إسرائيل في صدام مع شعار "أميركا أولاً"!

08:5316/09/2025, الثلاثاء
تحديث: 30/09/2025, الثلاثاء
عبدالله مراد أوغلو

مقتل تشارلي كيرك، أحد أبرز قادة الشباب في حركة "أميركا أولاً" و"لنجعل أميركا عظيمة مجددًا (MAGA)" الترامبية، يبدو أنه منح الجمهوريين طاقة سياسية جديدة. ولا نعلم ما إذا كان قاتل كيرك قد خطط لمثل هذه النتيجة أو توقعها. كما أن الدوافع الحقيقية وراء هذا الاغتيال لم تتضح بعد. الطريق الذي ستسلكه منظمة "تحول أمريكا" (Turning Point America - TPUSA)، التي كان يقودها كيرك، قد يجيب عن بعض التساؤلات. كيرك، المعروف بولائه القوي لإسرائيل، بدأ في الفترة الأخيرة يبتعد عن هذا الخط، واتخذ موقفًا يدعو إلى عدم مشاركة

مقتل تشارلي كيرك، أحد أبرز قادة الشباب في حركة "أميركا أولاً" و"لنجعل أميركا عظيمة مجددًا (MAGA)" الترامبية، يبدو أنه منح الجمهوريين طاقة سياسية جديدة. ولا نعلم ما إذا كان قاتل كيرك قد خطط لمثل هذه النتيجة أو توقعها. كما أن الدوافع الحقيقية وراء هذا الاغتيال لم تتضح بعد.

الطريق الذي ستسلكه منظمة "تحول أمريكا" (Turning Point America - TPUSA)، التي كان يقودها كيرك، قد يجيب عن بعض التساؤلات. كيرك، المعروف بولائه القوي لإسرائيل، بدأ في الفترة الأخيرة يبتعد عن هذا الخط، واتخذ موقفًا يدعو إلى عدم مشاركة الولايات المتحدة في حروب إسرائيل. وهو الموقف الذي لم تكن إسرائيل لترغب برؤيته في كيرك أو في منظمته.


حين أعلن كيرك صراحة أن شعار ترامب "أميركا أولاً" لا يعني "إسرائيل أولاً"، سارع المحافظون الجدد الصهاينة إلى اتهامه بـ "معاداة السامية". واللافت أن هؤلاء أنفسهم يحاولون اليوم إبراز مدى "انحياز كيرك لإسرائيل" بهدف حرف مسار منظمة "تحول أمريكا"، وسحب جناح "أمريكا أولاً" داخل حركة MAGA من أمام ترامب الذي بات منقادًا وراء إسرائيل. فنتنياهو يسعى إلى إشعال حروب جديدة، ولا يمكنه المضي فيها من دون إشراك مباشر للولايات المتحدة.


حتى إن ترامب قبل أشهر قليلة لم ينجح ـ أو لم يرد ـ منع إسرائيل من قصف قطر، رغم أنه كان قد تعهد سابقًا بحمايتها من أي اعتداء خارجي. واتضح أن ترامب لا يملك القوة أو الإرادة الكافية للضغط على نتنياهو لتغيير سلوكه. بل على العكس، يبدو أن نتنياهو هو من يوجّه ترامب كيفما يشاء. ألم يقل نتنياهو في مطلع الألفية، خلال حديث خاص: "أنا أعرف ما هي أميركا. أميركا شيء يمكن تحريكه بسهولة ودفعه بالاتجاه الصحيح. هم لن يعيقوك"؟


حين ظهرت هذه المقاطع المصورة عام 2010 أثارت ضجة واسعة. وكتب جدعون ليفي في صحيفة "هآرتس" أن نتنياهو يتعامل مع واشنطن وكأنها بين يديه، ويعتقد أنه قادر على خداعها دائمًا. وبالفعل، منذ عام 2001 وحتى اليوم، حصلت إسرائيل على كل ما أرادته بغض النظر عمّن يسكن البيت الأبيض. ولنا في غزو العراق مثال واضح، حيث لعب المحافظون الجدد المؤيدون لإسرائيل دورًا محوريًا في دفع إدارة جورج بوش الابن نحو الحرب، مستفيدين من نفوذ "اللوبي الإسرائيلي" داخل الكونغرس.


حتى باراك أوباما، الذي كان يُقال إن علاقته مع نتنياهو متوترة، وقع اتفاقًا يمنح إسرائيل 3.8 مليار دولار سنويًا كمساعدات عسكرية على مدى عشر سنوات. ورغم أن الاتفاق تضمّن بعض القيود على كيفية استخدام هذه الأموال، إلا أن إسرائيل نجحت سريعًا في التخلص منها. أما جو بايدن فقد وضع ما سماها "خطوطًا حمراء" أمام إسرائيل في غزة، لكن نتنياهو داسها مرارًا وأحرج بايدن، وهو ما ساهم في هزيمة الديمقراطيين في انتخابات نوفمبر 2024.


في ولايته الثانية، توهّم ترامب أنه قادر على اتباع سياسة شرق أوسطية مستقلة عن إسرائيل. فزيارته الخليجية التي تجاوز فيها إسرائيل، واتفاقه على وقف إطلاق النار مع الحوثيين، خلقت توقعات بأن شعاره "أميركا أولاً" سيتحول إلى سياسة فعلية. لكن اليوم يبدو ترامب بعيدًا جدًا عن ذلك. إذ يحاول نتنياهو فرض هيمنته الإقليمية عبر تقسيم سوريا إلى كانتونات، فيما يواكب ترامب خطواته بقصف إيران. هذا التحول السريع في موقف ترامب أثار تساؤلات كثيرة حول أسبابه، لكن تهاونه حتى مع قصف قطر يكشف حجم عجزه. والنتيجة أن نتنياهو يطلق النار في كل الاتجاهات من فوق أكتاف ترامب.


جناح MAGA الرافض للحروب اللانهائية غاضب من هذا الوضع، ولا يتقبل أن تتحول سياسة "أميركا أولاً" إلى "إسرائيل أولاً". بالنسبة إليهم، ما يجري أشبه بـ "ذيل يهز الكلب"، وهو ما لا يمكنهم السكوت عنه، لذلك ارتفعت أصواتهم اعتراضًا. هذه الأصوات باتت تزعج ترامب وتقرع أذنيه.


ومن المعروف أن ترامب منزعج من احتجاجات قواعده الشعبية داخل MAGA. وتتردد شائعات عن عروض مالية ضخمة قدمت من جهات مرتبطة بإسرائيل لمنظمة "تحول أميركا"، غير أن كيرك رفضها. لذلك، فإن اغتيال كيرك أثار تساؤلات حول ما إذا كانت المنظمة ستتعرض الآن لمحاولة تفكيك أو "عملية تصفية".

#أميركا أولاً
#حركة ماغا
#تشارلي كيرك
#اللوبي الإسرائيلي
#نتنياهو وترامب
#المحافظون الجدد