
الرئيس التركي: - كل جهد يخفف من معاناة المظلومين في غزة هو ثمين بالنسبة لنا - سنكثّف مساعداتنا قبل حلول الشتاء وسنواصل دعم المظلومين في غزة - سندعم إعلان النوايا بقمة السلام في شرم الشيخ حتى النهاية
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا تتحول يوما بعد يوم إلى لاعب لا غنى عنه بموقفها النشط في السياسة الخارجية والمؤيد للسلام والحوار والعدالة.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده، الأربعاء، عقب اجتماع للحكومة في المجمع الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة.
وأعرب الرئيس أردوغان، عن اعتزازه حيال ازدياد بريق نجم تركيا وثقلها المتزايد في السياسة العالمية وارتقاء مكانتها إلى مستوى يليق بشعبها العزيز.
وشدد على أن "تركيا تتحول يوما بعد يوم إلى لاعب لا غنى عنه بموقفها النشط في سياستها الخارجية والمؤيد للسلام والحوار والعدالة".
وقال: "أصبحنا اليوم بلدا لا يتبع الغرب في حل الصراعات على وجه الخصوص، بل بلد يتبعه الغرب، ويقتدي به، ويراقبه بإعجاب".
وأشار أردوغان، إلى أن تركيا لم تحِد عن موقفها طوال 13 عاما ونصف من النزاع في سوريا، ولم تترك المظلومين السوريين تحت رحمة الظالمين والتنظيمات الإرهابية.
وتابع: "بينما كانت الدول الغربية التي تُغدق عليها المعارضة الرئيسية المديح تتوارى خلف الأسلاك الشائكة حتى لا تستقبل اللاجئين، احتضنا أشقاءنا السوريين بسياسة عدم الإعادة".
وأردف: "رغم كل من حاول استهداف المظلومين السوريين من أجل بضعة أصوات انتخابية، حافظنا نحن على موقفنا الوجداني حتى النهاية، مخاطرين بدفع التكلفة السياسية في أصعب الأوقات".
وقال أردوغان: "الحمد لله، في النهاية كنا نحن من وقف في الجانب الصحيح من التاريخ، وقد أثبت الزمن صحة موقفنا، لا موقف أولئك العنصريين الحثالة، ولا الباحثين عن الأصوات، ولا أعداء اللاجئين".
كما لفت إلى أن الشعب التركي اجتاز بنجاح اختبار الأخوة والجيرة في هذا الصدد.
وأضاف أردوغان: "علاقاتنا مع جارتنا سوريا تتعزز اليوم في كل المجالات، وإننا ننظر إلى بعضنا البعض اليوم لا بخجل، بل بابتسامة".
وأكد أنه "كلما ترسخ الاستقرار في سوريا سيكون كل شيء أفضل بكثير إن شاء الله".
من جهة أخرى، أشار أردوغان، إلى أن تركيا وقفت أيضا منذ اليوم الأول في صف الحق وأصحابه والعدالة بشأن أحداث غزة.
وقال: "لم نوجّه أبداً تهمة الإرهاب إلى أبناء غزة الذين يدافعون عن وطنهم، ولم نشوّه صورة المقاومة الفلسطينية لإرضاء أحد".
وأضاف: "كل ما نؤمن به وما نشعر به في قلوبنا، عبّرنا عنه بكل شجاعة دون التواء أو خوف من أحد".
ولفت الرئيس أردوغان، إلى أن تركيا وقفت إلى جانب الفلسطينيين في غزة أيضا من خلال نحو 102 ألف طن من المساعدات الإنسانية.
وذكر أن حكومته دافعت عن غزة والقضية الفلسطينية بلا خوف في جميع الاجتماعات والمنصات الدولية، وأثناء قيامها بكل ذلك، لم تهمل أبدا العمل من أجل تحقيق وقف إطلاق النار في القطاع.
وجدد أردوغان ترحيبه باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بشأن غزة، مشيدا بالجهود الدبلوماسية الحثيثة التي بذلتها تركيا عبر قنوات متعددة في هذا الصدد.
وأوضح أن جواً من الأمان، وإن كان هشا، قد تشكل في غزة بعد عامين من الظلم والوحشية والإبادة الجماعية.
