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ومن المعروف أن بريطانيا تحمي أيضًا مسؤولين إسرائيليين آخرين متهمين بارتكاب جرائم حرب. وتتحدى بريطانيا، بصمت وإصرار، جميع الدول والشعوب التي تقف ضد إسرائيل. بل وتصنف جميع الأنشطة الرامية إلى وقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية على أنها "إرهاب". هذه الصورة تتناقض تمامًا مع تصور المثقف التركي عن الغرب، وربما لهذا السبب يجد البعض صعوبة في استيعاب الأحداث.

أصبح من الضروري الاعتراف بوجوب قراءة تاريخ أوروبا في سياق مختلف. وعلينا إعادة تقييم تاريخ أوروبا الاستعماري في إطار جديد، ليس مجرد استعمار، بل مسألة أعمق تتعلق بالعقول المستعمَرة. وعند الحديث عن التاريخ الاستعماري للمملكة المتحدة، يظهر لنا المثال الأقرب وهو إسرائيل. فإسرائيل لم تكن مستعمرة بريطانية بالمعنى التقليدي، بل كانت مستعمرتها في شرق البحر المتوسط، وتشبه في ذلك شركة الهند الشرقية في سماتها الكاملة، حيث تُعد المملكة المتحدة بمثابة الأم والأب لإسرائيل، ينبغي فهم الإبادة الجماعية الإسرائيلية في ضوء هذا السياق.


#إسرائيل
#بريطانيا
#الاستعار
#الغرب
#فلسطين
#غزة
#الإيادة الجماعية