
أعمال الدورة الـ51 لاجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي تنطلق في مدينة إسطنبول تحت شعار "منظمة التعاون الإسلامي في عالم متحوّل". وتعود جذور تأسيس المنظمة إلى ردود الفعل التي شهدها العالم الإسلامي عقب إحراق المسجد الأقصى عام 1969، ومنذ ذلك الحين تواصل المنظمة نشاطها في دعم قضايا الأمة الإسلامية. تمثل منظمة التعاون الإسلامي جغرافيا شاسعة يعيش فيها نحو 1.7 مليار مسلم، ما يعادل نحو ربع سكان العالم. وتمتلك دول المنظمة 66% من احتياطي النفط العالمي، و60% من احتياطي الغاز الطبيعي. أما حصتها من الإنتاج العالمي فتبلغ 10.6%، ومن الصادرات 10.1%، ومن الاستثمارات الأجنبية المباشرة 11.3%. ورغم هذه الإمكانات الكبيرة، لا تزال دماء المسلمين تُراق في مختلف أنحاء الجغرافيا الإسلامية، ولا تزال المآسي تتوالى. فقد أكدت المجازر المستمرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، والهجمات الأخيرة على إيران خلال الأيام العشرة الماضية، أن العالم الإسلامي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بالنهوض والتوحد. فالخلاص لن يتحقق إلا بتشكيل قطب إسلامي واحد.
تشهد مدينة إسطنبول التركية، يومي 21 و22 يونيو، انطلاق أعمال الدورة الـ51 لاجتماع مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، تحت شعار "منظمة التعاون الإسلامي في عالم متحوّل"، وذلك بمشاركة غير مسبوقة من وزراء خارجية ومسؤولين رفيعي المستوى من دول العالم الإسلامي، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية. ويأتي هذا الاجتماع في ظل تصعيد خطير تشهده منطقة الشرق الأوسط بسبب استمرار الهجمات الإسرائيلية على كل من قطاع غزة وإيران، ما يضفي على اللقاء أهمية سياسية خاصة تتجاوز أطره الدبلوماسية المعتادة.
لن نسمح بسايكس بيكو جديدة
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة له خلال الاجتماع الحادي والخمسين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، دعا إلى ضرورة توحيد صفوف الدول الإسلامية في وجه التحديات المشتركة، قائلاً: "يجب أن تصبح الأمة الإسلامية قطبا مستقلا بذاته فنحن على أعتاب مرحلة سيلعب فيها العالم الإسلامي دورا أكبر بكثير". كما شدد على أن تركيا لن تسمح بتكرار سيناريوهات شبيهة باتفاقية "سايكس بيكو" في المنطقة.
مشاركة وزارية قياسية وحضور عربي لافت
من المرتقب أن يكون هذا الاجتماع الأكبر في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي من حيث حجم المشاركة. إذ يتوقع أن يصل عدد المشاركين إلى نحو ألف شخصية، بينهم 43 وزير خارجية و5 نواب وزراء، إلى جانب وفود من منظمات إسلامية ودولية.
ويشارك في الاجتماع ممثلون رفيعو المستوى من قرابة 30 منظمة دولية، منها الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة الدول التركية، ومنظمة التعاون الاقتصادي، ومنظمة التجارة العالمية، وغيرها.
وتشهد إسطنبول بالتزامن مع أعمال المؤتمر، ولأول مرة في تاريخها، استضافة "المؤتمر الاستثنائي لوزراء جامعة الدول العربية"، ما يضفي على الاجتماع طابعًا خاصًا من حيث التوقيت والدلالة السياسية.
تركيا في صدارة الفعاليات الإسلامية
تتمتع تركيا بسجل حافل في استضافة فعاليات منظمة التعاون الإسلامي. فقد سبق لها استضافة اجتماعات مجلس وزراء الخارجية أعوام 1976 و1991 و2004، وهذه هي المرة الرابعة التي تنظم فيها هذا الحدث.
كما كانت أول دولة تفتتح بعثة دائمة لدى المنظمة في جدة عام 2015، واستضافت القمة الإسلامية الثالثة عشرة عام 2016 على مستوى رؤساء الدول، وتولت رئاسة الدورة حتى عام 2019، كما نظّمت قمتين إسلاميتين استثنائيتين في 2017 و2018.
منظمة التعاون الإسلامي.. حضور عالمي وإمكانات هائلة
تعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم 57 دولة عضواً و5 دول بصفة مراقب، تمثل ما يقارب ربع سكان العالم بعدد إجمالي يبلغ 1.7 مليار نسمة. وتتميّز الدول الأعضاء بتركيبة سكانية شابة، إذ يبلغ من هم دون 24 عامًا نحو 60% من إجمالي السكان، ما يعكس طاقة بشرية ديناميكية.
وتحوز دول المنظمة على 66% من احتياطي النفط العالمي، و60% من احتياطي الغاز الطبيعي، كما تبلغ حصتها من الإنتاج العالمي 10.6%، ومن الصادرات 10.1%، ومن الاستثمارات الأجنبية المباشرة 11.3%.
تركيا تحتضن مؤسسات رئيسية تابعة للمنظمة
تستضيف تركيا 8 من مؤسسات منظمة التعاون الإسلامي، ما يجعلها في المرتبة الثانية بعد السعودية من حيث عدد المؤسسات المستضافة. كما تترأس لجنة "الكومسيك" (اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري)، وهي إحدى أهم اللجان الأربع الدائمة في المنظمة، ويتولى رئاستها الرئيس رجب طيب أردوغان شخصيًا.