"واي بي جي" الإرهابي.. الهدف المنشود من العرض والتهديد

08:3210/01/2025, الجمعة
تحديث: 10/01/2025, الجمعة
آيدن أونال

رغم أن الرئيس أردوغان يستخدم تعبير "قبضة من حديد في قفاز مخملي" إلا أنه في الواقع يمد كلتا يديه. ففي يده اليسرى يعرض اقتراحًا يتمثل في استخدام عبد الله أوجلان كوسيلة للتخلي عن السلاح بشكل تدريجي، بينما تحمل يده اليمنى تهديدًا يتمثل في وجود القوات المسلحة التركية في ذروة قوتها وتصميمها واستعدادها للتحرك. علينا أن نفهم جوهر العرض الذي يقدمه أردوغان بدقة: إذا كانت اليد اليمنى تمثل تهديدًا بجيش جاهز للتحرك في أي لحظة، فإن العرض الذي تقدمه اليد اليسرى ليس عملية تفاوض أو مساومة أو تنازلات متبادلة، بل

رغم أن الرئيس أردوغان يستخدم تعبير "قبضة من حديد في قفاز مخملي" إلا أنه في الواقع يمد كلتا يديه. ففي يده اليسرى يعرض اقتراحًا يتمثل في استخدام عبد الله أوجلان كوسيلة للتخلي عن السلاح بشكل تدريجي، بينما تحمل يده اليمنى تهديدًا يتمثل في وجود القوات المسلحة التركية في ذروة قوتها وتصميمها واستعدادها للتحرك.


علينا أن نفهم جوهر العرض الذي يقدمه أردوغان بدقة: إذا كانت اليد اليمنى تمثل تهديدًا بجيش جاهز للتحرك في أي لحظة، فإن العرض الذي تقدمه اليد اليسرى ليس عملية تفاوض أو مساومة أو تنازلات متبادلة، بل هو بمثابة حبل نجاة ممدود لحل القضية بسلاسة وهدوء وبأسلوب ينم عن رحابة صدر الدولة ومرونتها. 


ويبدو أن التيار الأوسع داخل حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب (DEM) قد فهم جيدًا طبيعة هذا العرض والتهديد المصاحب له. كما يبدو أن تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي في شمال سوريا يدرك جدية الموقف.


أما الجناح المتشدد داخل حزب "DEM" وكوادر قنديل، فقد أظهرا من خلال تصريحاتهما عدم اكتراثهما بالعرض أو التهديد.


دعونا نضع مكونات المعادلة في مكانها الصحيح: لم تعد تركيا تواجه مشكلة مع تنظيم "بي كي كي" الإرهابي في شمال العراق منذ فترة طويلة. فقد قضت الإجراءات المتخذة لمكافحة الإرهاب، ولا سيما استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار وتأمين الحدود، على التهديدات القادمة من شمال العراق. وبدوره ركز " تنظيم "بي كي كي" جهوده في سوريا، مدفوعا بهذه الإجراءات وبالحلم بإقامة دولة في شمال سوريا.


إن تنظيم "بي كي كي/ واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا مشتركًا لكل من تركيا والإدارة الجديدة في سوريا. أما حلمهم بإنشاء دولة إرهابية تحت قيادتهم في شمال سوريا، فقد تبدد وأصبح من الماضي. 


ولا تبدي كل من أنقرة ودمشق أي تسامح مع أي مشروع لإنشاء نظام فيدرالي أو حكم ذاتي أو إقليمي أو محاصصة في المنطقة. والخيار الوحيد المتبقي هو أن يلقي التنظيم الإرهابي أسلحته ويغادر عناصره الأراضي السورية، فليس هنالك خيار آخر.


لنؤكد على النقطة التالية: إن تهديدات تركيا وعروضها موجهة بشكل أساسي إلى "واي بي جي" الإرهابي في شمال سوريا. فالتنظيم الذي يطلب منه التخلي عن أسلحته وحل نفسه هو "واي بي جي". ولا توجد لدى الدولة أي توقعات أو آمال مماثلة بشأن تنظيم "بي كي كي" الإرهابي في شمال العراق. هذا ما يتضح جليًا من تصريحات قادة "بي كي كي" في قنديل والمتشددين من حزب "DEM". فإذا استجاب "واي بي جي" لدعوة أوجلان وألقى سلاحه وحل نفسه، فإن "بي كي كي" سينحصر في شمال العراق. وبالتالي، ستصبح المسألة شأنًا عراقيًا، وشأنًا لحكومة شمال العراق وإيران. وستراقب تركيا التطورات من منطقة آمنة.


إذا وجه أوجلان دعوة لوقف إطلاق النار، فلن يبقى لحزب (DEM) في الداخل ولا لتنظيم " واي بي جي" الإرهابي في الخارج أي مجال للمناورة. وإذا لم تُلقَ الأسلحة، فستقوم القوات المسلحة التركية بقمع "واي بي جي" الإرهابي بقبضة من حديد، بغض النظر عن دعم الولايات المتحدة أو إسرائيل. وفي ظل مثل هذا الوضع الحربي، سيكون وضع حزب(DEM) في الداخل صعبًا بلا شك.


إن هدف تركيا الأساسي هو القضاء على وحدات "واي بي جي" الإرهابي. فباستئصال هذا التنظيم، تكون الثورة السورية قد اكتملت،، وستعزز تركيا مكانتها كقوة مؤثرة على الساحة العالمية. أما تنظيم "بي كي كي" الإرهابي فسيبقى مجرد مسألة ثانوية، وسيتم القضاء عليه تدريجياً. ولذلك لا تحمل تصريحات المتشددين داخل حزب الشعوب الديمقراطي أو محاولاتهم للمساومة أي قيمة.


ويتضح من تصريحات الرئيس أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان أن القوات المسلحة التركية في حالة تأهب قصوى لأي مواجهة محتملة. وتؤكد تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب الأخيرة على تصميم تركيا ورئيسها. 


نتمنى أن يتم حل المشكلة دون إراقة قطرة دم، ولكن إذا لم يتم ذلك بالطرق السلمية، فإن تركيا مستعدة للذهاب إلى أقصى الحدود، بما في ذلك الدخول في صراع ساخن مع الولايات المتحدة.


عندما انسحب الجيش العثماني من الجبهة السورية، كان قد حكم عليه بمعاهدة سيفر؛ والتاريخ يعيد نفسه، فإذا انسحبت تركيا من الجبهة السورية، فلن تفقد تركيا مكانتها كقوة مؤثرة فحسب، بل ستواجه أيضاً تحديات داخلية كبيرة.

#واي بي جي
#بي كي كي
#الإرهاب
#سوريا
#تركيا