أعرب خبراء أمريكيون عن تفاؤلهم بتحسن علاقات بلادهم مع تركيا، بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بالانتخابات الرئاسية، ليعود مجددا إلى سدة البيت الأبيض بعد فترة ولايته الأولى التي استمرت بين عامي 2017 و2021.
وشهدت فترة رئاسة ترامب السابقة علاقات متذبذبة بين تركيا والولايات المتحدة، حيث احتفظ بعلاقة جيدة مع الرئيس رجب طيب أردوغان، بينما واجهت العلاقة بين البلدين تحديات كبيرة بسبب البيروقراطية الأمريكية.
وأبرز تلك التحديات دعم الولايات المتحدة لتنظيم "واي بي جي/ بي كي كي" الإرهابي في سوريا، بذريعة مكافحة تنظيم "داعش" الإرهابي.
ورغم أن ترامب أراد سحب القوات الأمريكية من سوريا، إلا أن البنتاغون (وزارة الدفاع) والقيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) عارضا ذلك.
والتقى ترامب بأردوغان، مرات عديدة في محافل مختلفة، من بينها لقاء جمعهما في اليابان عام 2019، أكد ترامب فيه أن العلاقات التركية الأمريكية تشهد تطورا باستمرار، وأنهم يهدفون إلى زيادة التجارة بين البلدين 4 أضعاف.
**تفاؤل كبير
في هذا السياق، يقول السفير الأمريكي السابق لدى أنقرة جيمس جيفري، للأناضول إنه "متفائل جدا" بشأن مستقبل العلاقات الثنائية بين واشنطن وأنقرة في ولاية ترامب الثانية.
ويوضح جيفري، وهو مبعوث الولايات المتحدة السابق إلى سوريا، أن العلاقات تقدمت في السنوات القليلة الماضية، وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق كامل بين الطرفين، إلا أن هناك "تفاهما مشتركا" بشأن سوريا.
ويشير إلى أن ترامب، قرر سحب القوات الأمريكية من سوريا عام 2018، إلا أن البنتاغون و"سنتكوم" عارضا ذلك، وهو ما حال دون ذلك.
وبشأن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير/ شباط 2022، يشير الخبير الأمريكي إلى" جهود إحلال السلام لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وترامب قد يدعم تركيا لمواصلة مفاوضات السلام، مع الأخذ في الاعتبار التعاون الفعال بين البلدين في سياق أوكرانيا".
ومشيدا بالدور التركي في هذه المسألة، يقول جيفري: "كانت تركيا الدولة الرائدة التي تمكنت من الجمع بين الأوكرانيين والروس".
وبعد أقل من شهر على اندلاع الحرب بين موسكو وكييف، تمكنت تركيا التي تلعب دور الوسيط، من جمع وزيري خارجية البلدين سيرغي لافروف، ودميترو كوليبا، برعاية نظيرهما التركي حينها مولود تشاووش أوغلو، وذلك في مدينة أنطاليا التركية، في 7 مارس/ آذار من العام نفسه.
الدبلوماسي الأمريكي يرى أن العلاقة بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان جيدة، ويقول بشأن ذلك إن "الرئيس ترامب الذي أعرفه جيدا، يثق بأردوغان ويحبه، ومن المحتمل أن يولِّي وجهه نحو أنقرة".
وفيما يتعلق بعقوبات بلاده على تركيا، يعتقد جيفري، بوجود "عقبات فنية أمام إلغاء العقوبات على تركيا ضمن قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (كاتسا)، وترامب سيبادر لإلغاء العقوبات".
يُذكر أن الولايات المتحدة بدأت بفرض عقوبات على تركيا في أواخر فترة رئاسة ترامب في إطار قانون "كاتسا" الذي تم إقراره في 2017، وذلك على خلفية تأمين تركيا أنظمة دفاع جوي من روسيا، إثر رفض إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بيع مثل هذه الأنظمة لأنقرة.
**ترامب لن يضغط على إسرائيل
وفي ذات السياق، يرى السفير الأمريكي السابق لدى دمشق روبرت فورد، أن "سوريا عامل يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على العلاقات التركية الأمريكية".
ويضيف في هذا الصدد: "سأفاجَأ كثيرا إذا استمرت إدارة ترامب الجديدة في إبقاء القوات الأمريكية شرقي سوريا، وحافظت على علاقاتها مع قوات سوريا الديمقراطية بقيادة أعضاء واي بي جي (الإرهابي)".
ومبرزا تبريرات أمريكية حول ذلك التواجد، يقول فورد، إن "مجموعة داخل الحزب الجمهوري تؤيد وجود جنود أمريكيين في سوريا لمواجهة النفوذ الإيراني".
وشدد على أن "الذين يتناولون الموضوع بواقعية، ينظرون بإيجابية إلى تقليص النفوذ العسكري للولايات المتحدة" في سوريا.
وبشأن مستقبل العلاقات الأمريكية التركية، يرجح الدبلوماسي السابق بدء "محادثات أمريكية تركية أكثر فائدة في عهد ترامب، حول كيفية التحرك نحو مفاوضات بشأن حل الحرب في أوكرانيا".
وعن الإبادة الإسرائيلية في غزة، يعتقد فورد، أن إدارة ترامب، لن تمارس ضغوطا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مرحلة مبكرة من أجل وقف الحرب.
ويعتبر أن "الحرب (الإبادة الإسرائيلية) في غزة ستنتهي عندما يكون الإسرائيليون مستعدين لإنهائها".
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 147 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وبموازاة حرب الإبادة في غزة، وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته، كما صعّد المستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر إجمالا عن 781 قتيلا، ونحو 6 آلاف و300 جريح، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
وفي إطار ثقته بتحسن العلاقات، يقول كبير الباحثين في معهد هدسون الأمريكي لوك كوفي، للأناضول، إن كل إدارة أمريكية جديدة توفر فرصة لإعادة ضبط العلاقات مع الحلفاء.
و"ستكون فرصة للعلاقات الثنائية، لأن كلا الرئيسين أثبتا أنهما يمكن أن يكونا عمَليَّين، ويضعا القضايا الوطنية قبل أي خلافات شخصية"، وفق كوفي الذي يشدد أيضا على أن "الوقت حان لإنهاء هذه العلاقة مع تنظيم (واي بي جي) الإرهابي، وإصلاح علاقاتنا مع حليفتنا في (حلف شمال الأطلسي) الناتو تركيا".
ويختم كوفي، حديثه بالقول إن "تركيا الدولة الوحيدة التي تثق بها كل من أوكرانيا وروسيا، وإذا أراد الرئيس ترامب التوصل إلى نوع من الاتفاق بين أوكرانيا وروسيا، فلا بد أن تؤدي تركيا دورا في هذه القضية".
وبعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، هنأ أردوغان ترامب، وقال في منشور عبر منصة "إكس": "أهنئ صديقي دونالد ترامب الذي فاز بالانتخابات الرئاسية، وانتخب مرة أخرى رئيسا للولايات المتحدة، وآمل في هذه الفترة الجديدة أن تتعزز العلاقات التركية الأمريكية، وأن تنتهي الأزمات والحروب الإقليمية والعالمية، وخاصة القضية الفلسطينية والحرب الروسية الأوكرانية، وأعتقد أنه سيتم بذل المزيد من الجهود من أجل عالم أكثر عدلا".
ثم أجرى أردوغان اتصالا هاتفيا بترامب، أعرب فيه عن رغبته في تطوير التعاون بين تركيا والولايات المتحدة في الفترة الجديدة، ومن المقرر أن يؤدي ترامب اليمين الدستورية في 20 يناير/ كانون الثاني 2025 ليبدأ رسميًا مهامه الرئاسية.