بات الدعم غير المشروط لإسرائيل في الولايات المتحدة يفقد زخمه بسرعة بين صفوف الناخبين الشباب، بعدما ظل حكرًا على الناخبين الأكبر سنًا في الحزبين الجمهوري والديمقراطي. هذا التحوّل يعكس ملامح مستقبل السياسة الأميركية تجاه إسرائيل.
بالنسبة إلى الشباب، أصبحت "القضية الإسرائيلية" بمثابة حاجز ينبغي تجاوزه لتغيير أحزابهم من الداخل، وهم يضغطون بقوة على القيادات الحزبية التي تحاول بدورها مقاومة هذه الموجة. فالشباب الديمقراطيون، على وجه الخصوص، لا يتوانون في محاصرة النواب والشيوخ الموالين لإسرائيل خلال كل فعالية انتخابية، ويعلنون أن السياسيين الذين يتلقون تبرعات من جماعات مرتبطة بـ اللوبي الإسرائيلي شركاء في "جريمة الإبادة".
من المتوقع أن تشهد انتخابات 2026 في أميركا مواجهة حادة بين مرشحين مدعومين من اللوبيات المؤيدة لإسرائيل ومرشحين يطالبون بإنهاء هذا الدعم. بالفعل، أعلن عدد من الديمقراطيين ترشحهم لمنافسة السياسيين الموالين لإسرائيل. ومن الأمثلة البارزة على ذلك، السيناتور الجمهوري سوزان كولينز، التي تشغل مقعدها منذ عام 1996، إذ تواجه منافسًا جديًا هو العسكري السابق غراهام بلاتنر.
وخلال مشاركته في فعالية مع السيناتور بيرني ساندرز، قال بلاتنر: "أموال دافعي الضرائب الأميركيين يجب أن تُستخدم لبناء مدارس ومستشفيات هنا، لا لتمويل القنابل التي تدمّرها في غزة". وقد قوبلت كلماته بتصفيق حار من الحاضرين.
المعركة مع المرشحين الموالين لإسرائيل لا تقتصر على الحزبين فقط، بل تمتد داخل الحزب الواحد أيضًا. إذ أن اللوبيات الإسرائيلية ضاعفت إنفاقها في انتخابات 2024 بسبب تنامي الأصوات الديمقراطية الناقدة لإسرائيل. ومع ذلك، يبدو أن ضخ الأموال في انتخابات 2026 سيواجه استجابة أقل، لأن غضب القاعدة الديمقراطية من إسرائيل لم يعد أمرًا عابرًا.
رفض الدعم الأميركي لإسرائيل بات حاضرًا في كل المنابر. فقد شهد مجلس الشيوخ مؤخرًا حادثة لافتة حين عطّل ضابطان سابقان جلسة لجنة العلاقات الخارجية متهمين الحكومة الأميركية وأعضاء اللجنة بالتواطؤ مع إسرائيل في ارتكاب الإبادة بغزة.
الضابط أنتوني أغيلار والعقيد السابقة في الاستخبارات العسكرية جوزفين غيلبو وجها الاتهام مباشرة إلى واشنطن. رئيس اللجنة الجمهوري جيمس ريش، المعروف بتلقيه تبرعات ضخمة من جماعات اللوبي الإسرائيلي، طالب بإيداعهما السجن.
وكان أغيلار قد نشر في وقت سابق مقاطع مصورة تُظهر مرتزقة تابعين لما يسمى بـ "مؤسسة المساعدات الإنسانية لغزة"، التي أنشأتها إدارة ترامب، وهم يقتلون مدنيين كانوا يسعون للحصول على المساعدات. وأوضح أن هذه المؤسسة لم تكن سوى "فخاخ موت" للفلسطينيين، ما دفعه للاستقالة من عمله فيها.
وفي جانب آخر، ظهر الانقسام حتى داخل ما يُعرف بـ "المعسكر الترامبي". فقد شهدت مؤتمر المحافظين الوطنيين في واشنطن – وهو منصة فكرية لليمين الجديد أطلقها المفكر الإسرائيلي يورام حزوني عام 2019 – نقاشات ساخنة حول طبيعة التحالف الأميركي ـ الإسرائيلي.
مدير مجلة The American Conservative (المحافظ الأمريكي)، كيرت ميلز، ألقى كلمة بعنوان: "أولويتنا إسرائيل أم أميركا؟"، انتقد فيها مشاركة الولايات المتحدة في حروب إسرائيل قائلاً: "لماذا نخوض هذه الحروب؟ ولماذا تصبح أزمات إسرائيل مسؤولية أميركا؟" مؤكّدًا أن على واشنطن رفض ذلك.
كما هاجم ميلز محاولات قمع الانتقادات لسياسات إسرائيل بذريعة "معاداة السامية". في المقابل، ردّ الأكاديمي المؤيد لإسرائيل ماكس أبرامز واصفًا التيار الترامبي الناقد للتحالف مع إسرائيل بـ "الانعزاليين" الذين يسعون لتقييد أميركا.
الخلاصة: أصبحت إسرائيل اليوم خطًا فاصلًا يقسّم المشهد السياسي الأميركي من اليمين إلى اليسار. وبينما تتعمق أزمات السياسة الخارجية الأميركية، يبرز الموقف من إسرائيل كاختبار حاسم يحدد شكل التحوّل الذي قد تشهده واشنطن في السنوات المقبلة.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة