محمود ممداني.. "المسلم الصالح والمسلم السيئ"

08:426/11/2025, الخميس
تحديث: 6/11/2025, الخميس
سلجوك توركيلماز

بفضل صديقي الشاب محمود من بنغلاديش، الذي يدرس في إزمير، تعرّفت على أحد الأكاديميين البارزين وهو محمود ممداني. وبما أن صديقنا البنغلاديشي على اطلاع بمجال تخصصي، فقد نصحني بضرورة قراءة أعمال محمود ممداني. وبعد بحثٍ موجز، علمت أن كتابه بعنوان"المسلم الصالح والمسلم السيئ" قد تُرجم إلى لغتنا. والعنوان الفرعي للكتاب هو: "أمريكا، الحرب الباردة وجذور الإرهاب". صدر الكتاب المترجم بقلم سيفينش آلتن تشيكي عن دار "1001 كتاب" ونُشر عام 2005. واليوم، لست بصدد الحديث عن هذا الكتاب بالتفصيل، بل سأكتفي بسرد عناوين

بفضل صديقي الشاب محمود من بنغلاديش، الذي يدرس في إزمير، تعرّفت على أحد الأكاديميين البارزين وهو محمود ممداني. وبما أن صديقنا البنغلاديشي على اطلاع بمجال تخصصي، فقد نصحني بضرورة قراءة أعمال محمود ممداني. وبعد بحثٍ موجز، علمت أن كتابه بعنوان"المسلم الصالح والمسلم السيئ" قد تُرجم إلى لغتنا. والعنوان الفرعي للكتاب هو: "أمريكا، الحرب الباردة وجذور الإرهاب". صدر الكتاب المترجم بقلم سيفينش آلتن تشيكي عن دار "1001 كتاب" ونُشر عام 2005.

واليوم، لست بصدد الحديث عن هذا الكتاب بالتفصيل، بل سأكتفي بسرد عناوين فصوله: "الحداثة والعنف"، " النقاش الثقاف أو كيف لا نناقش الإسلام والسياسة"، "الحرب الباردة بعد الهند الصينية"، "أفغانستان: اللحظة الحاسمة في الحرب الباردة"، "من الحرب بالوكالة إلى العدوان الصريح"، وأخيرًا "ما وراء الإفلات من العقاب والعقاب الجماعي".

كان صديقنا البنغلاديشي، رغم صغر سنه، مفكرًا نابهًا. في ذلك الوقت، اعتقدت أنه تعرف على محمود ممداني بفضل فضوله الفكري. وربما لأنه بنغلاديشي، اكتشف كاتباً من أصل هندي. اشتهر محمود ممداني بدراساته الأفريقية. لم تسنح لي الفرصة لسؤال محمود البنغلاديشي، لكن المواضيع التي يتناولها ممداني لا يمكن فهمها إلا من خلال اهتمام فكري عميق. كما أن كتابه المعنون "لا مستوطن ولا أصلي.. صناعة وتفكيك الأقليات الدائمة" يستحق اهتماماً خاصاً. ويتضح من عنوان هذا الكتاب أنه يركز أيضاً على الأقليات كمجموعة مختلفة عن ثنائية الأصيل والمستوطن التي نشأت نتيجة للمواجهة الاستعمارية. وبعد بحث قصير على الإنترنت، عثرت على مقابلة لمحمود ممداني في موقع "ميدل إيست مونيتور" بعنوان: "التطهير العرقي، والعنصرية، وبناء الدولة القومية". تحدث ممداني فيها عن العدوان الاستعماري الإسرائيلي الذي أثار أرعب العالم كله في العامين الماضيين. ويمكن العثور بسهولة على مقالات الكاتب المنشورة عبر الإنترنت.

لا أذكر أنني تحدثت مع صديقي البنغلاديشي محمود عن زهران ممداني، ولأكون صريحًا، لم أنتبه إلى الصلة العائلية بين الممدانيين إلا لاحقاً. فقد تبيّن لي أن زهران ممداني، الذي ذاع صيته اليوم في مختلف أنحاء العالم، هو نجل محمود ممداني، مؤلف كتاب "المسلم الصالح والمسلم السيئ". أرى أن هذه تفصيلة مهمة. ويبدو لي أن زهران ممداني، الذي انتُخب مؤخرًا عمدةً لمدينة نيويورك، شخصية يصعب تفسير صعودها ضمن الأطر التقليدية. أثناء كتابتي لهذه الجملة تذكرتُ فترة انتخاب أوباما. فرغم نجاحهم لفترة وجيزة في خلق تعاطف بفضل اسم "حسين"، فإن سياساته لم تنحرف قيد أنملة عن سياسات المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، بل اكتسب الصهاينة مواقع أقوى بكثير. أما زهران ممداني، فقد برز في هذا السياق بالتحديد بوصفه سياسيًا اصطدم مباشرة باللوبيات الصهيونية في الولايات المتحدة.

هناك أسباب دفعتني للحديث عن والد زهران ممداني. صحيح أن الهوية المسلمة للعائلة ملفتة للنظر، لكن الموضوعات البارزة في خطابات زهران ممداني خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه مباشرة، تشير إلى أن أهمية شخصيته تتجاوز هذا الإطار. يمكنني القول إن هناك توازياً بين القضايا التي اهتم بها والده وتلك التي يوليها زهران الأولوية. وربما يفسر هذا إلى حد ما كيف تم انتخاب زهران ممداني عمدة لنيويورك.

وانطلاقاً من هذا، أود التأكيد أنني أرى في انتخاب زهران ممداني انعكاساً لصراع داخلي في الولايات المتحدة، أكثر من كونه مجرد أداة تسويقية أمريكية في السياسة العالمية. فقد طورت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إسرائيل كمشروع استعماري، وأقامتا دولة مستعمرة جديدة في قلب العالم الإسلام. لكنهم يعجزون عن دفع هذا المشروع إلى الأمام. فمقاومة فلسطين، رغم الدمار الهائل، أوقفت التوسع الأنجلو صهيوني عند حد ما. ومنذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، دخلت بريطانيا والولايات المتحدة مرحلة جديدة من التمدد الاستعماري في العالم الإسلامي. صحيح أن اليهود الصهاينة كانوا في طليعة هذه الحملة، لكن المسؤولية المباشرة عن جرائم السلب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية والنفي تقع على عاتق الأنجلوساكسونيين أي بريطانيا والولايات المتحدة. واليوم، يمكن القول إن بريطانيا تحاول الاستمرار في النهج نفسه عبر ما يجري في غزة، والدليل على ذلك هو الدور البغيض الذي تلعبه الأسلحة البريطانية في مأساة السودان. أما في الولايات المتحدة، فإن التوتر الناجم عن التواطؤ مع الجرائم الإسرائيلية أشد وضوحاً، وردود الفعل الغاضبة من اللوبيات الصهيونية على انتخاب ممداني تدل على ذلك بوضوح.

#محمود ممداني
#زهران ممداني
#أمريكا
#اللوبي الصهيوني
#عمدة نيويورك