لقي الناشط المسيحي المحافظ الأمريكي الشهير تشارلي كيرك حتفه بعدما أُطلق عليه الرصاص من قِبل قناص أثناء إلقائه كلمة في حرم جامعي أمام جمهور يضم مئات الآلاف من المتابعين. كان كيرك، أحد أبرز وجوه المعسكر الترامبي، المؤسس القيادي لمنظمة الشباب نقطة تحول الولايات المتحدة الأمريكية Turning Point USA.
ومن المفارقات أن كيرك (31 عاماً) كان من أبرز المدافعين عن الحق الفردي في حمل السلاح، إذ تعرض للطعن الرصاصي من قِبل قناص يبلغ من العمر 22 عاماً بينما كان يجيب عن أسئلة تتعلق بعنف السلاح. لقد صار المدافع عن السلاح نفسه ضحية لعنفٍ مسلح.
لعب كيرك دورًا بارزًا في حملة 2024 التي مهدت لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، وكان بصفته إنجيليًا مناصراً قوياً لإسرائيل. لكن سياسات إسرائيل في غزة، التي تُوصف بأنها إبادة جماعية كاملة الأوقات، أبعَدت أكثر من نصف الشباب الناخبين المؤيدين للحزب الجمهوري عن دعمها. وبصفته زعيمًا شبابيًا، شعر كيرك بأنه مُلزَم بالاستماع لصوت الناخبين الشباب الذين يرون أن شعار "أميركا أولًا" لا يعني بالضرورة "إسرائيل أولًا".
وفي الانقسام الذي ظهر داخل المعسكر الترامبي بشأن مشاركة الولايات المتحدة في حروب إسرائيل، تحالف كيرك مع شخصيات مثل تاكر كارلسون، ومستشار البيت الأبيض السابق ستيف بانون، والنواب الجمهوريين مارجوري تايلور غرين وتوماس ماسي.
في تموز/يوليو، ألقي تاكر كارلسون كلمة في فعالية لـTurning Point USA شنَّ فيها هجومًا لاذعًا على ما وصفه بـ"اللوبي الإسرائيلي" مستندًا إلى ملفات إيبستين؛ ما دعا بعض الأصوات الصهيونية إلى اتهام كيرك بمنح منصات للخطاب «المعادٍ للسامية». من جهته، كان كيرك يؤكد دائمًا أنه ضد تقييد حرية التعبير بذريعة مكافحة معاداة السامية، وأن نقد حكومات إسرائيل لا يساوي بالضرورة عداءً لليهود. لكنّ هذا الموقف لم يكن مقبولًا لدى كثير من الصهاينة.
كان كيرك يرى أن مشاركة الولايات المتحدة في حروب إسرائيل تمثل انحرافًا عن أجندة "أميركا أولًا" التي يحملها ترامب؛ إذ كان يعتقد أن على إسرائيل خوض حروبها بنفسها دون إلزام الولايات المتحدة بالدخول في نزاع مباشر. واعتقاده أن اندخال أمريكا في حرب من أجل إسرائيل سيكبد حركة MAGA خسائر كبيرة أثار غضب الصهاينة والمحافظين الجدد، فاتهموه بالتيار «المعادٍ لإسرائيل». لكن هناك من الصهاينة من حذر من تشويه سمعة كيرك بهذا الاتهام خشية فقدان جذوة الشباب الموالي لحركة MAGA. بحسب هؤلاء، استبعاد زعيم شبابي موالٍ لإسرائيل مثل كيرك قد يقضي على تواصل الحركة مع قواعدها الشابة.
في 20 تموز/يوليو 2025، نشر موقع جيروزاليم بوست مقالة بعنوان «دور تشارلي كيرك في الدفاع عن إسرائيل والشرخ بين الأجيال» بقلم بيساخ ووليكي، لافتًا إلى تحوّل تيار الجمهوريين الشباب تجاه مواقف أكثر نقدًا لإسرائيل. وحذّر ووليكي من أن فقدان كيرك للشباب لا يُحتمل، مؤكّدًا أن الجماعات المؤيدة لإسرائيل يجب أن تفهم حساسيات شباب ماغا وإلا فسيصعب استعادتهم. واعتبر ووليكي أن كيرك، بامتلاكه وصولاً واسعًا إلى شباب ماغا، يشكّل أصلًا ثمينًا يجب الحفاظ عليه لصالح إسرائيل.
كان كيرك أيضًا ناقدًا لتدخلات الولايات المتحدة العسكرية في أفغانستان والعراق وليبيا. واعتبر أن السبب الرئيسي لدعم شباب ماغا لترامب هو وعده بعدم إعلان حروب جديدة، وقال إن «آخر شيء تحتاجه أمريكا الآن هو حرب جديدة؛ وأولويتنا القصوى يجب أن تكون السلام بأسرع ما يمكن».
في المقابل، يبدو أن بنيامين نتنياهو يريد إشعال منطقة كاملة بدعم أميركي كامل. إذ يطلب من الأميركيين المشاركة في حروبه ليس فقط عبر أموال الضرائب بل أيضًا عبر جنودهم. لذلك فإن قواعد شباب ماغا التي تسعى لترسيم مبدأ "أميركا أولًا" كحدٍ لا يتعدّاه دعم إسرائيل تمثل موقفًا مرفوضًا من قبل لوبيات الصهيونية. هذه اللوبيات تضغط لتُقرأ عبارة "أميركا أولًا" على أنها «إسرائيل أولًا». وأي محاولة داخل معسكر ماغا لعرض "أميركا أولًا" بمعنى "أميركا فقط" تُستخدم عند البعض ذريعة لإعلان المعلنين والمتشككين «معادين للسامية».
من الجوانب اللافتة في قضية اغتيال تشارلي كيرك أن الشاب القاتل نشأ في بيئة محافظة جدًا داخل أسرة جمهورية متشددة، وظهرت صور له وهو يحمل أسلحة في طفولته. إن ثقافة السلاح التي تُمنح قداسة رمزية تواجه الآن ارتدادًا عنيفًا يؤذن بانهيار داخلي في أمريكا. ومن غير المرجّح أن تُمكّن إشعال حروبٍ لا متناهية في الخارج الولايات المتحدة من تجاوز تآكلها الداخلي الناجم عن عنف السلاح والثقافة المتطرفة.
اسم BIST محمي مع الشعار وفق شهادة ماركة محمية، لا يجوز الاستخدام دون إذن، ولا يجوز الاقتباس ولا التحوير، كل المعلومات الواردة تحت شعارBIST محفوظة باسم BIST ، لا يجو إعادة النشر. بيانات السوق توفرها شركة iDealdata Finans Teknolojiler A.Ş. بيانات أسهم BİST تتأخر 15 دقيقة