
عبر منشور مطوّل نشره على منصته للتواصل الاجتماعي في وقت متأخر من ليل عيد الشكر.
في تصعيد غير مسبوق لسياساته تجاه الهجرة، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه "تعليق الهجرة بشكل دائم من دول العالم الثالث"، وذلك عقب حادث إطلاق نار استهدف عنصرين من الحرس الوطني قرب البيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن، ما حوّل الحادث إلى نقطة اشتعال سياسية جديدة في واحدة من أكثر القضايا إثارة للانقسام داخل الولايات المتحدة
وجاء إعلان الرئيس عبر منشور مطوّل نشره على منصته للتواصل الاجتماعي في وقت متأخر من ليل عيد الشكر، استهله بعبارة تهنئة، قبل أن ينتقل إلى لهجة هجومية حادة ضد المهاجرين، متعهداً بإنهاء جميع المساعدات والإعانات الفيدرالية لغير المواطنين، وبتشديد إجراءات الإبعاد بحق كل من لا يرى في وجوده “قيمة مضافة” للبلاد ولم يوضح الرئيس الكيفية القانونية لتنفيذ هذا القرار الواسع، وسط مخاوف من صدامات جديدة مع القضاء والكونغرس، في ضوء تجارب سابقة أُسقطت فيها قرارات حظر مماثلة
وكان ترامب قد أعلن في وقت سابق من الليلة ذاتها وفاة سارة بيكستروم، إحدى عنصري الحرس الوطني المصابين في الهجوم الذي وقع قرب البيت الأبيض يوم الأربعاء الماضي ولا يزال العنصر الثاني، أندرو وولف، البالغ من العمر أربعةً وعشرين عاماً، في حالة حرجة ويخضع لعلاج مكثف
وتشير التحقيقات الأولية إلى أن منفذ الهجوم هو مواطن أفغاني دخل الولايات المتحدة في خريف عام ألفين وواحد وعشرين، ضمن برنامج لإجلاء الأفغان أُطلق في عهد الرئيس السابق جو بايدن عقب الانسحاب العسكري من أفغانستان. ووفق ما نقلته وكالة أنباء عالمية، حصل المتهم على صفة لاجئ في ربيع العام الحالي خلال الولاية الجديدة لترامب. كما أكدت وكالة الاستخبارات الأميركية أنه عمل سابقاً مع وحدات عسكرية مدعومة منها خلال سنوات الحرب في أفغانستان
وقد أُصيب منفذ الهجوم خلال العملية، ويخضع حالياً للحراسة المشددة في أحد المراكز الطبية، بينما تواصل السلطات تحقيقاتها لمعرفة دوافع الحادث وخلفياته الكاملة وفي الساعات التي تلت إطلاق النار، بدا واضحاً أن الإدارة الأميركية تتجه إلى استثمار الحادث لتبرير موجة جديدة من التشدد في ملفات الهجرة واللجوء
وفي هذا السياق، أعلنت دائرة خدمات الهجرة في وقت لاحق تعليق جميع معاملات الهجرة الخاصة بالأفغان إلى أجل غير مسمى، بانتظار مراجعة شاملة للملفات الأمنية. كما أعلنت وزارة الأمن الداخلي توسيع نطاق المراجعة ليشمل ملفات اللجوء التي مُنحت خلال ولاية الإدارة السابقة، من دون توضيح ما إذا كانت هذه المراجعة ستقتصر على جنسية واحدة أم ستشمل دولاً أخرى
كما أصدر مدير دائرة الهجرة توجيهات بإعادة فحص بطاقات الإقامة الدائمة الممنوحة لأجانب من دول تُعد "محل قلق"، بناءً على تعليمات مباشرة من الرئيس، مستنداً إلى قائمة حظر سفر سابقة شملت مواطني عدد من الدول
وعلى الصعيد الأمني، كانت قوات الحرس الوطني قد انتشرت في أنحاء واشنطن منذ أشهر، بعد إعلان "حالة طوارئ بسبب الجريمة". وبعد حادثة إطلاق النار الأخيرة، أمر ترامب بإرسال خمسمئة عنصر إضافي إلى العاصمة، في خطوة فُسّرت على أنها تصعيد أمني وسياسي في آن واحد. ورغم صدور حكم قضائي مؤخراً بإنهاء وجود الحرس في العاصمة، فقد جرى تعليق تنفيذ القرار مؤقتاً لإتاحة المجال أمام الإدارة للطعن فيه
وبينما تواصل الإدارة الأميركية تحركاتها المتسارعة في هذا الملف، تتصاعد المخاوف الحقوقية والقانونية من أن تقود هذه القرارات إلى موجة جديدة من النزاعات القضائية، وأن تُلقي بظلالها على مستقبل آلاف المهاجرين واللاجئين داخل الولايات المتحدة، في مرحلة تُعد من الأكثر حساسية في تاريخ سياسات الهجرة الأميركية






