
الطلبة احتفلوا بنجاحهم وسط الركام والمنازل المدمرة وخيم النزوح في فرحة امتزجت بالحزن على من فقدوا منازلهم وأقاربهم وأصدقاءهم..
أعلنت وزارة التعليم الفلسطينية، الخميس، نتائج امتحانات الثانوية العامة "التوجيهي" الخاصة بطلبة قطاع غزة، وذلك بعد عامين من توقف المسيرة التعليمية جراء حرب الإبادة الإسرائيلية التي دمرت المدارس وشردت العائلات.
وجاء إعلان النتائج استثنائيا هذا العام، إذ احتفل الطلبة بنجاحهم وسط الركام والمنازل المدمرة وخيم النزوح، في مشاهد امتزجت فيها دموع الفرح بالحزن على من فقدوا منازلهم وأقاربهم وأصدقاءهم ومقاعدهم الدراسية.
** تعليم متوقف
ومنذ اندلاع الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، توقفت العملية التعليمية بالكامل في غزة، حيث تعرضت مئات المدارس والجامعات للدمار، فيما تحول جزء كبير منها إلى مراكز لإيواء النازحين.
كما فقد آلاف الطلبة دفاترهم وكتبهم وحتى ذكرياتهم المدرسية التي جرفتها الحرب.
ولتعويض الانقطاع القسري، بدأت وزارة التربية والتعليم العالي في أكتوبر الماضي إجراء اختبارات الثانوية العامة إلكترونيا لطلبة غزة من مواليد 2007.
وفي شوارع غزة ومخيمات النزوح، سادت أجواء فرح خجول بين الأهالي رغم بساطة الاحتفال وقسوة الواقع.
فالعائلات التي فقدت بيوتها وجزءا من أفرادها حاولت التعبير عن فرحتها بنجاح أبنائها عبر صور متواضعة، وأغان تشغل عبر مكبرات صغيرة، أو توزيع بعض الحلوى على الجيران في الخيام.
**طالبة من قلب النزوح
وقالت الطالبة ليلة القدرة، الحاصلة على معدل 96 بالمئة في الفرع العلمي، إن رحلتها نحو هذا المعدل "لم تكن سهلة في ظل الظروف القاسية التي عاشها طلبة غزة خلال الحرب".
وأوضحت للأناضول، أنها واجهت "صعوبات كبيرة بسبب الحرب والتجويع، وصعوبة الوصول إلى الدروس".
وتابعت: "ما كانت لدي رغبة للدراسة بسبب الإبادة، وعدم توفر القرطاسية والمراجع والطعام، وإن وجد فبأسعار مرتفعة جدا".
وأضافت أن الظروف لم تكن مناسبة لطالب توجيهي ليقرأ أو يستعد للامتحانات، لكنها حاولت قدر الإمكان المواظبة على الدراسة.
وقالت: "نزحنا ثلاث مرات، وكنا نقيم في خيمة وسط ارتفاع كبير في درجات الحرارة".
وأشارت إلى أن فترة الامتحانات كانت من أصعب المراحل، خاصة بسبب انقطاع الإنترنت المستمر.
وتابعت: "كنا نواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى أماكن يتوفر فيها الإنترنت، لأن الاختبارات كانت تجرى إلكترونيا".
وذكرت أن حلمها هو دراسة الطب، وهو أيضا حلم والديها، مؤكدة أن معدلها يسمح لها بتحقيق هذا المسار.
وقالت: "الاحتلال دمر الجامعات والبنية التحتية ليجعل الشعب الفلسطيني جاهلا، لكن طلبة غزة لا ييأسون، وتمكنوا من تحقيق معدلات مرتفعة رغم كل الظروف".
** استعادة التعليم الوجاهي
وفي مؤتمر صحفي، أعلن وزير التربية والتعليم العالي أمجد برهم من مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة نتائج امتحانات الثانوية العامة.
وقال برهم: "31 ألف طالب وطالبة من مواليد 2007 تقدموا لامتحانات الثانوية العامة في قطاع غزة".
وأوضح أن الوزارة، "رغم الحرب والدمار، تتجه نحو استعادة التعليم الوجاهي وتعافي العملية التعليمية في غزة"، مؤكدا أن لديهم خطة واضحة سيتم تنفيذها.
وأضاف: "المستحيل ممكن في غزة".
**خسائر القطاع التعليمي
وفي أحدث إحصائية له في أكتوبر الماضي، أظهر تقرير صادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة حجم الكارثة التي لحقت بالقطاع التعليمي خلال حرب الإبادة الإسرائيلية.
وبين التقرير أن 95 بالمئة من مدارس القطاع تعرضت لأضرار مادية متفاوتة، فيما يحتاج أكثر من 90 بالمئة من المباني المدرسية إلى إعادة بناء أو تأهيل رئيسي.
وبحسب التقرير، تعرض 668 مبنى مدرسيا لقصف مباشر يشكل نحو 80 بالمئة من إجمالي المدارس، في حين دمرت إسرائيل كليا 165 مدرسة وجامعة ومؤسسة تعليمية، وجزئيا 392 أخرى.
وأشار المكتب إلى الخسائر البشرية الفادحة في صفوف الطلبة والكوادر التعليمية، إذ تجاوز عدد الطلبة القتلى 13500 ، فيما حرم أكثر من 785 ألف طالب من حقهم في التعليم بفعل التهجير والدمار المستمر.
كما قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 830 معلما وكادرا تربويا، إضافة إلى 193 عالما وأكاديميا وباحثا، ما أدى إلى فقدان القطاع التعليمي نخبة واسعة من كوادره العلمية.
وأنهى اتفاق لوقف إطلاق النار بين تل أبيب وحماس، إبادة جماعية ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة بدعم أمريكي على مدى عامين منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 خلفت أكثر من 69 ألف قتيل فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء، مع إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة تكلفتها بنحو 70 مليار دولار.