وشدد على أن أزهار البسمة فتحت لأول مرة في وجوه الأطفال الفلسطينيين الذين ظلوا طوال عامين يكافحون للبقاء على قيد الحياة تحت القنابل في غزة.
وأضاف: "أشقاؤنا في غزة يعودون أفواجاً إلى الأماكن التي أُجبروا على مغادرتها، ويحاول الناس أن يتمسكوا بأي قطعة من المتاع بين الركام ليبدؤوا حياتهم من جديد".
وتابع: "هذه سعادة لا يمكننا أن نفهمها نحن بشكل تام، بل يمكننا فقط أن نشاهدها ونتخيلها".
وأكد أردوغان أن الشعب الفلسطيني المضطهد في غزة هو وحده من يعرف حقا ما يحدث في القطاع.
وذكر أن الأطفال الأبرياء يدركون أكثر من غيرهم حجم المعاناة التي عاشوها خلال عامين من الألم، وأن وجع دفن 68 ألف شهيد لا يشعر به سوى آباء وأمهات مفجوعون بحرقة الفقد.
وأردف: "معنى قطعة متاع تُستخرج من تحت الأنقاض لا يعرفها سوى أشقاؤنا الذين فقدوا كل ما لديهم".
وقال: "كل جهد يُخفف من معاناة المظلومين في غزة له قيمة كبيرة بالنسبة إلينا".
وبيّن الرئيس التركي أنه ليس من حق أحد أن يخرج ليُقلل من شأن الاتفاق بالقول إنه مجرد وقف لإطلاق النار.
وأضاف: "نحن، مثل غيرنا، ندرك تماماً سجلّ إسرائيل السيء في عدم الوفاء بوعودها. وحركة المقاومة الفلسطينية حماس وأشقاؤنا في غزة يدركون هذه الحقيقة أكثر منا جميعا. ومع ذلك، فهم متفائلون، ويريدون أن يتمسكوا بالأمل".
وتابع: "نحن بدورنا نواصل تفعيل كل أدوات الضغط المتاحة لمنع العودة إلى تلك الأيام السابقة للإبادة الجماعية من جديد".
وأشار أردوغان، إلى أن القمة التي انعقدت في مدينة شرم الشيخ المصرية، الاثنين، كانت مهمة من هذه الناحية.
وقال: "أظهرنا معا هناك إرادة واضحة جدا بصفتنا قادة الدول الموقعة وكذلك قادة الدول الأخرى. وبإعلان شرم الشيخ، خطونا خطوة قيّمة على طريق تحقيق السلام الدائم والاستقرار في منطقتنا".
وأضاف: "سنظل داعمين للإرادة الواردة في الإعلان حتى النهاية. وواثق من أن الولايات المتحدة ومصر وقطر ستظهر موقفا مماثلا أيضا".
وشدد أردوغان، على أن تركيا ستتابع عن كثب تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد أنه تم الانتقال حاليا إلى مرحلة جديدة في القطاع مع تبادل الرهائن والمحكومين، مشيرا إلى تسارع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
كما لفت أردوغان، إلى دخول ما يقارب 350 شاحنة مساعدات تركية إلى غزة رغم كل العراقيل، بينما أكثر من 400 شاحنة تنتظر الدخول.
وأوضح أن تركيا أرسلت من ميناء ولاية مرسين (جنوب) السفينة الـ17 من "سفن الخير"، محمّلة بـ900 طن من المساعدات إلى غزة.
وذكر الرئيس التركي أن هذه المساعدات ستتواصل في الأيام المقبلة.
وأضاف: "سنكثّف مساعداتنا الإنسانية قبل حلول الشتاء وسنواصل دعم غزة والمظلومين فيها بلا بهرجة".
وشدّد أردوغان، على أن هذا النضال لن يتوقف حتى تتأسس دولة فلسطين مستقلة على أساس حدود 1967.
وتصاعد الدعم الشعبي والرسمي في تركيا للقضية الفلسطينية، خاصة بعد حرب الإبادة الجماعية الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأسفرت عن دمار واسع وأزمة إنسانية غير مسبوقة.