
مدير معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق للأناضول: - ما يجري في قطاع غزة مقدمة فقط لما ستقوم به إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة حيث تسعى للقضاء على أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة - إسرائيل ماضية في تعزيز الاستيطان في الضفة والسيطرة "رسميا" على أوسع مساحة من الأرض وتشجيع الفلسطينيين على "الهجرة الطوعية" - تل أبيب عملت على إخلاء 32 تجمعا بدويا في السفوح الشرقية من الضفة وتنفيذ تهجير قسري ولم تحظ (هذه الجرائم) بالاهتمام العالمي - إسرائيل تسعى إلى أن يكون أقل عدد ممكن من الفلسطينيين في مناطق "ج" من خلال الترهيب والتهجير والممارسات المختلفة وخاصة في الأغوار
حذر مدير عام معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) جاد إسحاق من أن إسرائيل تسعى إلى تحويل الضفة الغربية المحتلة إلى "معازل" (مناطق معزولة)، واحتلال المنطقة "ج" بالكامل، وإنهاء أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية قادرة على الحياة.
وأضاف إسحاق، في مقابلة مع الأناضول بمكتبه في مدينة بيت لحم جنوبي الضفة، أن إسرائيل ماضية في تعزيز الاستيطان في الضفة، والسيطرة "رسميا" على أوسع مساحة من الأرض، وتشجيع الفلسطينيين على "الهجرة الطوعية".
ومنذ أن بدأت حرب الإبادة المتواصلة بقطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تتصاعد في إسرائيل دعوات من وزراء وأعضاء بالكنيست لتطبيق السيادة الإسرائيلية (الضم) على الضفة الغربية المحتلة.
ومطلع يوليو/ تموز الجاري، وقّع 14 وزيرا إسرائيليا، إضافة إلى رئيس الكنيست (البرلمان) أمير أوحانا، رسالة بعثوها إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، لدعوته إلى ضم الضفة الغربية المحتلة.
وبالتوازي مع حرب الإبادة في غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 998 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
وفي قطاع غزة، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية، خلفت أكثر من 196 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.
** مناطق معزولة
إسحاق قال إن "الحكومة الإسرائيلية ووزيرها (للمالية) المسؤول عن المستوطنين بتسلئيل سموتريتش يسعون إلى تحويل كل مناطق "ج"، بما في ذلك المحميات الطبيعية، إلى سيطرة الحكومة".
وأردف: "وبالتالي إبقاء الفلسطينيين في ما تبقى، ووضعهم في معازل مرتبطة بطرق أو أنفاق أو جسور، ولكن لا يوجد إمكانية الاستدامة والتطور في المستقبل".
وأفاد بأن "هناك تخوف من أن ما يجري في غزة هو مقدمة فقط لما ستقوم به الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية".
وأوضح أن "حرب إسرائيل على المخيمات، وتحديدا في الشمال (جنين ونابلس وطولكرم وطوباس)، واضح جدا أنها تحاول فرض الوقائع على الأرض".
ومنذ 21 يناير/ كانون الثاني، يشن الجيش الإسرائيلي عدوانا بدأه بجنين ومخيمها، ثم توسع إلى مخيمي طولكرم ونور شمس، وهدم خلاله آلاف الشقق السكنية ودمر البنية التحية، وهجّر المواطنين الفلسطينيين من المخيمات الثلاثة وأحياء مجاور لها.
إسحاق استطرد: "بحيث تتحول الضفة إلى مناطق وتجمعات إقليمية، وتقوم بمنح صلاحيات للتجمعات، إما من خلال العشائر أو قيادات ما، لإحكام السيطرة على الفلسطينيين".
"أي أنها (إسرائيل) تريد إنهاء أي فكرة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستدامة، وضرب أي محاولات فلسطينية لتحقيق حل الدولتين"، حسبما أضاف.
وزاد أن "المناطق المصنفة "أ" و "ب" ستكون عبارة عن تجمعات وكانتونات غير متصلة ببعضها البعض، وسيسمح للفلسطينيين بالبقاء فيها مع إجراءات معينة لتشجيعهم على السفر والمغادرة بشكل طوعي".
وصنفت "اتفاقية أوسلو 2" الموقعة عام 1995 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل أراضي الضفة إلى 3 مناطق.
وهذه المناطق هي "ألف" وتخضع لسيطرة فلسطينية، و"باء" لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"جيم" لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتقدر الأخيرة بنحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.
** تفريغ الأغوار
ووفق إسحاق، عملت إسرائيل في الفترة الأخيرة على إخلاء 32 تجمعا بدويا في السفوح الشرقية من الضفة (وتنفيذ) تهجير قسري، ولم تحظ (هذه الجرائم) بالاهتمام العالمي".
ووصف هذا الإجراء بأنه "جريمة حرب"، وقال إن "ما تسعى له إسرائيل هو أن يكون أقل عدد ممكن من السكان (المواطنين الفلسطينيين) في مناطق "ج"، ويأتي ذلك من خلال الترهيب والتهجير والممارسات المختلفة وخاص في الأغوار".
وبيّن أن "الأراضي التي كانت تُزرع من قبل الفلسطينيين في الأغوار حاليا لا يوجد أعداد كافية من المستوطنين لإقامة مستوطنات عليها، ولذلك أحضروا الماشية والأبقار، وحولوا تلك الأراضي إلى بؤر رعوية".
وأضاف أن 133 بؤرة رعوية تستولي على 250 ألف دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) في الأغوار، "ناهيك عن البؤر جنوب الخليل وما تتعرض له منطقة مسافر يطا من تهجير قسري يومي ومنع إقامة حتى خيمة للطلاب أو للسكن".
** مصادرة بثوب التسوية
وعن قانون تسوية الأراضي في الضفة، قال إسحاق إن "المملكة الأردنية عندما كانت تحكم الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، عملت على تسجيل الملكيات عام 1963".
وتابع: "غير أن ذلك لم يُستكمل مع حرب 1967 (احتلال إسرائيل خلالها مناطق فلسطينية بينها الضفة الغربية)، حيث قامت إسرائيل بإيقاف التسوية بشكل فوري في حينه".
وزاد أن أعمال التسوية بدأت منذ سنة ونصف في القدس المحتلة، حيث جرت عملية إعادة النظر في الأراضي والملكيات المسجلة باسم الأجداد.
وأوضح أن "كل ابن أو ابنة موجود في القدس سجلت الأملاك لهم، وفقد مَن يسكن خارج القدس أملاكهم".
"أي أن إسرائيل شرعنت لنفسها أنها هي البلد القادر على التسوية، وهذه مخالفة للقانون لأنها أراضي محتلة ولا حق للمحتل إجراء أي عملية التسوية"، كما أكد إسحاق.
وأردف: "اتخذ الكنيست قرارا بإجراء التسوية في مناطق "ج" بالضفة، رغم أن السلطة الفلسطينية قامت بالتسوية، لكنها (إسرائيل) لا تعترف بها".
وتابع: "وأصبحت اليوم هناك عملية تسجيل جديدة ومتطلبات جديدة من قبل الإدارة المدنية، وسنرى كم سنفقد من أراضي من خلال هذه العملية".
إسحاق ختم بوصف هذه العملية بـ"الخطيرة، لأنها أعطت لإسرائيل الحق بأنها هي السيد في أراضٍ محتلة، في ظل صمت عالمي لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم".